عندما أصبح أمامي مباشرة شاكيا حزينا ،غاضبا قائلا: الشاويش ضربني قلم يا ديب توهني بين الخروع والذرة ؟!. تعبير طازج مباشر تشتم فيه طينة الأرض و رائحة الحقل ،وبراءة الفلاح وصفاء نفسه وخيال المصري الخصب وقدرته على التصوير والتعليق على الأحداث بسخرية ولا يستثنى نفسه من تلك السخرية أيضا... تعبير مباشر قريب من الطبيعة المغروس في طينها من قديم الزمان .....
،ولمن لا يعرف محمد عطية بسيوني وأعتقد أن لا أحد يعرفه غير أمه وإخوته وبعض أقاربه ... هو زميلي في التجنيد فطيبة خاطره في الحقيقة هو يمثل شخصية الفلاح الأصيل خفيف الظل . محمد من كفر الشيخ فأنا معجب بتصرفاته وطريقة حديثه وما يتضمنه من كم كبير من فلكلور الثقافة الشعبية و التراث المصري الضارب في القدم. فهو كل ذلك مجسدا يمشي علي الأرض ؛يحفظ حكم ،وأمثال تعود للماضي البعيد وأكثرها وجع وألم وشكوي منذ عهد الفلاح المصري السحيق..... أحب الحديث معه ومناقشته لأسمع منه الكثير فهو حكواتي مصاطب من طراز فريد ،كنت لا أناقشه بل أنكشه وأحيانا أتعمد أن أغضبه أثناء الحوار معه ليبوح بمخزونه الذي لا ينضب ،محمد عطية بسيوني :يفسر التاريخ من خلال الموروث الشعبي حسنا ،أو قبحا .بحكمه وامثاله ،و ثقافته البسيطه فكان يختزل أحداث كبري وحروب مدمرة وثورات وشعارات مرفوعة ثم يلقي عليها الضوء :شارحا لها ، ومفسرا محللها بكلمات قليله سمعها من خالته عزيزة ، أو مسعد؛جوز عمته، أو فتحي وكأنه يتحدث عن فلسفة "إيمانويل كانت "أو هيجل ،أو عبد الرحمن إبن خلدون أساطين مفسري التاريخ وشارحوه ....
الحقيقة أن : نظريات محمد لا تخلوا على بساطتها التى هى بيعدة كل البعد عن التنظير الفكري من طرافة وعفوية وعمق ،ومتعة لمن يستمع إليها ، ليس هناك موقف أو حدث إلا ويشرحه بالحكم والأمثال والوجع والألم الإنساني وخاصة ما يحمله بداخل طياته المورث المصرى......... من بين كلماته ووصفه: للشخص الرخم ثقيل الدم: ده عليه وش يشحت به جاموسة؛.......و في أمور أخري متفرقة: الكتكوت بيموت وعينه في الدشيشة ،....... طول ما أنت طبال، وأنا زمار ها تبقي بيننا ليالي ......فيه ناس في بلدنا بتحسد ،أى يموت يوم الجمعة ........بيحسده الأعمى علي طول عكازه........وكان له كلمات غير مأثورة منها:كل أكل الجمال وقم قبل الرجال.......؛وعيش ندل تموت مستور...في أحيان وأحداث كثيرة ؛كنت أتمني أن استمع لرؤيته علي بعض الأحداث من وجهة نظره البسيطه المختزله للأحداث الجسام ،برؤية الفلاح وموروثه وحكمه وأمثاله المصرية والتي هي خلاصة تجربة عريضه من الألم والأمل الذي يستمد منه الفلاح سر بقائه وصبره ،ويتغني به ويجتره كلما أبكته الحياة وكثيرا ما تفعل...
Post A Comment: