من المهم أن نشخص المرض كي نحدد العوارض والتي منها يمكننا تحديد السبب والطريق إلى اكتشاف الحل.
وأنا أنظر إلى البشرية بنظرة أخوية مبنية لكل من يعيش على هذه الأرض من لدن آدم عليه السلام أبو البشر. فالناس كانوا أمة واحدة وجعلهم الله قبائل ليتعارفوا، فما الذي جعلهم يتحاربون ويتقاتلون؟! وعلى أي شيء يتقاتلون؟! وما جدوى تلك الحروب؟! ومن المحرض عليها ومن المستفيد؟!
وبناء على وجهة النظر التي طرحتها سالفًا، أرى أن السبب الحقيقي وراء هذا التنازع بين الأمم هو رؤية كل طرف لما طرحته من وجهة نظري من زاوية أخرى، بمعنى أن كل طرف يود أن يفرض رأيه ورؤيته على الآخرين ويرى أن هذا هو الطريق الصحيح وأن على الجميع اتباعه. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية؛ لأن سبب النزاع الأزلي بين البشر أبعدهم عن الغاية التي خلقوا من أجلها وهي عبادته وحده حيث قال:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات 56)
ولكن هل يؤمن جميبع البشر في الكرة الأرضية بعبادة الله الواحد الأحد وهل يرى جميع الناس أن هذا حقيقي أم أنه خرافة اختلقها البشر هنا يبدأ الحوار والنقاش حول الهدف وما نؤمن به وما يؤمن به غيرنا وبين الاختيار الذي يختاره كل إنسان لنفسه وكل أمة وكل مجتمع وكل حضارة الهدف من الحياة وأين السبيل ,أين الحقيقة وأين الطريق وماذا تكون النهاية ؟
إن هذا الاختلاف في الرأي هو عنصر أساسي في بناء البشرية، فكل أمة ارتأت لها طريقاُ وأفكارًا تبني عليها مجتمعها، ومن ثم بدأت في نشر هذه الأفكار في العالم. لذا سأحاول معكم شرح كيفية بدء التصور للوجود الإلهي من وجهة نظر كل أمة، وكيف بدأت من خلال هذا التصور أن تبني مجتمعاتها.
المبحث الأول
الله تبارك وتعالى، من وجهة نظري و من وجهة نظر المجتمعات الأخرى، وسبب هذا الصراع:
بداية، فإن سبب هذا الصراع هو الإنسان، حيث أراد أن يضع إجابات عن وجود الله عز وجل، وكانت هذه الإجابات هي سبب نشأة الأديان وسبب اختلاف مذاهب البشر وتنوعهم مابين الديانات الوحدانية أي الإسلام والنصرانية واليهودية، والديانات الأخرى في شرق آسيا والهند وحتى العلمانيين في العصر الحديث. وكانت إجابات هذه الأسئلة تصنع السلام النفسي داخل النفس البشرية وتؤثر في إيجاده، كما تؤثر في روحه، فماذا صنع الإنسان كي يصل إلى هذه الإجابات وما هو الطريق المستقيم؟!
إنها قضية الوجود والبحث في الذات الإلهية لإيجاد مفهوم منطقي لقضية الوجودية والبحث عن الحقيقة.
انقسم العالم إلى فرق؛ منها المسلم والكافر واليهودي والنصراني والعلماني. وسنناقش كل فرقة منها على حدة، كما سنناقش كيفية اختيار هذه الفرق لعقائدها. ولكن ما يجمع بين هذه الفرق في النهاية هو أنها آمنت بمعتقداتها بل وصارت تحارب من أجل الدفاع عنها، ولم تسمح لأي أحد بالتعدي عليها لأنها أصبحت جزءًا من هذه الفرق. فعندما يؤمن الإنسان بمعتقد ما فإنه يصبح جزءًا لا يتجزأ منه وإذا حاولت أن تثبت له عدم صواب ذلك الاعتقاد أو أن تشكك فيه، فليس من المستبعد أن يقتلك.
وهذا الصراع العقائدي بين البشرية هو السبب الرئيس في نزول الرسل بالرسالات لهداية الناس إلى طريق الصواب. ولكن لم يؤمن كل البشر بما جاء به الرسل وآثر بعضهم أن يختار لنفسه طريقا أخرى. فمن الذي كان منهم على صواب؟ ومن كان منهم على حق؟
وفيما يلي نطالع بعض الآيات التي أنزلها الله عز وجل في كتابه العزيز تناقش الكفار واليهود والنصارى وحتى العلمانيين حول الطريق المستقيم وأين يكمن الحق، وما الدليل على أنه كذلك، وما الدليل على أنه الطريق المستقيم وأيضًا الدليل على أن هذا الكتاب منزل من عند الله عز وجل وعلى أن ما جاء به نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام هو من عند الله تعالى، وأن الوحي أنزل عليه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن الله أرسله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويحق الحق بكلماته ويهدى الناس إلى صراط مستقيم.
الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿ 35 ﴾ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴿ 36 ﴾ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴿ 37 ﴾ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿ 38 ﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿ 39 ﴾ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴿ 40 ﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿ 41 ﴾ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿ 42 ﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ﴿ 43 ﴾ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴿ 44 ﴾ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿ 45 ﴾ لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿ 46 ﴾
Post A Comment: