المقدمة

الهدف الأساسي من تأليف هذا الكتاب هو الخروج من هذه الهوة الاجتماعية والفساد الأخلاقي الذي نعيشه، فالبشرية رغم ما توصلت إليه من اكتشافات؛ فإنها  ما زالت تغوص في بحر من ظلمات الدنيوية الفكرية والمادية البحتة. هذه المادية هي التي خلقت للاقتصاد أنيابًا تفترس الجميع ولا ترحم إلا أصحاب المال والنفوذ والسلطة. ولا تسعى هذه المادية بالتأكيد إلى بناء اجتماعي متكافل. ونتيجة لذلك انتشر الفساد في مجتمع أصحاب المال والسلطة، في مقابل انتشار الفقر والجهل خارج هذا المجتمع الطبقي. ومن ثم لابد وأن تتسبب هذه المعادلة المختلة في انتشار الجرائم بين المجتمع ككل. لذا أود أن أخرج من هذا الكتاب بدليل أو طريق نستطيع من خلاله تغيير شكل المجتمع وضبط قيمه بما يرفع الظلم عن الناس جميعًا. ولا أعني بذلك أن نتحول إلى المدينة الفاضلة، ولكنها محاولة لإيجاد فكر اجتماعي وسطي مبني على فلسفة علمية يستطيع المجتمع أن يعيش في ظلها، دون أن يشعر بوطأة ظلم أو اضطهاد يقع عليه نتيجة هذه الفلسفة. لذا كان لابد من إيجاد حلول بديلة عن الأفكار التي طرحت سابقًا في محاولة لبناء الدولة اجتماعيًا وسياسيًا؛ وهذه القوانين التي تحكم المجتمع قد أثبتت فشلها بجدارة، بدليل هذا الفساد الذي نعيش فيه.

ولا يقتصر كلامي على مجتمعاتنا الإسلامية أو ما تسمى بالعربية، لكن كلامي يشمل الإنسانية بصفة عامة، والتي وصلت إلى هذا الوضع المتردي. وهذا الكتاب ما هو إلا سبيل للخروج من هذا النفق المظلم. فلماذا كل هذا الحقد المنتشر بين البشر؟! ولماذا انتشرت لغة الظلم والحرب والقتل والكذب والخداع في العالم أجمع؟!

وما أهتم بشرحه في هذا الكتاب هو سؤال عن المشكلة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي، فهل تكمن المشكلة في الدين كما كانت  الحال في أوربا؟! أم أن في الدين ما يستطيع المرء من خلاله بناء مجتمع قوي كما كان حال الأمة في صدر الإسلام؟!

هل ننحي الدين جانبًا؛ أم نعيد النظر في مبادئه ومفاهيمه؟!

هذا الأمر بلا شك يتطلب البحث عن سبب تدهور فكر الفرد في المجتمع الشرقي العربي الإسلامي والذي صار في ذيل الأمم بدلًا من أن يتصدر الصفوف الأولى، وهذا ما سأوضحه في رحلتي عبر هذا الكتاب .
في بداية رحلتي هذه،

كان أول ما خطر ببالي سؤالٌ طرحته على نفسي:

لماذا أحيا ؟

وهذا موضوع المقالة القادمة.



Share To: