أمضي هنا وحدي
بلا رعشةٍ في المفاصل
ولا دقّاتٍ عالية
وأملأ فمي من التوت الأبيض 
الذي نزل من حبيبتي
دون أن ترى قمرًا نصفُه أنثى
وتحضن رأسي كأنّه فراشة
وذراعاها طائران  
إلى أن أعود من العاصفة التي حذرتني من الموت
أو أهربَ إلى غابةٍ تملؤها الرؤوس المقطوعة
ولا أعرف حبيبتي من الخواتم
ولا أحملُها على ظهري
وتمشي وحدها في أمطار غزيرة
إلى شجرات الكرز
وأنا نائم في صوفٍ أبيض
لا أعرف الليل من النهار
وأترك عنقود العنب على حاله
 لا ترضى بالتوت الذي حملته من آخر الأرض
ووقفتُ على بابها وحيدًا
أرى أمي وأبي يدخلان ويخرجان 
ولا يتركان يدي 
إلا لِيقبّلا حبيبتي في سريرٍ قديم.

(٢)
لا الفراشات التي تأتي أحبها في الصباح 
ولا حبيبتي بين كرات الثلج
وأضحكُ من حذائها ذي الرقبة الطويلة
يا لَها من ملاكٍ يترك قمحَه لعاصفةٍ جديدة
وتقعد وحدها تغنّي لمجنونٍ حمل ثوبها أمام الناس
وذهب إلى أمّه كي تذبحَ له ثورًا
وتضعه في تابوتٍ من الخشب الأبيض
يزوره المنفيّون وأصحاب الحدَقات الكبيرة
ويهمسون أنّ له قمرًا على بابها
يحفظه من الطوفان ومن الموتى
فأرفع ذراعي وحيدًا
بين أحراش خاليةٍ من العشب
لِوعلٍ يتردّدُ على المياه
ويشم عطرها بين الأشجار
فأيّهم يأخذ قميصي ويضعه على عينيها
إلى أن تعرف أصابعي وتعودَ إلى الحجرة العالية؟
فهناك زعفرانٌ ولوز وآنيةُ بيضاء
فقد تأخر زفافي لهروبها مع رجلٍ أسود
لا يعرفُ البحر الميّت ولا مخطوطاته
التي عثروا عليها بين حطام السفينة.

(٣)
لابدّ أنّه أسود
ولا بد أن يحمل عرائسَه إلى سفينةٍ في أعالي المياه
وأن يلقيَ بكرات الثلج على الأشجار
بعد أن ألفت الطيور الغريبة
وأن يقطع نومه على المهاجرين فوق الجسر
فقد رأى ذراعَها القصيرة على النافذة
وهي تملأ حقيبتها بالتوت الأحمر
وتضحك لصاحب اللحية
الذي عبر وحده إلى الأحراش
دون أن يفرغ أصابعه من القمح
وتعطي له كاملَ ظهرها دون نمنماتٍ على الفراش
وتقبض على ملاكه النائم
ولا يرى على الحشائش إلا خيالاتٍ قريبة
ورثها من حقول الموز
فأيُّ عاصفةٍ يهرب الآن منها
وقد اكتفى المحروسُ بالنصفين
على خديعته الأولى
وتركَ قمحَه لأزهارٍ طويلة الأعناق
تذهبُ بسحرها إلى نفقٍ لا شمسَ فيه
حتى تهبطَ الأمطار؟

(4)
لم يكن بائع الألبان في تلك الليلة 
على سريره العالي 
إذا أخذت اليونانية 
البيضاء 
شاله أثناء الشراب 
وذكرت أن الفيضان حفظ 
ابنه الوحيد 
الذي يأتي في ثياب طويلة
إلى حانة أخرى 
ويصرخون عليه إذا انتهى الموسيقار 
من نزيفه الحاد: 
أن أخرج إلى برية 
مليئة بالعواصف 
بها أطياف مكسورة 
و(إيمي) التي وضوعها 
بين هلالين 
تري حبيبها على الحافة 
يخلع القميص في الهواء 
ويقبض على طيور محروقة 
تأتي من السفائن البعيدة 
فيصرخ على الذين يعبرون الجسر: 
القمر أنثى 
بلحية بيضاء 
فمن الذي ترك حبيبته 
على الفراش 
دون أن يحفظ ملابسها من الأمطار 
أو يحملها إلى حجرة عالية 
لا يعرف اللصوص بابها 
ولا ينادون في الشوارع والمقاهي 
علي أطرافها القصيرة 
أو أقدامها التي تدوس 
على الصوف الأبيض 
ولا ترجع الا بعظام قديمة 
تراها على الموائد 
أو في احتفال عام 
وتردد مع الآخرين 
الإيقاع الذي يسبق النوم دون سرير 
أو فاكهة معلقة على الباب 
إلا وسجادة حمراء)
يضعها الحارس 
أمام أقدامنا 
في الصباح.



Share To: