"استيقظ الوعي العماني الشعري على جملة بسيطة جدا، وسهلة النقد والكشف ألا وهي "في عمان تحت كل حجر شاعر" إلا أنها بعيدا عن النقد تحمل دلالات الكثرة؛ ففي عمان التي تتناثر فيها الجبال وتحيا بين الناس وكثيرا ما شقوها وعمروها وسكنوها بيوتات ومهدوها شوارع وطرق، فما أكثر الحجارة في عُمان! وبالتالي ما أكثر الشعراء موازاة بها، كما أن هناك ملمح دلالي آخر يذهب إلى فكرة الخفر أو العزلة والسكون والهدوء التي يتشارك العمانيون فيها مع المكان بشكل عام وتشكّل سمة إنسانية عمانية خاصة، فهؤلاء الشعراء الذين هم بعدد الحجارة لايملؤون الكون ضجيجا وصخبا وشعرا بل هم مختبئون تحت أبسط مكونات البيئة، صامتون بعيدون ساكنون. لا يأهبون للضوء والانتشار والظهور، إنهم يقرؤون الكون من الداخل للخارج ويكتبون بصمت وبهاء وتريّث.
فإذا الشعر والإنسان والمكان في عُمان يعيشون في اتحاد ضمني وحضور كلي معا، تارة يكتبهم وأخرى يكتبونه،  فمنذ مالك بن فهم الأب الأول والملك الظليل الذي جاء بعشقه اليماني وحنينه الذي امتد من روحه وإبله وقصائده فتوزع في دم المكان والإنسان حتى آخر شاعر يحاول أن ينظم بيتا شعريا بلغة القرن الحادي والعشرين مرورا بسليمان النبهاني والحبسي والستالي والغشري فأبي مسلم البهلاني المتنبي العماني  فالخليلي والطائي وأبو سرور الجامعي وسيف الرحبي وسماء عيسى وزاهر الغافري وعبدالله حبيب وعبدالله الريامي وصالح العامري وهلال الحجري وسيف الرمضاني وحسن المطروشي وعبدالله البلوشي  وإبراهيم سعيد وخميس قلم ومحمد السناني ومحمود حمد وبدرية البدري وشميسة النعماني وعائشة السيفي وهشام الصقري وغيرهم كثر يكتبون القصيدة بكل أشكالها وألوانها وخصائصها وبلاغتها وعمقها وخفتها. 
فالشعر زاد العماني وزواده، وسمره وسماره، وبصره وبصيرته، هو الذي تهدهد به الأم مهد صغيرها، ويمسح به المزارع عرقه، ويلقي الصياد شباكه مع بيت شعر كتعويذة حظ، ويترنم به الحداة في رحلاتهم في طريق الحرير.
لذا فالمتلقي يقرأ الشعر العماني الذي يحب ويتفاعل البعض مع القديم كما يتفاعل البعض مع الجديد حد أننا لا نستطيع أن نقول أن شكل قصيدة يطغى على أخرى، أو شاعر يسبق شاعر ، ربما هناك أسباب ترجع لمصادر التكوين الشعري كالدراسة في الخارج، والسفر والاحتكاك الفكري وغيرها  تجعل شاعرا ما يتخذ شكل القصيدة التي يأنس بها، لكن بلا إقصاء ولا مصادرة، الأشكال الثلاثة ماتزال تتحرك في ذات المدارات بسلام وأمان، تماما كما يعيش العمانيون مع بعضهم، في حين يكون للمتلقي خياراته وذوقه ذاتيا قرائيا أو نقديا أكاديميا في حرية القراءة والاطلاع والانحياز لشكل دون آخر، ولشاعر عن آخر لما يملك من أدوات ووعي وجمال وثقافة توافقه."



Share To: