نغمة صوتها حياة أخرى ، حياة سرمدية ، خالية من شوائب تعكير المزاج ، تعمل تلك النغمة على زرع الراحة في الروح حتى ولو كان همك بالغ الذروة ، صوت المراة الرقيق كفيل بأن يجعل قلب الرجل يرقص في قفصه الصدري ، ينبض بسلاسة وصفاء عميق ، يضطرب أول وهلة ولكن تخمد ثورة الاضطراب بعد الكلمة الثانية الصاعدة من الأوتار السماوية للمرأة.

عندما تتكلم يصمت جميع المخلوقات إجلالاً لترنيمتها العذبه ، تبتسم السماء وتكفكف سحابها وتغطي ثغرها الناطق من لسعات الشمس الحارقة ، حتى الشمس تصاب بالدهشة وتواري جسمها الملتهب من أجل إفساح لها المجال في هداية القلوب وتثبيتهم على مبدأ التأمل في إبداع التحكم بالاوتار الصوتية ، تصمت الطبيعة وتلملم كل رابطة جأشها من أجل الحصول على السلام من تراتيل نغمتها العابثة للمشاعر الإيمانية.

الإستماع إليها في أوقات الهدوء - ساعات الليل المتأخرة - يدخلك في روضة من رياض الجنة ، يأخذك الى عالم أكثر روحانية ووحدانية ، ينزل السكينة على قلبك كهبات نسيم باردة قذف بها مد البحر الجميل ، تستشعر بقوة الصبر الذي يتكور في داخلك ، الصبر على البعد الذي كتبه لك القدر ، تذوق حروفها وهي طازجة يعادل تذوق الطلح المنظود ، الإستماع إليها يساوي النوم على رف الطبيعة الخلابة ومضاجعة الطبيعة في أوقات السحور.

عندما استمع إليها تتحدث أصعد إلى سدرة المنتهى ، سدرة منتهى الجمال الفني في إبداع التحكم بمخرجات الأحرف ، نشوة الإرتباط بمبدأ عالم النساء تغمرني ، احاول العودة إلى العصر الروماني وانتج مقطوعة إلهية تخلد صوتها الرباني المختلط بنغمات العشق وذرات الهوى ، وحنين المحبين. صوتها للروح التائه طريق وهداية ، وللمشردين مسلك وغاية ، وللمحبين - مثلي - ضلال وغواية.

اصمتِ لعلي أعود سليماً معافى ، أو تكلمي حتى أعود مريضاً بكِ أيتها التعوذية الجميلة ، الدواء الرحيم ، ماذا إذا قرأت القرآن أمامي ؟ لم استطع أن أصدق بسبب قوة الموقف الذي تخيلته، " اقرأ بسم ربك الذي خلق"؟ أريد أن أسمعها منكِ يا ناطقة الطبيعة؟.



Share To: