تعريفُ التَّعَجُّب: هو استعظامُ أَمْرٍ ظاهِرِ المَزِيَّةِ مجهولِ السَّبَبِ. وَهْوَ رَوْعَةٌ تَأْخُذُ الإنسانَ عِنْدَ اسْتِعْظامِ شَيْءٍ. ومنهُ الْعُجابُ. وَهْوَ ما يَدْعُو إلى الْعَجَبِ. وفِي الْقُرْآن: (إِنْ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ).
صِيَغُ التَّعَجُّبِ:
- هناكَ صيغتانِ أساسِيّتانِ لِلتَّعَجُّبِ هُما:
ما أفْعَلَ. وَأَفْعِلْ بِِهِ.
هاتانِ الصِّيغتانِ في إعْرابِهِما مُشكِلَةٌ مُعَقَّدَةٌ، كما جاءَتْ في كتبِ النَّحْوِ الْمدْرَسِيَّةِ وفِي غيرِها، جديرَةٌ أنْ نَقِفَ عِنْدَها مُحَلِّلينَ.
لقد عانينا في صِغَرِنا من عَدَمِ فهمِ منطِقِ إعرابهما، الذي لم يُقْنِعْنا، ولَم يَدْخُلْ عقولَنا لمجازِهِ المُعَقَّد، وَنَحْنُ في المرحلتينِ الإعداديَّةِ والثّانَويَّةِ. ولا أُريدُ أنْ يَصْلَى به أبناؤُنا وأحفادُنا في المرحلةِ الثّانويَّةِ إِنْ كانَ في منهجهم النَّحْوِيِّ.
كَيْفَ يُعْربونَ في كُتُبِ النَّحوِ جملَةَ التَّعَجُّبِ في الصِّيغَةِ الأولى - مَعَ العلمِ لَيْسَ لي مُشكِلَةٌ في الصِّيغَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ، فهمًا جميلتان وقد نطَقَ بهما القرْآنُ الكريم، وإنَّما المشكلةُ، كما قُلْتُ، في إعْرابِهِما.
ففي جملةِ: (ما أَجْمَلَ الربيعَ) التَّعَجُّبُ نابِعٌ من سببِ جمال الرَّبيعِ الْخَفيَّ. يِعرِبون هكذا:
ما: نَكِرَةّ تامَّةٌ بمعنى شَيْءٍ في مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ.
انظُرُوا إلى هذا التَّعقيدِ الذي لا لُزومَ له، يُرَدِّدِهُ الطّالِبُ كالْبَبْغاءِ دُونَ فَهْمٍ.
النَّحْوِيّون يقصِدونَ: شَيْءٌ (مخفِِيٌّ أجمَلَ الربيعَ، أيْ جَعَلَهُ جميلًا).
لماذا هذا التَّعقيد؟ ألا يكفي الطّالِبَ معرفةُ معاني كلمةِ (ما) المتعدِّدَة. فهي حرفِ
ُ النَّفيِ، واسمُ الشَّرْطِ، والاستفهامُ، والحجازيَّةُ، والاسمُ الموصولُِ وغيرُها حَتَّى نُضيفَ له مُعْجِزَةً أخرى؟
أقتَرِحُ حَلًّا لهذا المشكلِ: أنْ يتعَلَّمَ الطّالِبُ أنَّ التركيبَ "ما أفْعلَ" صِيغَةُ للتَّعَجُبِ، والكلمةُ المنصوبَةُ الربيعَ متعَجَّبٌ منه منصوبٌ. وهذا يكفي.
الصيغةُ الثانِيَةُ: أفْعِلْ به مِثْلُ (أسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ. الكهف  آية٣٨)
هذه الصِّيغةُ لا تَقِلُّ تعقيدًا عن الأولى إِنْ لم تَزِدْ:
يُعْرِبونَها هكذا:
أسْمِعْ: فِعْلٌ ماضٍ على صورَةِ الأمْرِ بمعنى "ما أَسْمَعَ".
هل هذا الإعرابُ يجري على العقل؟ كَيْفَ يفهمُ الطّالِبُ إعرابًا كهذا؟
أليسَ الأفضلُ أن يَتَعَلَّمَ الطّالِبُ أنَّ صيغَةَ أفعلْ به صيغَةٌ للتَّعَجُّب لا غير. والباء حَرْفُ جَرٍّ ، وما بعدَهُ مجرور. وبهذا نُسَهِّلْ على طُلّابِنا قضيَّةً معقَّدَةً من قضايا النَّحْوِ، كالإعرابِ المحلِّي مثلًا الذي يَجِبُ أنْنتخلَّصَ منه.



Share To: