. مجدالدين سعودي
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
استهلال
_ _ _ _ _
(تحياتنا والعبير) ل(كريمة نور عيساوي) العبير ...
تجد كريمة في الحوار الشيق وكتابة الشعر والدراسات النقدية..
وتحدثت عيساوي عن بداية رحلتها مع الكتابة قائلة: "لم تكن رحلتي مع الكتابة رحلة عادية فأنا لم أخطط للوجهة ولم أحدد التاريخ، سافرت دون جواز سفر، على امتداد رحلتي القصيرة كنت أحاول لف الحروف بالورد، وسقيها بعبق الياسمين لعلها تستطيع رتق ما هرب من درج الذاكرة التي شاخت، ولم تعد تتوانى عن تمرير الممحاة بسرعة على أجمل اللحظات 2)
تختم كريمة نور عيساوي دوما أحاديثا وومضاتها بعبارة بمنتهى البهاء الانساني : (
(تحياتي والعبير).
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
العبير والسيرة الذاتية
_ _ _ _ _ _ _ _ _
سنحاول أن نختصر سيرتها الذاتية العلمية والأدبية فيما يلي:
د. كريمة نور عيساوي تخصص: تاريخ الأديان / جامعة عبد المالك السعدي / تطوان
من مواليد مدينة فاس المغرب، حاصلة على شهادة دكتوراه في علم مقارنة الأديان من جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس،أستاذة تاريخ الأديان وحوار الحضارات بكلية أصول الدين جامعة عبد المالك السعدي تطوان، لها العديد من الإصدارات حول تاريخ الأديان، تهتم بقضايا المرأة، شاعرة وكاتبة قصة، تشغل حاليا رئيسة مركز تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية ولها عضويات بعدد من المراكز البحثية الدولية والعربية، من إصداراتها:
-موسوعة: الديانات السماوية: الكلمات – المفاتيح (اليهودية)، منشورات مختبر حوار الحضارات ومقارنة الأديان، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس، فاس، 2011
-مدخل إلى نقد التوراة، رؤية من الداخل، منشورات ديهيا، بركان، 2015
-التوراة من التدوين إلى النقد، دار الوراق، الأردن 2017
-عزرا كاتب التوراة بين الأسطورة والتاريخ، المركز الأكاديمي للأبحاث،بيروت2017
-دراسات في النص الدين المقارن، المركز الأكاديمي للأبحاث، بيروت2017
– التوراة من التدوين إلى النقد دراسة في سفر التكوين لقضايا الخلق والخطيئة والطوفان وبرج بابل، المركز الأكاديمي للأبحاث،بيروت2019
-إبداعات نسوية مغربية، دار المثقف الجزائر 2017
– صهيل من فلوات الأرواح، دار ديهيا، بركان المغرب 2017
.- بقايا امرأة من منشورات مركز تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية فاس المغرب 2020
قراءات انطباعية لقضايا دينية واجتماعية، تحت الطبع
خلف النافذة ديوان شعري تحت الطبع
ولي دراسات وبحوث في الحقول الفكرية والإبداعية المذكورة أعلاه والمنشورة في مجلاّت علمية محكّمة وعامة، شاركت بها في مؤتمرات عربية ودولية، و حصلت على شهادات تدريبية وتكريمية في حقول الأديان والمرأة والشعر.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
حول متاهات الفايسبوك وأخواته
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
من أسباب الغزو الفايسبوكي وأخواته :
( لعل أهمها سرعة وسهولة استخدامها، وكذا بساطتها حيث أضحى الوصول إلى هذه الشبكات بمختلف أنواعها ومُسمياتها: فيسبوك (Facebook). تويتر (Twitter) يوتيوب (YouTube) لينكد إن (Linked in). بنترإيست (Pinterest) جوجل بلس (Google Plus) تمبلر (Tumblr) إنستغرام (ب (Instagram) ماي سبيس (Myspace). متاحا وفي متناول الجميع، وذلك بغض النظر عن مجمل الفروق التعليمية والفواصل المعرفية والتفاوت الاجتماعي، فالأمر لا يتطلب في نهاية المطاف سوى معرفة متواضعة بكيفية ولوج شبكة الإنترنيت، وتقنيات سهلة جدا لاستخدام الهواتف الذكية التي تُمكن المستخدم من التواصل مع من يشاء، وفي أي وقت يشاء، وفي أي مكان شاء. فالعالم أصبح فعلا عبارة عن قرية صغيرة يمكن لأي واحد منا، ودون جواز سفر ودون تأشيرة، التجول في مختلف شوارعها وأزقتها، بل تعدى الأمر إلى درجة اقتحام كل بيوتها المشرعة أو الموصدة.
لقد غزت مواقع التواصل الاجتماعي جُل بيوتنا إلا من رحم ربك، واستطاعت التقريب بين أفراد عائلاتنا المغتربين في شتى أصقاع العالم، كما جعلتنا نعيش معهم مختلف لحظات السعادة والفرح ونتقاسم معهم مشاعر الحزن والألم، إلا أنها خلقت، في المقابل، نوعا جديدا غير مسبوق من التباعد بين أفراد الأسرة الواحدة، وأدت إلى خلق فجوة واسعة بينها، وكسرت لُحمة العائلة وجمعها وغيبت الألفة، فاختفى الحوار، وأصبح اللقاء جسديا. أما اللقاء الروحي فالله وحده يعلم أين ذهب وكيف غاب واختفى؟ 2)
وتضيف:
وقد ترتب عنها تزايد الرواد المدمنين على متابعة صويحباتها، مُتخلين عن مختلف واجباتهم الأسرية، وقد حجزوا لأنفسهم مكانا إما داخل البيت في ركن قصي بعيد عن الأنظار أو في مقهى منزويا في ركن شبه مظلم، هذا في الوقت الذي تنخرط فيه الأم في الحديث أو الثرثرة ضمن مجموعات رياضية أو في مجموعات في العمل أو مجموعات أخرى. وقد تتجول دون هدف أو بوصلة في الفيس بوك أو الانستغرام إلى أن تتربص بها بعض التماسيح التي تنتهز فرصة الفراغ الذي تعانيه فتقع فريسة علاقات مشبوهة قد تكون سببا مباشرا في خراب عشها الزوجي، وفي تفكك أسرتها أو الدخول في متاهات لا يمكن الخروج منها إلا بشق الأنفس أو بعاهة نفسية مستديمة2
فكم من رجل ناضج ضيع أمان بيته، وحطم أسرته، وكم من سيدة محترمة ندمت بعد فوات الأوان، وكم من أطفال انتحروا غبنا، وكم من أسر تشردت.
وإذا ما سلم الفرد من شهوة التبضع الإلكتروني أو نجا من متاهات الألعاب المتقنة التي سلبت ألباب الكبير قبل الصغير أو قاوم بشراسة إغراءات الغزل العفيف أو غير العفيف فإن هذا لا يعني بأي حال من الحال أنه قد نفذ بجلده، فقد يقع دون أن يدري في أيدي فيالق إلكترونية مدربة تُفتي دون علم و تُحرض على القتل، و على استباحة الدماء لمجرد اختلاف في الرأي أو في العقيدة.2
_ _ _ _ _ _ _ _
حول الابداع والشعر
_ _ _ _ _ _ _
"لذا كان الشعر والإبداع هو شراع المبدعين والكتاب، يحاولون من خلاله توجيه السفينة والرسو ولو مؤقتًا في بر الأمان، لذلك وجدتني أرغب في رفع النقاب المسدل، في برجي البعيد الذي كان يحجبني، وأخرج لألوح بديواني الثاني (بقايا امرأة)، وكتاب (قراءات انطباعية لقضايا دينية ومجتمعية)، كما أنني للتو أغلقت نافذتي وأغلقت معها دفتي ديواني الأخير (خلف النافذة)".
__ _ _
حول الكتابة
_ _ _ _ _ _
حول الكتابة تقول د. كريمة نور عيساوي : “الكتابة هوس إنساني وسمو في عالم الكلمة، وتحليق في سماء الإبداع خارج رتابة الحياة المضنية، إنها الانفلات من اللحظة الهاربة والانسلاخ عن الواقع الكئيب، ومن ربقة الزمن، هي العيش في الأحلام المشتهاة الممتدة عبر السنين فيما نُقبل عليه أو نَبغيه أو نَتبرم منه ونَهجره، إذ لا يمكن أن تكون كاتبا وتختار سبل الحياة الحقيقية التي يتحقق فيها وجودك الإنساني؛ إلا وأنت تسبح في بحر من الحرية دون قيود أو دون مقص رقيب يُسلط منظاره دون انقطاع أو يتوارى مترقبا اللحظة المناسبة لسن مقصلته الصدئة التي تتحين الفرصة للظفر بعنقك في احتفالية خالدة، لا تكون الكتابة فاعلة إلا إذا استطاع الكاتب طرق ما يشاء، وقت يشاء، وبالطريقة التي يشاء دون أن يحس أن ذلك المتربص به انه قد مر من هناك، وانتهك المحظور، وطرق التابو الثلاثي،، الكاتب الحقيقي هو الذي يستطيع أن يبعث الأسطورة في عصره، ويجعلها تتماشى معه، ويحسن ارتداء القناع، ويتماهى مع كل مظاهر الطبيعة، ويبدع بطريقته الخاصة، ويقدم موضوعه في أريحية تامة عبر الوسائل المتاحة من غموض وإيحاء وانزياح، ويلامس كل ممنوع اقتنع به عبر رمزه الذي يُخفيه، ويختفي وراءه باحترافية وفنية ويتجاوز الرقيب، فاللغة هي الوعاء الوحيد الذي تستطيع أن تملأه بما تشاء دون أن يتمكن الرقيب من كشف ذلك، بل تمر المواضيع المحظورة بجانبه، وهو في غفلة من أمره، لسبب بسيط لأنه يراهن على الواضح من المعاني، ولا قدرة له على فك شفيرة النص، تلك الشفيرة التي لا يفقه حقيقتها إلا أصحاب الاختصاص أو أولئك الذين ألفوا فك طلاسم الشفيرات الأدبية، إن ما يحقق للكتابة الإبداعية وجودها الفعلي هو الغموض، إذ هي غوص في الممكن واللاممكن حيث لا توجد حدود فاصلة بين الممكن والممنوع والمسكوت عنه، لأن الحروف المبدعة حقيقة لا تفقه قاموس المنع بل تقتحم كل ما عجز عنه الآخرون، لذا يصعب على الكاتب غير المحترف التعامل معها وتوجيهها في مسار معين، وجعلها قابعة داخلة إطار معين محنطة لا روح فيه، لأنها ستصبح مبتذلة ومملة وركيكة، الحروف الحقيقية هي التي لا تهاب المحظورات ولا التابوهات” 3
_ _ _ _ _
المرأة و(الربيع العربي)
_ _ _ _ _
تقول نور كريمة عيساوي:
اعتقد أن واقع المرأة العربية لم يتغير بعد ثورات الربيع العربي بل نجدها كانت و لا تزال تعاني من كل أشكال التهميش والقمع والعنف الجسدي والمعنوي، لازالت تتعرض للتحرش والاغتصاب وكل مظاهر الإقصاء. لقد عانت المرأة كثيرا من ويلات للحروب ولازالت تعاني في مخيمات اللاجئين تفتقر لكل مقومات الحياة الكريمة. على المستوى السياسي تمثيليتها محدودة، وتوظيفها يكاد أن يكون شكليا للتسويق الخارجي. قلما تصل إلى المراحل الأخيرة في الانتخابات، ولحد الآن نفتقر لرئيسة دولة أو رئيسة حكومة عربية. فلا أعتقد أن الثورات العربية قدمت شيئا جديدا للمرأة، فهي لازالت تقبع تحت نير الجهل والأمية والتخلف بل كانت هذه الثورات وبالا عليها إذ تعرضت للسجن والتعذيب.
أما سبل الارتقاء بالمرأة فأعتقد أن الحل يكمن في تغير النظرة القدحية للمرأة وليس من خلال تحرير جسدها، بل عن طريق تحرير العقول من تلك الصورة النمطية والقاتمة، والتي تحجرت لقرون خلت، واللجوء إلى رسم صورة أكثر وضوحا بدءا من البيت مرورا بالمدرسة والجامعة ومراكز البحث العلمي ودور العبادة والثقافة والتلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي وجمعيات المجتمع المدني..، بمعنى أصح عن طريق مسح صورة المرأة الجسد، وتعويضها بصورة المرأة العقل المفكر، فرقي المرأة لن يكون عن طريق تحرير جسدها وإنما عن طريق سمو فكرها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
من ومضات كريمة الدالة
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
مع بزوغ شمس كل صباح أنسل من ظلمة الليل، أفتح عيني لأرى نوري يتماهى مع نور الشروق، أنفض مخاوفي مع نفض شراشف سريري، وأزيح ستائر قلبي المفعم بالعطاء، وانطلق في رحلتي البحثية.
من مذكرات البحث عن الذات
كريمة نور عيساوي
_ _ _
كثيرا ما نغلق أعيننا، لنبحث عن النور المتوهج بداخلنا، فإن أدركناه فقد ولجنا أفقنا العلوي وارتقينا إلى أعلى درجات السمو، وإن أخفقنا عدنا لمستقرنا الأصيل، في كل الحالات نظل بخير .
_ _
من أحلامنا الصغيرة والتي انتظرناها بشغف كبير.
كان أقصى ما حلمنا به الكتابة بحروف ملونة تمتد على لوح أسود، لكنها تختزل كل مباهج الحياة.
_
بيروت ياوجع المواسم...
قلوبنا تنزف...
والأنين ممتد...
لك الله يابيروت
_ _ _ _
تجري السنون نودع سنة ونستقبل أخرى، لكن نبقى على سجيتنا، سيدتي يحق لك أن تفشلي في كل شيء سوى أن تكوني امرأة.
__ _ _ _ _ _
الحياة مسرح كبير، تتساقط فيه الأقنعة تباعا في الفصول الأولى من المسرحية، فلنبتهج لاكتشاف الحقيقة الغائبة، ولنستمتع بطلاوة التمثيل، حتى وإن تألمنا من وجع هذا الاكتشاف، فنحن على الأقل نستفيق من سباتنا العميق.
------------------------
خاتمة
نقول للمبدعة كريمة نور عيساوي : كل ابداع وتحياتنا لك والعبير مضاعفا.
-----------------------------------------------------------------------
مجدالدين سعودي – المغرب
-------------------------------
احالات
__ __ _
1 كريمة نور عيساوي :مواقع التواصل الاجتماعي: بين حقيقة الواقع ومتاهات الخيال
2 نعمات مدحت : (كريمة نور عيساوي: الشعر والإبداع شراع المبدعين في زمن
الأوبئة)
3 بسام جودة: كيف يمكن للأدباء َأن يتجنبوا مقص الرقيب وهم يكتبون عن
المحظورات في أعمالهم الأدبية ؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كريمة نور عيساوي: الشعر والإبداع شراع المبدعين في زمن الأوبئة
الإثنين 27/يوليه/2020 - 06:07 م
الدستور
الدكتورة كريمة نور عيساوي
نعمات مدحت
AddThis Sharing Buttons
Share to Facebook
Share to TwitterShare to MessengerShare to WhatsAppShare to EmailShare to Plus d'options...
قالت الدكتورة كريمة نور عيساوي، أستاذة تاريخ الأديان، كلية أصول الدين بجامعة عبدالمالك السعدي، تطوان في المغرب، إنه بعد تفاقم الوضع في الواقع المعيشي وفي وسائل الإعلام جراء الحجر الصحي في ظل جائحة كورونا "كوفيد- 19" التي غزت العالم دون سابق إنذار: "وجدنا أنفسنا فجأة في سفينة واحدة تلاطمها أمواج عاتية تثير في أنفسنا الرهبة والخوف من اللقاء والتجمع، فكان البعد أمنًا وحياة وكان اللقاء موتًا محققًا".
وأضافت "عيساوي"، في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "لذا كان الشعر والإبداع هو شراع المبدعين والكتاب، يحاولون من خلاله توجيه السفينة والرسو ولو مؤقتًا في بر الأمان، لذلك وجدتني أرغب في رفع النقاب المسدل، في برجي البعيد الذي كان يحجبني، وأخرج لألوح بديواني الثاني (بقايا امرأة)، وكتاب (قراءات انطباعية لقضايا دينية ومجتمعية)، كما أنني للتو أغلقت نافذتي وأغلقت معها دفتي ديواني الأخير (خلف النافذة)".
وتابعت: تجربة عشتها في ظل الحجر الصحي، لذا كنت أنتقل بين الشعر والمقالة، شأني شأن الكثير من المبدعات والمبدعين الذين كسروا الحجر الصحي والتباعد بتقارب من نوع آخر، وفرته التكنولوجيا، فقدمنا محاضراتنا، وناقشنا بحوث طلبتنا عن بعد، وعقدنا المؤتمرات، ونظمنا الأمسيات الشعرية.
وأردفت: "لقد كان الأدباء على وعي كامل بالمسئولية الملقاة على عاتقهم، قاوموا الوباء بطرقهم الخاصة عن طريق الكلمة وسمو الروح، والتكافل الروحي قبل التكافل المادي والاجتماعي".
وتحدثت عيساوي عن بداية رحلتها مع الكتابة قائلة: "لم تكن رحلتي مع الكتابة رحلة عادية فأنا لم أخطط للوجهة ولم أحدد التاريخ، سافرت دون جواز سفر، على امتداد رحلتي القصيرة كنت أحاول لف الحروف بالورد، وسقيها بعبق الياسمين لعلها تستطيع رتق ما هرب من درج الذاكرة التي شاخت، ولم تعد تتوانى عن تمرير الممحاة بسرعة على أجمل اللحظات
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
الدكتورة كريمة عيساوي لموقع (أجيال قرن ال21):”إن عدم فهم طبيعة علم الاديان المقارن يجعلهم يتحولون إلى قنابل موقوتة، مع العلم أن الإسلام قدم صوراً غير مسبوقة للتعايش بين الأديان والأعراق والثقافات.
يوليو 24, 2020 597 زيارة
تستعمل مصادر تاريخ الاديان المصطلح الالماني “الفهم” للتعبير عن قضية الفهم في علم الاديان، ويرد الباحثون استخدام هذا المصطلح أول مرة لمرؤرخ الاديان الالماني يواكيم فاخ، الذي يرى أن الفهم في مجال دراسة الاديان، قائم على افتراضيتين، الاول: هو العطاء من أجل الفهم، وهو امر يعود لطبيعة الاحتكاك الانساني بالظاهرة الدينية، أما الافتراض الثانيك فهو التدين الفطري للانسان الذي يجعل لديه قدرة داخلية على فهم الدين. ويرى بعضهم أن علم الاديان من أكثر العلوم الانسانية حاجة إلى الفهم لان الفهم هو أسلوب لتحصيل المعرفة من ثم فهو أساس البحص المعرفي والمنطقي والميتافيزيقي والاخلاقي. وطبعا إن هذا الفهم يحتاج الى دراسة تكاملية داخلية للظاهرة الدينية ولطبيعة وبنية الخبرة الدينية وتعبيراتها النظرية والعلمية والاجتماعية. حيث هناك فرق بين علم اللاهوت وعلم الاديات لان الاول يهتم بفهم الايمان وتثبيته، أما الثاني فيهتم بدراسة جميع الاديان الاخرى وفهمها من أجل تعزيز وتكريس الشعور الديني وتعميق الفهم الديني الذي ينحرف بطار التقوقع القاصر لنظرة الإنسان إلى ذاته والخالق والوجود ويهيمن عليها طابع الايديولوجيا من هنا يناقش موقع أجيال قرن ال21 الدكتورة كريمة عيساوي حول موضوع “دراسات علم الاديان المقارن وتأثيرها على المجتمع والانسان والمرأة “ المغبونة بشكل او بآخر نتيجة أزمة (الفهم ) و(التأويل) النص الديني
محاورة:أورنيلا سكّر
أهلا بك بموقع أجيال قرن ال21 . بداية هل لك تقديم سيرتك الذاتية لقراء أجيال قرن ال21 ؟
كريمة نور عيساوي من مواليد مدينة فاس المغرب، حاصلة على شهادة دكتوراه في علم مقارنة الأديان من جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس،أستاذة تاريخ الأديان وحوار الحضارات بكلية أصول الدين جامعة عبد المالك السعدي تطوان، لها العديد من الإصدارات حول تاريخ الأديان، تهتم بقضايا المرأة، شاعرة وكاتبة قصة، تشغل حاليا رئيسة مركز تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية ولها عضويات بعدد من المراكز البحثية الدولية والعربية، من إصداراتها:
-موسوعة: الديانات السماوية: الكلمات – المفاتيح (اليهودية)، منشورات مختبر حوار الحضارات ومقارنة الأديان، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس، فاس، 2011
-مدخل إلى نقد التوراة، رؤية من الداخل، منشورات ديهيا، بركان، 2015
-التوراة من التدوين إلى النقد، دار الوراق، الأردن 2017
-عزرا كاتب التوراة بين الأسطورة والتاريخ، المركز الأكاديمي للأبحاث،بيروت2017
-دراسات في النص الدين المقارن، المركز الأكاديمي للأبحاث، بيروت2017
– التوراة من التدوين إلى النقد دراسة في سفر التكوين لقضايا الخلق والخطيئة والطوفان وبرج بابل، المركز الأكاديمي للأبحاث،بيروت2019
-إبداعات نسوية مغربية، دار المثقف الجزائر 2017
– صهيل من فلوات الأرواح، دار ديهيا، بركان المغرب 2017
.- بقايا امرأة من منشورات مركز تنوير لتحالف الحضارات والتنمية الاجتماعية والثقافية فاس المغرب 2020
قراءات انطباعية لقضايا دينية واجتماعية، تحت الطبع
خلف النافذة ديوان شعري تحت الطبع
ولي دراسات وبحوث في الحقول الفكرية والإبداعية المذكورة أعلاه والمنشورة في مجلاّت علمية محكّمة وعامة، شاركت بها في مؤتمرات عربية ودولية، و حصلت على شهادات تدريبية وتكريمية في حقول الأديان والمرأة والشعر.
ما هو علم مقارنة، وأين تتجلى أهميته؟
علم الأديان أو تاريخ الأديان أو مقارنة الأديان هو علم يعنى بدراسة الأديان الأُخرى باعتبارها حقائق علمية وظواهر تستحق البحث اعتمادا على منهجٍ علميٍّ رصينٍ، يصنف مادَّتها ويصفها بحياديَّةٍ تامةٍ ويستخلص معانيها. علم تاريخ الأديان علم جديد، لا يتعدى عمره في الغرب مائة سنة وربما أقل، وقد نشأ هذا العلم بوصفه حقلا معرفيا مستقلاً وعلماً غير طائفي ولا ديني،وتراوحت الأسماء التي تُطلق عليه ما بين علم مقارنة الأديان وعلم الأديان وعلم تاريخ الأديان. ولكل اسم من هذه الأسماء دواعيه ومبرراته. ففي إنجلترا وخصوصا في جامعة أكسفورد أطلق عليه اسم علم مقارنة الأديان Comparative Religions على يد باحث شهير هو ماكس ميللر Max Miller الذي أسند إليه تدريس هذه المادة وذلك سنة 1896. وقد شاع في ألمانيا اسم آخر هو علم الأديان Religions Wissenschafft. ولعل في توظيف الألمان لهذا الاسم دلالة خاصة، فقد كان علم الأديان، كما هو معلوم، محتكرا من قبل الكنيسة التي عندما مارست البحث في الأديان الأخرى) المسيحية واليهودية( لم تكن تتسم بالموضوعية، فجاء هذا الاسم أي علم الأديان إشارة إلى أن ما كانت تقوم به الكنيسة ليس علما، وأن الهدف من هذا العلم يتمثل في دراسة المادة بشكل علمي وبكل موضوعية. أما اسم تاريخ الأديان فهو ترجمة عن الإنجليزية والفرنسية، ويُعتبر الفرنسيون هم أول من أطلقوا عليه هذا الاسم. وقد نقله الأمريكان عن الفرنسيين سنة 1952، خاصة عندما استقدموا مارسيا إلياد Eliade، أستاذ تاريخ الأديان في جامعة السوربون بباريس، وعينوه أستاذا بجامعة شيكاغو في كلية اللاهوت، فأنشأ هذا الأخير مجلة أطلق عليها عنوان تاريخ الأديان History of Religion ومنذ ذلك الوقت شاع هذا الاسم في الأوساط الأكاديمية الأنجلوساكسونية.
جملة القول إنَّ هذا العلم، على اختلاف مسمياتِه، يدور حول وصفِ الأديان وصفا علميا دقيقا متسما بالموضوعية، وإلى جانب اهتمامه بمسيرة الأديان في التاريخ، يَعمدُ أيضا إلى مقارنة ظواهرها الأساسيَّة دون إغفال أي عنصر من العناصر المكونة لهذه التجربة الدينية أو تلك. وفي هذا السياق يرى محمد خليفة حسن في كاتبه تاريخ الأديان دراسة وصفية مقارنة، » أن علم تاريخ الأديان من العلوم الأساسية في التراث العلمي الإسلامي، بل هو علم إسلامي مهمل إذ لم يلق عناية كافية من الباحثين المعاصرين، خاصة فيما يتعلق بالجانب المنهجي الذي طوره علماء تاريخ الأديان في القرون الأولى للهجرة، ..ونظرا لجهل الغرب أو تعصبه فقد اعتبر هذا العلم علما غربيا في منهجه ومضمونه حيث تجاهل مؤرخو هذا العلم في الغرب الجهود الإسلامية في مجال دراسة الأديان ومقارنتها بالرغم من معرفتهم الجيدة بالكثير من الأعمال الإسلامية في هذا المجال .«
من خلال استقرائنا لعدد من المصنفات التي تزخر بها المكتبة العربية الإسلامية يُمكننا الجزم بأن علم تاريخ الأديان علم أصيلٌ في التراث العربي الإسلامي، ويكفي أن نذكر بعض الأسماء لنَدحض أصوات بعض المستشرقين الذين لا يرون في الإسلام غير ما يُملِيه عليهم حِقدهم التاريخي المتوارث على هذا الدِّين، ومن هؤلاء العلماء العرب والمسلمين:
– علي بن ربن الطبري (ت 247هـ ) صاحب كتاب “الدين والدولة في إثبات نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم”.
– أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت255ه ) صاحب كتاب”في الرد على النصارى”.
– أبو الريحان البيروني (ت 440 هـ) صاحب كتاب “حقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة “.
– أبومحمد علي بن حزم الأندلسي(ت456هـ) صاحب كتاب “الفصل في الملل والأهواء والنحل”.
– السموأل بن يحيى المغربي (ت570ه) صاحب كتاب “غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود”.
-شهاب الدين الصنهاجي القرافي: (ت684هـ) صاحب كتاب “الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة”.
-شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت 728هـ) صاحب كتاب “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح”.
وليس غريباً أن يكون تاريخ الأديان، في صورته الغربية قد تأسس على كتابات هؤلاء العلماء المسلمين التي ترجمت منذ وقت مبكر إلى العديد من اللغات الأوروبية، مما أتاح الفرصة أمام علماء الغرب المتخصصين، الذين اهتموا بدراسة المادة الدينية والفرق والمذاهب، الاطلاع على مناهج المسلمين في دراسة الأديان والملل الأخرى. وحسبنا هنا الاستشهاد بقول الشهرستاني أحد كبار مؤرخي الأديان » اعْلم أنَّ العربَ الجاهليَّة كانت على ثلاثةِ أنواعٍ من العلومِ: أَحدها علمُ الأنسابِ والتواريخِ والأديانِ «. والفكرة نفسها نستشفها من رسائل إخوان الصفا في قولهم: » واعْلم يَا أخِي أنَّ العلمَ علمانِ: علمُ الأبدانِ وعِلمُ الأديان« .
ما هو تأثيرها على المجتمعات العربية وبشكل خاص عند الطلبة وتفاعلهم مع هذه الدراسات؟
للأسف الشديد هناك عوائق تحول دون تأسيس علم مقارنة الأديان في العالم العربي والإسلامي. ويمكن أن نجملها في العناصر الآتية:
عدم فهم طبيعة الرسالة الإسلامية. ومن ثم نجد أن الكثيرين، بما في ذلك بعض أساتذة الجامعات، يلوحون في وجه كل من يدعو إلى تأسيس هذا العلم القديم الجديد لماذا ندرس الأديان الأخرى؟ أو لم يرد في القرآن الكريم: «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ» (سورة آل عمران، الآية 19). «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (سورة آل عمران، الآية 85). وما الداعي إلى إهدار الوقت في دراسة أديان ما دام القرآن الكريم روى بالتفصيل عن أهلها وعن عقائدهم ومذاهبهم؟ ثم سيكون من غير المفيد أن ننفق الوقت والمال والجهد من أجل المقارنة بين الدين الحق والأديان الباطلة. ومن هنا نلمس لديهم نوعا من الحساسية الزائدة اتجاه مفهوم المقارنة نفسه التي لا تعني في نهاية المطاف سوى منهجا للبحث يسعى إلى البحث عن عناصر الاتفاق والاختلاف بين الأديان دون وجود أي نزعة نحو المفاضلة بينها. ويبدو المقبل على تدريس هذا العلم أو المتلقي له كأنهما يشاركان في تهمة الطعن في الإسلام. على الرغم من أننا ننبه دائما إلى ضرورة التمييز بين الذات والموضوع. فأنا كمسلم أو كمسيحي أو درزي لن يضيرني في شيء أن أدرس هذا العلم أو ذاك. وعلم مقارنة الأديان واحد من هذه العلوم التي تنتمي إلى فلك العلوم الإنسانية. أوروبا نفسها عاشت تجربة مماثلة. وكان للكنيسة موقف مناهض لنشأة هذا العلم، وحاربته في أول الأمر. غير أنها خضعت في نهاية المطاف إلى الأمر الواقع، وأصبحت لها أيضا كلياتها ومعاهدها التي تحاول التوفيق بين البعد اللاهوتي والدراسة العلمية للأديان. وقد يتحول علم مقارنة الأديان لدى البعض إلى واجهة لتصفية الحسابات مع الأديان الأخرى. ويسهم هذا الاتجاه في خلق أجيال من الشباب الذين يرفضون الآخر، والذين قد يتحولون إلى قنابل موقوتة. مع العلم أن الإسلام قدم صورا غير مسبوقة للتعايش بين الأديان والأعراق والثقافات. وليس سرا أن تكون الحضارة العربية الإسلامية كما أشرنا إلى ذلك في بداية هذا الحوار شاهدة على تأسيس هذا العلم لأول مرة في تاريخ البشرية. وربما يجهل الكثيرون أن الفضل في ذلك يعود إلى الجدل الديني الذي كان يدور بين العلماء المسلمين والمسيحيين واليهود، وإلى المناظرات الدينية التي كانت تُعقد في قصر الخلفاء أو الأعيان. ولم يحل انتماء المناظرين إلى المسيحية دون الدفاع عنها، وإبداء اعتراضهم على الإسلام.
إن عدم التفاتنا إلى هذا التراث وتقاعسنا عن تحقيقه ودراسته والتعريف به هو الذي رسخ في أذهاننا فكرة أن الإسلام دين عنف ودين إقصاء الآخر. وقد تكون للغرب يد في ذلك بسبب الصراع الحضاري بين الشرق والغرب. قد تكون الصورة التي رسمتها لعلم مقارنة الأديان سوداء. غير أن هذا لا يتعارض مع وجود تجارب فردية أو مؤسساتية هنا وهناك تحظى بشيء من المصداقية لأنها تحاول أن تقتفي في غياب تام للإمكانيات المادية والبشرية التجارب الغربية لكن دون أن تقطع صلتها بالتراث العربي الإسلامي. ومن المفارقات أننا نجد شبه قطيعة ما بين المؤتمرات الكبرى التي تعقد حاملة شعار حوار الأديان أو ما شابه ذلك، والتي تُنفق عليها أموال طائلة وبين التجارب الأكاديمية التي رأت النور في فضاء الجامعة.
لنكن صرحاء إن تأثير هذه التجارب لا يزال محدودا. وقد تتسع القاعدة تدريجيا إذا ما كتب لها الاستمرار. لكن ينبغي التأكيد على أن هذه الوضعية أحسن حالا من ذي قبل حيث كانت في وقت من الأوقات السيادة للفكر الاشتراكي وخطابه الإيديولوجي والصحوة الإسلامية وخطابها الدعوي. وكانا آنذاك يشتركان في عدائهما لهذا العلم وإن اختلفت الأسباب والمبررات. حدثت تحولات كثيرة في السنين الأخيرة. وقد نشعر بنوع من الارتياح لأن مصطلح علم مقارنة الأديان أصبح متداولا.
أما تفاعل الطلبة مع هذه الدراسات فهو يتوقف على أمرين اثنين: الأمر الأول يجعلنا نتساءل عن المعارف التي يتلقاها التلميذ أو الطالب في مساره الدراسي. ومن المؤسف أن الكتاب المدرسي في كثير من الدول العربية لا يساعد كثيرا في إعطاء صورة موضوعية عن الأديان الأخرى، و لا يستلهم أمثلة من التاريخ الإسلامي التي كانت حينئذ نموذجا في التسامح والحوار والتعايش. لكن يجدر بنا التنويه بالتجربة المغربية في تدبير الشأن الديني التي تكتسي نوعا من الخصوصية. وقد استمدتها من ارتباطها بمؤسسة إمارة المؤمنين والهيئات العلمية التابعة لها. فإمارة المؤمنين مؤسسة قائمة الذات، وتعتبر حجر الأساس للنظام السياسي المغربي. وهو ما يقف حاجزا أمام تغول بعض الجماعات التي تدعو على إقصاء الآخر أو تكفيره ثم لا ننسى دستور 2011 الذي نص في ديباجته بأن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. وركز الدستور أيضا على تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء.
الأمر الثاني هو الدور الذي يضطلع به الباحث من أجل تصحيح بعض الأفكار المترسبة في ذهن الطالب، و الباحث في علم مقارنة الأديان هو الذي يملك الأدوات المناسبة للقيام بهذا الدور.
ما هي نسبة الانتساب إلى هكذا دراسات في العالم العربي بالمقارنة مع الغرب؟
نحن نراهن على المستقبل. وسيكون من السابق لأوانه أن نعقد مقارنة بين علم اشتد عوده في الغرب، وتعود نشأته إلى أكثر من قرن ونصف، علم رُصدت له أموال طائلة، وله مجلات ذات مستوى عال، ومكتبات غنية بالمراجع وأمهات الكتب، وفرص عديدة للتكوين المستمر في اللغات الأكثر انتشارا، واللغات القديمة، وتحقيق المخطوطات، ونجد في الجانب الآخر تجارب محدودة، تُحارب في عقر دارها، وتقاوم فقط من أجل البقاء. غير أن أملنا في إنشاء كلية للأديان بالمغرب لن ينطفئ ولن يخبو، لا سيما أن بعض هذه التجارب، على الرغم من محدوديتها، أنجبت لنا بعض الكفاءات. وهناك معطى جديد يكمن في الانتعاش التي تعيشه بعض العلوم الإنسانية في الجامعة المغربية، أقصد الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والأنثربولوجيا. وستكون هذه الحقول المعرفية سندا لدعم علم مقارنة الأديان.
بالمقاربة بين واقع الجامعات في الغرب والعرب ما هي الطروحات التي يتم فيها تبادل الخبرات فيها والتعاون وما هي أهمية هذه الشراكة ودورها؟
للمغرب وضع خاص. فهو بخلاف أغلب الدول العربية بعيد عن بؤر الصراع، وينعم بالاستقرار، ولا تفصله عن أوروبا إلا بضعة كيلومترات، ويحتضن أعرق جامعة في العالم هي جامعة القرويين. لهذه الأسباب كلها فإن التعاون على أشده بين الجامعة المغربية والجامعات الغربية، ويتمثل ذلك في إبرام مجموعة من الاتفاقيات والبرامج التي تتيح من الجهتين حركية الطلبة والأساتذة.
إن جائحة كوفيد-19 أعادت الاعتبار للبداوة كفهوم جماعي أي (نحن)، برأيك ما هو حجم تأثيرها على واقع حوار الحضارات والثقافات والأديان وهل تعتقدين كونك باحثة في الدراسات الاستشراقية إن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيان؟
لقد استطاعت جائحة كوفيد -19 أن توحد العالم كله تحت مظلة واحدة ومن أهم إيجابياتها أنها أضاءت شعاع العمل عن بعد، وتجاوز كل المعوقات التي كانت سبباً في خفوته، وعملت على قهر الظرف الاستثنائي الذي عاشه العالم، وما أبعدته جائحة كوفيد-19 قربته التكنولوجيا، وجعلت العالم كله في كفة واحدة دون تحديد الشرق أو الغرب، بل عالم اتحد للبحث عن السبل الكفيلة لمواجهة هذه الآفة الخطيرة، فألغيت كل الحدود وتوقفت أغلب النقاشات البيزنطية التي كانت دائرة، حتى الإرهاب توقف في هذه الفترة وأغلب الحروب التي كانت دائرة خفتت وطئتها في بداية الجائحة، وجعلت الإنسان بمفهومه العام يبحث عن الحلول، ويصارع الزمن من أجل إنقاذ الإنسانية جمعاء، فالجائحة لم تفرق بين إنسان غربي أو شرقي ولا بين أتباع الديانات التوحيدية أو الديانات الوضعية أو تيارات علمانية أو راديكالية…، واعتقد أنه حان الوقت لنستفيد من الدرس، وأن نكثف الجهود لمواجهة الحروب البيولوجية، وهي أشد ضراوة من غيرها من أنواع الحروب، ربما نجد بعض الإجراءات الاستباقية من لدن الحكومات في بعض الدول للتسلح لمواجهة الأزمة عن طريق بناء الاحترازات المضادة السباقة، وليس البحث عن الحلول اللاحقة كردات فعل..،. كما نبهت الدول وحرضتها على الاهتمام بالعلماء، ومراكز البحث العلمي خاصة في دول العالم الثالث، وتخصيص ميزانيات مهمة لذلك، ورب ضارة نافعة قد تكون هذه الجائحة سببا في إنشاء مراكز للأبحاث والدراسات الاستشرافية. عوض مراكز اليقظة ومواجهة الكوارث. وقد تكون فرصة لتغيير الرؤية السائدة للثنائية القديمة الحديثة الشرق والغرب.
اعتقد أن الجائحة كانت بمثابة امتحان حقيقي في مدرسة الحياة في مواجهة الخطر المداهم، خطر غير مرئي يتربص بالإنسان أينما كان وكيفما كان، وقد كانت فرصة لجعل الشخص، بغض النظر عن لغته أو ديانته أو انتمائه الإيديولوجي، يعمل على إدارة حياته سواء في العالم الغربي أو العالم الشرقي في ظل ظروف ليست عادية. ويعمل على إيجاد البدائل في كل شيء. هذا فضلا عن التكاثف والتضامن والتطوع، والعمل بروح المجتمع الواحد أو لنقل العالم الواحد.
يقال إن تحرر المجتمعات العربية لن تتحرر قبل تحرر جسد المرأة . كيف تقرئين واقع المرأة في الديانات الإبراهيمية وهل فعلاً هناك تمظهرأ للعنف بحقها أين وكيف؟ ما المطلوب لتحريرها وتحقيق سيادتها؟
إن صورة المرأة من منظوري هي نتيجة حمولات تاريخية واجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية ونفسية تكالبت لتخرج في الأخير مخلوقا ارتبط في الذاكرة الذكورية بالنقصان وعدم التكافؤ مع الرجل. إذ من الصعب تحديد صورة نمطية للمرأة فهي تمثلات متعددة تختلف باختلاف تمثلات الأفراد ومرجعياتهم، إلا أن السائد لا يخرج عن كون المرأة هي ذلك المخلوق الناعم المالك لكل مفاتن الكون، والجامع لكل مكامن الجمال. هي سر عذاب الرجل منذ الأزل، هي سبب الخطيئة الأولى في اليهودية. وقد تساءل رجال الدين في المسيحية خاصة في مجمع “ماكون” هل هي جثمان بحت؟! أم هي جسد ذو روح؟! يُناط بها الخلاص والهلاك؟! وغلبت على آرائهم أنها خلو من الروح الناجية، ولا استثناء لإحدى بنات حواء من هذه الوصمة، غير السيدة/ العذراء أم المسيح عليه السلام. وحُرمت المرأة أكثر من ذلك من الخروج إلى العالم الخارجي، وشاعت عادة أقفال العفة، وهي أقفال من حديد، رُكبت في أحزمة. وخُصصت لتلبسها النساء حول خصورهن، إذا غاب عنهن أزواجهن في السفر، ثم تُغلق بمفاتيح، يُبقيها الزوج معه، لا تفارقه لحظة. وكان هناك اعتقاد راسخ لا يزعزعه الشك بنجاسة الجسد، ونجاسة المرأة، وباءت المرأة بلعنة الخطيئة الأصلية. غير أن ما هو مؤكد هو أن المرأة كانت على امتداد قرون طوال ضحية فكر ذكوري مسيطر لم تستطع الفكاك منه جزئيا إلا في العصر الحديث بعدما تهيأت الظروف الذاتية والموضوعية. وخلال هذه الحقبة المظلمة في تاريخ المرأة كان تدخل الدين الذي، على الرغم من تكريمه لها، ظل محدودا وغير مؤثر. فكثيرا ما تكون الهوة متسعة ما بين النص الديني وسلطة الواقع بأعرافه. وكان ظلم المرأة مثله في ذلك مثل استعباد الإنسان لأخيه الإنسان فيما يعرف بالعبودية، وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية الأخرى، مقبولا أو على الأقل غير مستهجن.
إن نشأة الوعي بأهمية المرأة في المجتمع، والدعوة إلى تحررها، وما سيترتب عن ذلك من السهر على تعليمها، ودخولها إلى سوق الشغل، سيفضي تدريجيا إلى رد الاعتبار إليها، وإلى تصحيح بعض ما يُنسب إليها من نُقص هو نتيجة طبيعية لجهل الرجل المهيمن لقدرات وكفاءات المرأة. فقرون من تحكم الرجل بالمرأة، وسيطرته عليها، واضطهاده لها أسهم، بشكل كبير، في خلق صورة معينة عن المرأة تميل في مجملها إلى التشكيك في قدراتها، وإلى الطعن فيما يمكن أن تحققه من إنجازات. ويصح هذا الأمر على الأقل في مجتمعات العالم الثالث حيث لم تترسخ بعد بشكل تام قيم الحرية والمساواة. والغرب نفسه، وعلى الرغم من أنه قطع أشواطا معتبرة في تحرر المرأة، لم يسلم هو أيضا من مثل هذه الرواسب التي كثيرا ما تجد الطريق ممهدا للظهور بهذا الشكل أو ذاك. وليس غريبا أن تعلو بعض الأصوات النسائية لمقاومة هذا النوع من التفكير، أو لرفع ظلم مسلط عليهن بسبب تمييز في الأجر أو في تقلد مناصب المسؤولية.
وخلافا للغرب فإن دول العالم الثالث، تتفاوت من حيث المكاسب التي تم تحقيقها لفائدة المرأة. فهناك دول لا تزال فيها المرأة محرومة، بالكامل، من أبسط الحقوق، وممنوعة من التعبير عن ذاتها، ورازحة، رغم أنفها، ودون أمل في الانعتاق أو التحرر، تحت سلطة الرجل الذي لا يرى فيها سوى أمة خُلقت لكي تكون في خدمته. فيما خطت المرأة في مجتمعات أخرى خطوات لا بأس بها في مجال انتزاع حقوقها، والدفاع عن كيانها المستقل. وهو ما يؤكد، يوما بعد يوم، أن الاختلافات بين النساء والرجال تميل من منظور الدراسات الثقافية إلى التركيز أولا على الاختلافات بمعنى الجندر (اختلافات ثقافية)، وليس بمعنى الجنس (اختلافات بيولوجية).
وقد أثبتت المرأة جدارتها في مختلف المسؤوليات التي أسندت إليها، وأبانت عن كفاءة عالية في التسيير والتدبير والابتكار. لهذا سيكون من السخف والغباء أن يُشكك أحد الآن في مشروعية هذا الحق، وأن يبحث عن تعليلات، كيفما كان نوعها أو مصدرها، للتصدي له أو مقاومته بخطاب لم يعد يقنع أحدا بما فيهم أولئك الذين لا يتوانون في الترويج له عبر مختلف وسائل الإعلام. وسيكون اليوم، من غير المجدي، الرجوع إلى الخلف، والعودة للعيش في كنف الماضي. إلا أن القول بتحرير جسد المرأة هو تحرير لفكرها مقولة مغلوطة وتكرس الفكرة الدونية التي تم التأسيس لها منذ القدم في التناخ (العهد القديم) والذي صورها في صور قبيحة بشعة، من خلال صور المرأة المشوّهة خَلقا وأخلاقا مثلما عرضت صورها في سفر التكوين لجيل الأمهات. فتكرست بذلك ثقافة اضطهاد المرأة والانتقاص من قيمتها وقدراتها، والعمل على تهميشها وازدرائها. وقد أسهم التلمود« المشنا والجمارا » في تكريس هذه المسلّمات، وأصبحت صورة المرأة الفاضلة، وسر جمالها ومهاراتها، يكمن في خضوعها وخدمتها وطاعتها للرجل، دون قيد أو شرط. ولهذا فإن تحرير المرأة في اليهودية ارتبط بتحريرها من سلطت التفسير الأبوي للدين، والدعوة إلى تفسير نسوي خاصة مع بداية القرن 19. وقد سعت المرأة إلى تغيير هذا الواقع خاصة وأن الكثير من مواد التراث المسيحي واليهودي تعمق النظرة السلبية للمرأة، ودعت إلى إعادة تفسير هذا التراث مع ما يتناسب مع وضعها الجديد في المجتمع. وتُعد إليزابيت ستانتون E . C. Stanton رائدة في مجال تفسير الكتاب المقدس تفسيرا نسويا، وترى التفسير الذكوري عملا جائرا في حق المرأة. وقد كونت فريقا يتكون من 26 امرأة لوضع تفسيرات جديدة للنصوص المرتبطة بالمرأة في العهد القديم. وجاء عنوان الكتاب على الشكل الآتي: The Woman ‘s Bible الذي صدر نهاية القرن التاسع عشر. ولم تقف دعوات المرأة في تحررها من سلط التفسير الذكوري عند هذا الحد ففي منتصف القرن العشرين أكدت كروك M.B. CROOK في كتابها Women and Religion المرأة والدين الصادر سنة 1964على ضرورة مشاركة المرأة في تفسير الكتاب المقدس، و في تَشَكل الفكر الديني.
أما الإسلام فقد تجاوز تلك النظرة إلى المرأة ووقف سد منيعا أمام وئدها، وخول لها حرية تزويج نفسها، وقدم لها مجموعة من الحقوق التي كانت تفتقدها في الديانات التوحيدية السابقة من حرية التصرف في ممتلكاتها، والخروج للعمل، والحق في مباشرة أعمالها بنفسها. غير أن المشكل يتمثل في همينة الرؤية الذكورية التي لازالت ترفض تطبيق النص الديني، وتحافظ على التقاليد والأعراف، وإن كانت بعض الحركات التحررية النسوية في العالم الإسلامي ترى أن هناك حقوقا لازالت ، خاصة فيما يتعلق بنظام الإرث فهي تبقى أصوات خافتة لا ترقى إلا اعتبارها ظاهرة قوية.
ما هو واقع المرأة العربية بعد الثورات ؟ وأين يكمن الحل من أجل الارتقاء بها؟
اعتقد أن واقع المرأة العربية لم يتغير بعد ثورات الربيع العربي بل نجدها كانت و لا تزال تعاني من كل أشكال التهميش والقمع والعنف الجسدي والمعنوي، لازالت تتعرض للتحرش والاغتصاب وكل مظاهر الإقصاء. لقد عانت المرأة كثيرا من ويلات للحروب ولازالت تعاني في مخيمات اللاجئين تفتقر لكل مقومات الحياة الكريمة. على المستوى السياسي تمثيليتها محدودة، وتوظيفها يكاد أن يكون شكليا للتسويق الخارجي. قلما تصل إلى المراحل الأخيرة في الانتخابات، ولحد الآن نفتقر لرئيسة دولة أو رئيسة حكومة عربية. فلا أعتقد أن الثورات العربية قدمت شيئا جديدا للمرأة، فهي لازالت تقبع تحت نير الجهل والأمية والتخلف بل كانت هذه الثورات وبالا عليها إذ تعرضت للسجن والتعذيب.
أما سبل الارتقاء بالمرأة فأعتقد أن الحل يكمن في تغير النظرة القدحية للمرأة وليس من خلال تحرير جسدها، بل عن طريق تحرير العقول من تلك الصورة النمطية والقاتمة، والتي تحجرت لقرون خلت، واللجوء إلى رسم صورة أكثر وضوحا بدءا من البيت مرورا بالمدرسة والجامعة ومراكز البحث العلمي ودور العبادة والثقافة والتلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي وجمعيات المجتمع المدني..، بمعنى أصح عن طريق مسح صورة المرأة الجسد، وتعويضها بصورة المرأة العقل المفكر، فرقي المرأة لن يكون عن طريق تحرير جسدها وإنما عن طريق سمو فكرها.
حدثينا عن آخر مشاريعك البحثية وهل هناك أعمال أنت قيد الاشتغال عليها؟
صراحة لا أحب الحديث عن أعمالي إلا إذا كانت قد تحققت فعلا، لكن أنا الآن بصدد الاشتغال على عمل تأسيسي كبير لعلم الأديان، يشارك فيه أكثر من عشرين باحثا متخصصا في علم الأديان بالعالم العربي، وهم من كبار المؤسسين لهذا العلم في الجامعات العربية والغربية، سيكون بمثابة تأريخ لهذه الفترة، ويمتد جغرافيا من المغرب إلى حدود لبنان، هي تجربة فريدة وقد لقيت استحسان كل الأسماء التي تشتغل في هذا الحقل المعرفي، المشروع يحتاج إلى بعض الوقت ليخرج في صورة تليق به. كما أنني بصدد انتظار الإفراج عن مجموعة من الكتب حول علم الأديان منها ما هو فردي ومنها ما هو مشترك مع رفيق دربي وأستاذي الدكتور سعيد كفايتي التي تأخرت بسبب جائحة كوفيد-19.
في الأخير لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر لهذه الفسحة الجميلة في رحاب أجيال 21 أتمنى أن أكون خفيفة الظل على القراء مع وافر المودة والتقدير… تحياتي والعبير.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
سلسلة حوارات
سؤال الدكتور سالم بن رزيق بن عوض
المجلة الثقافية: مهتمة بقضايا المرأة، شاعرة وكاتبة قصة …مع تخصصكم في علم مقارنة الأديان كيف تجتمع هذه الشخصية ؟ ومتى اكتشفت الشاعرة القاصة ؟ وهل هناك من شجعكم على الكتابة ؟
الأستاذة الدكتورة كريمة نور عيساوي: لم تكن رحلتي مع الكتابة رحلة عادية فأنا لم أخطط للوجهة ولم أحدد التاريخ… سافرت دون جواز سفر …على امتداد رحلتي القصيرة كنت أحاول لف الحروف بالورد، وسقيها بعبق الياسمين لعلها تستطيع يوما ما رتق ما هرب من درج الذاكرة التي شاخت، ولم تعد تتوانى عن تمرير الممحاة بسرعة على أجمل اللحظات.
قد تكون هنيهتي هذه نواة لأوجاع مشتعلة لا تخبو إلا بعد طي سنوات ضوئية، لكنني أحاول دائما تلوينها بشهقات فرح هاربة لخلق توازن داخلي كاد أن يُسقط إحدى كفتي ميزان الروح. فقد صُمت منذ زمن ليس بالقريب عن اجترار ما هضمته الأيام الخوالي من وجع مرير. لم تكن الكتابة الإبداعية إلا تلك الفسحة التي ألجها وحدي لإخراج الصوت المخنوق في داخلي، وتحرير الروح من سلطة القيد الصدأ الذي يُطبق على أفكارها، إذ أنه من السهل انعتاق الجسد من مختلف أنواع الأغلال لكن من الصعب تحرير العقول والأفكار وإطلاقها في سماء الحرية. الشعر والقصة بالنسبة لي هما الكوة الوحيدة التي أُطل منها وأنا مرتاحة البال، هو العالم الفسيح الذي أرفل في جنباته، وأتسربل بين حدائقه، وأحلق في سمائه الرحبة، هو مشيٌ بأقدام حافية في الحديقة الخلفية لا يتقنه إلا من تربى على التحليق فوق قطن السماء يلفه الصفاء والنقاء، هو الملجأ الذي ألوذ إليه لأحتمي من السيوف المهندة التي تقطع كل مورق يانع لا يَروق للبعض لاعتبارات إيديولوجية أو سياسية أو اجتماعية أو طابوهات مغلقة لم يتجرأ البعض على طرق بابها، أو ربما طرقها فزُج به في جحيم اللعنات، واحترقت القصيدة في طقس احتفالي مهيب. لقد كانت القصائد والنصوص القصصية دائما فسحة لمحبرة الحرف المتعب الملون بألوان الأنين، المصلوب على عمود الإقصاء، هي رحلة في الدقائق الهاربة من الذاكرة الماكرة… أو هي هروب من الصور المتناثرة أمام ركح الحياة… هي الرغبة في تمزيق صفحة الماضي، والارتماء في حضن المستقبل المبهم، إنها الغوص في هذيان الحروف. قصيدتي غضة وطرية عمرها عمر طفل داخلي بدأ يشاكسني بشقاوته منذ أربع سنوات فقط. لكن أعتقد هي قديمة قدم قدومي لهذا العالم، هذه الذاكرة تتمنع علي، تخونني كثيرا وتهرب مني عندما أرغب في مداعبتها، ودغدغتها لأنتزع منها اعترافا متى بدأت علاقتي بالقصيدة… ربما الشعر كان يكتبني دون علمي ودون حروف مشتهاة… فهو لم يترك لي المجال لأكتشفه بل هو كشفني للعيان دون إذن مني، بسطني في صورة دون إطار وعلقني في الهواء… كان زوجي ورفيق دربي الدكتور سعيد كفايتي هو مشجعي الأول، والذي كان يحثني دائما على تأريخ حروفي التي كانت مبعثرة هنا وهناك في ملف خاص، وذات يوم أتفاجئ به يفتح لي حسابا في الفيس بوك ويطلب مني وضع تدويناتي هناك وفعلا هكذا كانت البداية، أما في مجال الشعر فالفضل كله يرجع لشاعر يمني أكن له كل الاحترام والتقدير، فقد كان أول من بادر إلى جمع نصوصي ونشرها تباعا في مواقع متعددة سنة2016. ولما لقيت صدى طيبا، ونالت استحسان القراء والنقاد أخذت الأمر بجدية، وعدت لدراسة الأدب من جديد خاصة وأنني خريجة شعبة اللغة العربية وآدابها، وكان بحث التخرج حول المسرح الاحتفالي في المغرب. فأصدرت ديواني الأول سنة 2017 صهيل من فلوات الأرواح وهو ديوان مشترك مع الشاعر والصحفي المغترب خالد ديريك، من هنا كانت الانطلاقة. اليوم وفي ظل هذه الكارثة… كانت العودة إلى البيت والقصيدة والقصة بمثابة العودة لذاك الأنين المغيب على السطح أو المتجاهل من طرف الكثيرين. فقد كانت تُغطيه مباهج الحياة المصطنعة، أو الرغبة في تيسير الأمور لاستكمال المسير في سفينة الحياة. فبعد تفاقم الوضع في الواقع المعيش وفي وسائل الإعلام من جراء الحجر الصحي في ظل جائحة كوفيد19 التي غزت العالم دون سابق إنذار، وجدنا أنفسنا فجأة في سفينة واحدة تلاطمها أمواج عاتية تثير في أنفسنا الرهبة والخوف من اللقاء، والتجمع، فكان البعد أمنا وحياة، و كان اللقاء موتا محققا. لذا كان الشعر والإبداع هو شراع المبدعين والكتاب يحاولون من خلاله توجيه السفينةـ والرسو ولو مؤقتا في بر الأمان، لذلك وجدتني أرغب في رفع النقاب المسدل، في برجي البعيد الذي كان يحجبني، وأخرج لألوح بديواني الثاني« بقايا امرأة» كما أنني للتو أغلقت نافذتي وأغلقت معها دفتي ديواني الأخير «خلف النافذة». وهي تجربة عشتها في ظل الحجر الصحي، وحاليا أرتب ألبوما للصور وهو تجربة جديدة أخوضها في الكتابة الإبداعية.
_ _ _ _ _
المرأة في المهجر مابين سلطة الماضي وأفاق المستقبل.. مفاتيح رؤية
د. كريمة نور عيساوي
كاتبة وباحثة من المغرب
لا نحتاج التنبيه إلى أهمية وجود الرجل والمرأة معا في المجتمع الإنساني إلى دليل، فالله حينما أنشأ الكون، وخلق الإنسان، جعل البذرة تنطلق من آدم وحواء.
فالمرأة والرجل يشكلان على قدم المساواة نواة الأسرة، ومن هذه النواة الصغرى سيتألف المجتمع. غير أن هذه الحقيقة البديهية سيتم تغييبها عبر التاريخ في ظل هيمنة سلطة الفكر الذكوري الذي أصبح سيفا مسلطا على رقبة المرأة، يبالغ في إذلالها بشتى السُبل وبمختلف الطرق، ولا يتورع عن اعتبارها مجرد سلعة تُباع وتُشترى، وأصبح دورها في أحسن الحالات يُختزل في الإنجاب، وتربية الأبناء، وإشباع رغبات بعلها.
ولا تختلف وضعية المرأة في الحضارات المختلفة التي سبقت العصر الحديث إلا في بعض الجزئيات. ولا يكون التفاوت إلا في بعض الأمور الثانوية.
ففي أوروبا إبان العصور الوسطى اشتد الخلاف حول خلق المرأة وطبيعتها، وتساءل رجال الدين في مجمع “ماكون” هل هي جثمان بحت؟! أم هي جسد ذو روح؟! يُناط بها الخلاص والهلاك؟! وغلبت على آرائهم أنها خلو من الروح الناجية، ولا استثناء لإحدى بنات حواء من هذه الوصمة، غير السيدة/ العذراء أم المسيح عليه السلام. وحُرمت المرأة أكثر من ذلك من الخروج إلى العالم الخارجي، وشاعت عادة أقفال العفة، وهي أقفال من حديد، رُكبت في أحزمة. وخُصصت لتلبسها النساء حول خصورهن، إذا غاب عنهن أزواجهن في السفر، ثم تُغلق بمفاتيح، يُبقيها الزوج معه، لا تفارقه لحظة.
وكان هناك اعتقاد راسخ لا يزعزعه الشك بنجاسة الجسد، ونجاسة المرأة، وباءت المرأة بلعنة الخطيئة الأصلية.
غير أن ما هو مؤكد هو أن المرأة كانت على امتداد قرون طوال ضحية فكر ذكوري مسيطر لم تستطع الفكاك منه جزئيا إلا في العصر الحديث بعدما تهيأت الظروف الذاتية والموضوعية، وخلال هذه الحقبة المظلمة في تاريخ المرأة كان تدخل الدين الذي، على الرغم من تكريمه لها، ظل محدودا وغير مؤثر. فكثيرا ما تكون الهوة متسعة ما بين النص الديني وسلطة الواقع بأعرافه. وكان ظلم المرأة مثله في ذلك مثل استعباد الإنسان لأخيه الإنسان فيما يعرف بالعبودية، وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية الأخرى، مقبولا أو على الأقل غير مستهجن .
إن نشأة الوعي بأهمية المرأة في المجتمع، والدعوة إلى تحررها، وما سيترتب عن ذلك من السهر على تعليمها، ودخولها إلى سوق الشغل، سيفضي تدريجيا إلى رد الاعتبار إليها، وإلى تصحيح بعض ما يُنسب إليها من نُقص هو نتيجة طبيعية لجهل الرجل المهيمن لقدرات وكفاءات المرأة. فقرون من تحكم الرجل بالمرأة، وسيطرته عليها، واضطهاده لها أسهم، بشكل كبير، في خلق صورة معينة عن المرأة تميل في مجملها إلى التشكيك في قدراتها، وإلى الطعن فيما يمكن أن تحققه من إنجازات.
ويصح هذا الأمر على الأقل في مجتمعات العالم الثالث حيث لم تترسخ بعد بشكل تام قيم الحرية والمساواة. والغرب نفسه، وعلى الرغم من أنه قطع أشواطا معتبرة في تحرر المرأة، لم يسلم من مثل هذه الرواسب التي كثيرا ما تجد الطريق ممهدا للظهور بهذا الشكل أو ذاك.
وليس غريبا أن تعلو بعض الأصوات النسائية لمقاومة هذا النوع من التفكير، أو لرفع ظلم مسلط عليهن بسبب تمييز في الأجر أو في تقلد مناصب المسؤولية.
وخلافا للغرب فإن دول العالم الثالث، وتحديدا دول العالم الإسلامي، تتفاوت من حيث المكاسب التي تم تحقيقها لفائدة المرأة.
فهناك دول لا تزال فيها المرأة محرومة، بالكامل، من أبسط الحقوق، وممنوعة من التعبير عن ذاتها، ورازحة رغم أنفها ودون أمل في الانعتاق أو التحرر، تحت سلطة الرجل الذي لا يرى فيها سوى أمة خُلقت لكي تكون في خدمته، فيما خطت المرأة في مجتمعات أخرى خطوات لا بأس بها في مجال انتزاع حقوقها، والدفاع عن كيانها المستقل. وهو ما يؤكد، يوما بعد يوم، أن الاختلافات بين النساء والرجال تميل من منظور الدراسات الثقافية إلى التركيز أولا على الاختلافات بمعنى الجندر (اختلافات ثقافية)، وليس بمعنى الجنس (اختلافات بيولوجية).
وقد أثبتت المرأة جدارتها في مختلف المسؤوليات التي أسندت إليها، وأبانت عن كفاءة عالية في التسيير والتدبير والابتكار. لهذا سيكون من السخف والغباء أن يُشكك أحد الآن في مشروعية هذا الحق، وأن يبحث عن تعليلات، كيفما كان نوعها أو مصدرها، للتصدي له أو مقاومته بخطاب لم يعد يقنع أحدا بما فيهم أولئك الذين لا يتوانون في الترويج له عبر مختلف وسائل الإعلام. وسيكون اليوم، من غير المجدي، الرجوع إلى الخلف، والعودة للعيش في كنف الماضي.
إلا أنه في بعض الأحيان نجد أن المرأة كانت هي السبب في تكريس تلك النظرة بالدونية وتجذيرها في مسارها عبر عقود، خاصة عندما تتوفر لها شروط الاندماج والتطور لكنها تبقى خارج هذه الدائرة، نقصد على وجه التحديد المرأة الوافدة إلى أوروبا من دول العالم الثالث، وبشكل خاص من دول الشرق ومن شمال أفريقيا.
ولعل ما يشتركن فيه جميعا على الرغم من انتماءاتهن الإثنية المختلفة (عرب، أكراد، تركمان، أمازيغ….)، وعلى الرغم من تباينهن على مستوى الدين أو العقيدة أو المذهب (مسلمون، مسيحيون، سنة، شيعة….) هو ذلك الارتباط، (وإن بشكل من تفاوت فلمسيحيي الشرق استعداد أكثر للاندماج في المجتمع الغربي)، بسلطة الماضي حيث تجد المرأة نفسها مجبرة في سياق اجتماعي مختلف على العيش في كنف الرجل، والقبول بسيطرته المطلقة عليها دون أي أمل في الخروج إلى الحياة العامة، وولوج سوق الشغل.
وكثيرات هُن النساء اللواتي ضيعن، بسبب انغلاقهن في البيت، فرصا ذهبية للاندماج. ومن هنا ليس غريبا أن تجد أحيانا المرأة قد أنفقت جزءا كبيرا من حياتها في الغرب ولا تفقه شيئا في لغة بلد الاستقبال الذي أصبح في نهاية المطاف بلدها الأصلي بالرغم من توفرها على عدد كبير من مراكز تلقين اللغات للمهاجرين وكذا جمعيات المجتمع المدني التي تضع تحت إشارتهن متخصصين في ميادين إدماج المرأة في المجتمعات المستقبلة مراعين في ذلك خصوصية كل بلد ودين، ناهيك على ما تقدمه هذه الدول من مساعدات مهمة لهذا الغرض، فهذه الدول تدرك وعن قناعات راسخة أن تكوين المرأة وإدماجها في المجتمع هو السبيل الأنجع لخلق مجتمع نافع معرفيا، غير أن بعض النساء المهاجرات نجدهن بعيدات عن هذا المسار الذي من شأنه أن يخلق منها نموذجا فاعلا في البلد المضيف، إذ نجد شريحة عريضة من هن تنبهر بما تقدمه الثقافة الغربية من انفتاح وحرية، وعوض أن تستفيد مما يوفره لها البلد لمضيف من حقوق في مجال البحث والتعليم والتكوين تساعدها في خلق شخصية قوية قادرة على العمل والعطاء، نجدها تكرس أغلب جهدها لإظهار مدى تحضرها انطلاقا من تغيير مظهرها بشكل لافت لمسايرة الموضة الغريبة في بعض تمظهراتها الهجينة واستغلال الحقوق بما يتنافى مع الإطار الأسري الذي كانت تعيش فيه سابقا، رافعة عصا الطاعة في وجه أسرتها أو زوجها وخصوصيتها الثقافية والدينية، منبهرة بما يقدمه لها بلد الإقامة الجديد من حرية وحقوق، وقد تفاقم الوضع في السنوات الأخير مع كثرة المهاجرين نتيجة الأوضاع غير المستقرة التي عرفتها وتعرفها المنطقة العربية، وارتفعت نسبة الطلاق في الأسر المهاجرة أو اللاجئة، وتم فهم الحرية بطريقة مغلوطة وتوظيف القانون بشكل بشع، فكان الأطفال هم كبش الفداء ، هؤلاء الذين كان حلمهم الانتقال إلى الجهة الأخرى من أجل الظفر بحياة هانئة مثل بقية أطفال العالم، نجدهم يزج بهم في دوامة كبيرة لا يستطيعون منها فكاكا، وقد أثبتت بعض الدراسات التي تعنى بالهجرة أن العديد من الأسر المهاجرة واللاجئة عرفت تفسخا أسريا نتيجة عدم اندماج المرأة في المجتمع المستقبل وعدم استغلالها للحقوق على أحسن وجه، وأنا هنا إذ ألقي باللوم على المرأة ليس من باب التجني عليها ولكن من باب الدعوة والنظر إلى عاقبة الأمور، فنحن في حاجة لامرأة قوية قادرة على إبراز كفاءتها أينما كانت، وليس مجرد صورة تسوقها رياح التغير دون وعي منها .
إن المعادلة الصعبة تكمن في أن تتمكن المرأة من الاندماج في المجتمع الغربي دون أن تفقد هويتها وخصوصيتها الثقافية. وهو أمر مُمكن في فضاء المواطنة الواسع حيث ينعم الجميع في دولة الحق والقانون، بصرف النظر عن العرق أو الدين أو الثقافة، بقدر كبير من الحرية يسمح للمرأة بأن تنخرط بقوة في المجتمع الغربي للإسهام في بنائه لاسيما أن جزءا من الإكراهات، ولا أقول كلها، التي تواجه المرأة في الشرق أو في شمال أفريقيا لا وجود لها في بلدان الأوروبية.
إذ أن فكرة مساواة المرأة بالرجل خاصة في السياق العربي الإسلامي، وتحديدا في المجتمعات التي قطعت أشواطا في التمدن، وليس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، جعلت المرأة، ولاسيما الأم العاملة، تقوم بوظائف متعددة ومتنوعة تستنزف طاقتها، وتهدر مجهودها، وتجردها من إنسانيتها لـتصبح أشبه بالآلة الصماء التي لا حق في الراحة ولا حظ لها في الاستمتاع.
في ظل هذه الظروف الإيجابية سيكون من الواجب على المرأة أن تُشمر عن ساعديها لإبراز كفاءتها العالية في مختلف مناحي الحياة العامة سواء في الوطن أو في المهجر، وأن تقتنع بأن الطريق نحو الاندماج الحق يمر حتما عبر العلم. وسيكون من المفيد أن تتحول نساؤنا إلى قوة ضاغطة يُحسب لها ألف حساب في أي إجراء يُتخذ في حقل الهجرة أو اللجوء أو غيرها من القضايا الحيوية.
الدراسة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
_ _ _ _ _ _ _ _ _
الصحة النفسية لفلذات أكبادنا خط أحمر لا نساوم عليه
هذا الصباح راودتني مجموعة من التساؤلات بشأن واقع التعليم في المغرب في ظل جائحة كورونا والسياسة التي تبنتها الوزارة الوصية على التعليم، غير أنها (ولنكن صرحاء مع أنفسنا) كانت مخيبة لآمال تلامذتنا فلذات أكبادنا، الذين أضحوا بسبب بعض القرارات عبارة عن آلة عمياء صماء يمكن الضغط على الزر ليكونوا جاهزين لاجتياز الامتحان الجهوي متى شاء الأوصياء على التعليم ذلك؟
من المعلوم أن هذا التلميذ أمضى صيفا استثنائيا ومرهقا نتيجة الضغوطات النفسية المترتبة عن جائحة كورونا، ناهيك عن الإكراهات الفكرية الناجمة عن التحضير المكثف والمستمر للامتحان من أواسط شهر مارس إلى الآن، وهذا التلميذ المسكين نفسه سيشرع قريبا في تلقي دروس السنة الثانية باكالوريا ويكون مطالبا بالاحتفاظ بماحضره من مواد للسنة أولى باكالوريا، ومتأهبا كأي جندي في ساحة الوغى لاجتياز الامتحان الجهوي في أي لحظة يتم فيها الإعلان عن ذلك.
ومما زاد الطين بلة أنه سيكون مخيرا ببن متابعة الدروس حضوريا أو متابعتها عن بعد، مع تحمل أولياء الأمر لمخاطر الخيار الأول.
ما اعتقدت يوما أننا سنصل إلى هذه المرحلة المتقدمة من الاستهتار بفلذات أكبادنا مهما كانت النيات صافية والأهداف سامية والرغبة الأكيدة في خدمة التعليم في المغرب والرقي به. لأننا صراحة باتباع هذا المخطط سنسهم في إنتاج جيل مثقل حتى النخاع بأعطاب هذه المرحلة العصيبة.
فالصحة النفسية للمتعلمين أولوية مقدسة لايمكن الاسهانة بها أو إغفالها أو التقليل من آثارها الكارثية على الفرد والمجتمع. وعلماء النفس يعرفون حق المعرفة أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.
بالنسبة إلي كأم وكممارسة لمهنة التعليم كان من الأجدر الاعتماد على نقط المراقبة المستمرة على غرار فرنسا التي نقلدها في كل صغيرة وكبيرة، فقد تخلت كما نعلم جميعا هذه السنة عن الامتحانات واختارت أن تبني جيلا سويا يتمتع بصحة نفسية وجسدية، ومن المفارقات أن السياسة التعليمية في بلادنا آثرت التطبيق الحرفي للقانون المنظم للامتحانات ضاربة عرض الحائط ما يقتضيه الوضع الراهن من مرونة في تنزيل هذه القرارات وهي لا تدرك أنها بهذا الإجراء ستنتج جيلا معطوبا نفسيا.
لهذا أجدني في هذا الصباح أهمس لنفسي : الصحة النفسية لفلذات أكبادنا خط أحمر لا نساوم عليه.
Post A Comment: