قلت له متسائلا:
ـ الحزن امتداد لا حصر له، 
و الفرح مسافة جسر. 
لكنني أحيانا، يا جبران أبتي،
أجدُني بين منزلتين: 
لا أعرف إن ما بداخلي حزن،
أو ما يختلجني مسرّة. 
غموض المشاعر أصعب. 
و في الحالتين أقول: 
ـ ما دمتُ أشعرُ بشيء، فأنا حيّ... 
لكن، لمّا أفقدُ الإحساس بكلّ شيء، 
لمّا لا حزن، و لا فرح، 
فذاك الموت بعينه...
فما الفرح، أبتي جبران، و ما الحزن؟
أجابني جبران قائلا:
ـ فرحكم هو حزنكم مجردًا من القناع. 
ونفس البئر الّتي كانت ترتفع منها ضحكاتكم، 
كانت مليئة بدموعكم في أكثر الأحيان. 
عندما تحسّ بالفرح، 
أنظر عميقًا في قلبك، 
وسوف تجد أنّ ما أعطاك حزنًا في السّابق، 
وحده الّذي يعطيك الفرح الآن. 
عندما تشعر بالحزن، 
تطلع ثانية في قلبك، 
وسوف ترى أنّك في الحقيقة تبكي 
من أجل ذاك الّذي كان بهجة لك. 
البعض منكم يقول: “الفرح أعظم من الحزن”. 
ويقول آخرون: “كلاّ، بل الحزن هو الأعظم”.
لكنّني أنا أقول لكم، 
لا يمكن الفصل بينهما. 
معًا يأتيان، 
وحينما يجالسك واحد منهما بمفرده على الطّاولة، 
تذكّر، أنّ الثّاني ينام في سريرك.

ـ لروحك السلام أبي الروحي جبران خليل جبران






Share To: