الأزرق ليس مجرد لون، بل أعمق من ذلك، فهو كيان و شعور حيث تغنى به الشعراء في قصائدهم.
فيقول نزار قباني في رسالة من تحت الماء : البحر الأزرق في عينيك يناديني نحو الأعمق
و أنا ما عندي تجربة في الحب و لا عندي زورق
و محمود درويش شاعر اللون الأزرق حيث كان للأزرق حضور قوي و مميز في العديد من قصائده فيقول في قصيدته (فرحاً بشئٍ ما ):
خذوا ما شئتم من زرقة البحر و الذاكرة..
و في قصيدة أخرى يقول: قليل من المطلق الأزرق اللانهائي يكفي لتخفيف وطأة هذا الزمان
و تنظيف حمأة هذ المكان
و في عشق هذا اللون دعوني أصطحبكم في جولة حول عالم الأزرق :
أول ظهور لكلمة أزرق كان عند المصريين القدماء حيث أن المجتمع المصري القديم أستطاع انتاج الصبغة الزرقاء من الأزوريت (كربونات الصوديوم) و هو من أقدم المصادر التي كان يستخرج منها اللون الأزرق و يوجد بحالته الطبيعية في سيناء و الصحراء الشرقية ومن المعروف أن المصريون القدماء كانو لهم استخداما مميزا للألوان في النقوش و الرسم على جدران المعابد و في الزينة و المقابر المنتشرة من الشمال إلى الجنوب و كان اللون الأزرق على وجه الخصوص يحظى بأن لكل درجة من درجاته رمز يميزه مثلا:
الأزرق الفاتح يرمزللهواء و السماء و يرمز للاله امون .
الأزرق الغامق من اللازورد هو رمز للسماء في الليل أو العدم.
الأزرق التركوازي و هو رمز لعالم مياه النيل و الذي ينبع منه جميع الأحياء.
و ارتبط الأزرق بالطقوس و العبادات و كانت له صلة وثيقة بالخصوبة و اعادة الحياة .
الأزرق المصري : وهو من تدرجات اللون الأزرق استخدمها المصري القديم كصبغة لبعض النقوش و أعمال الخزف و يعد أول صبغة صناعية تم تصنيعها حوالي عام 2200 قبل الميلاد من طحن الرمل و النحاس و النطرون و كان الجير من العناصر الأساسية في تصنيعه.
و قد سميت مدينة شفشاون المغربية بالمدينة الزرقاء حيث يرجع سبب تلونها بهذا اللون الى القرن الخامس عشر الميلادي حيث سكن اليهود بالمدينة هروبا من اعمال التطهير العرقي باسبانيا و قامو بطلاء منازلهم باللون الأزرق و كل ممتلكاتهم لاعتقادهم انه اللون الاقرب للسماء و ذلك سيذكرهم بالله . و رغم هجرة اليهود عقب الحرب العالمية الثانية للمدينة الا أن السكان الأصليين حافظوا على هذا التقليد برعاية حكومية فأصبحت (المدينة الأكثر زرقة في العالم ) و أصبحت من أهم مناطق الجذب السياحي في المغرب .
و على صعيد الفن التشكيلي :
فقد أثر اللون الأزرق في أعمال أشهر الرسامين أذكر منهم رائد المدرسة التكعيبية (بابلو بيكاسو) حيث سميت مرحلة من حياته بالحقبة الزرقاء و دامت قرابة الأربع سنوات بدأت من عام 1901 عقب انتحار صديقه (كارلوس كازاجيماس) حيث مكث بيكاسو في مرسم صديقه يرسم لوحات معرضه القادم أنذاك و قد أثرت حالته النفسية على لوحاته فخرجت جميعها باللون الأزرق مع الأخضر المائل للزرقة و كانت من أهم مراحل حياته و أكثرها شهرة في تاريخه الفني.
في علم النفس :
يعتبر اللون الأزرق من الألوان الباردة التي تعزز الاسترخاء الجسدي و العقلي و يرمز الى العديد من المعاني منها
الطاقة و الاثارة : حيث يرتبط بالحيوية و النشاط .
الهدوء و السكينة : لارتباطه بشكل كبير بالسماء الصافيه و المياه الهادئة و يحد من احساس القلق و التوتر .
الخيال الواسع والالهام :لارتباطه بالمساحات المفتوحة التي تعزز الشعور بالحرية .
و على صعيد آخر يستخدم في العلاج النفسي و العصبي، حيث يتمتع الازرق الداكن باحساس الاستقرار و السلام، فهو يساعد في الحالات النفسية القاسية كالاكتئاب و الصرع و الهيستيريا .
Post A Comment: