النرجسية: (نرجس،واحدة نرجسة،وهو نبت يزرع لجمال زهره وطيب عطره وهي افتتان المرء بذاته وإعجابه بها، دون سواها )
النرجسية : narcissisme استعير المصطلح من أسطورة نرسيس الاغريقية،الذي نظر لصورته في الماء،فعشقها،لذلك ارتبط هذا المفهوم بالمرآة،واول من استخدم هذا المصطلح،هو المحلل النفسي ( فرويد) في سنة 1910 ،واستخدمه بمعنى محدد، وهو أن لدينا رغبات نرجسية،او حب الذات،وهو أمر طبيعي، ومن الضروري إشباعها،وتشكل مرحلة من النمو،تتطور فيما بعد إلى الآخرين،وعندما تكلم عن الجهاز النفسي مال للتعبير عن النرجسية الاولية،واعتبرها حالة أولية من النمو سابقة على تشكيل الأنا.
نرسيس هو شاب جميل،أعجبت به بعض الحوريات ومنهن : écho اعجبت به كثيرا وأحبته،لكن كان قاسيا معها،لم يلتفت إليها،ولم يبادلها الحب ،لذا انتقمت منه الآلهة فانتحر وروت دماؤه التربة ،ونمت زهرة النرجس في ذلك المكان ، وكانت جذورها حمراء لأنها تشبعت بدم نرسيس ، لذلك أشار المحلل النفسي المصري ( مصطفى صفوان )حينما يرى أن التركيب النرجسي للعلاقة بين الناس في الأسطورة تحمل ثلاثة معان: معنى الحب،ومعنى العزلة، ومعنى الموت.
سؤال: ألا يحق لنا الإعجاب بأنفسنا،ألا نتفاخر بما انجزناه؟ انخاف أن نتحول إلى نرجسيين؟
الإعجاب وتقدير الذات وتقبل صورتها شيئ مطلوب ،لخلق ديناميكية ودافعية للعمل والإبداع والابتعاد عن الاكتئاب، وهذا ما يوصي به مختصو التنمية البشرية، وما مثله ماسلو: maslow في هرم الحاجات في مقاربة ( الأنسنة،) فقمة الهرم هو تقدير الذات : l'estime de soi حتى يحس الشخص بالانتماء والحب وتقدير الناس، بشرط أن الإعجاب لا يزيد عن اللزوم ويحصل انحراف ، مثل التلذذ بالجسد وملامسته وتصبح النرجسية مرض نفسي تضاف إلى داء العظمة ،وانفصام الشخصية. *ليس كل معجب بنفسه مريض، ويقول المحللون أن النسبة لا تزيد عن 1٪ فقط ،ونادرا ما يحصل ذلك،لذلك يقول كريج ماكلين: ( النرجسية هي :القدرة على رؤية أنفسنا والآخرين عبر عدسة وردية اللون ) بمعنى النرجسية الصحية وليست المرضية،وغالبا ما يوصف كبار المفكرين والمبدعين والأدباء ونجوم الفن والكرة والسياسيين وقادة العالم بالنرجسية،وفي كثير من الأحيان نظلم البعض برميهم بالنرجسية بهدف الغيرة وربما للحسد وخاصة إذا تعلق الأمر بفئة تشتغل في نفس المجال،وهذا ما وقع بين احمد شوقي وحافظ إبراهيم بخصوص تسمية( امير الشعراء) الكثير قالوا في ذلك الوقت إنها لحافظ ابراهيم أما شوقي فإنه مقرب من البلاط الملكي،،،،وسمعنا ما قيل عن طه حسين،ونجيب محفوظ،،،،هذه أمثلة سقتها فقط وليس هدفي إخراج الماضي ولا هو هو موضوع مقالي.
أما إذا قلنا إن الإعجاب بالنفس مرض،ولم نجعل حدودا لذلك،فماذا نقول عن شعر عنتر وفخره ؟كن الذين انصفوه اخذوا بمقياس التحليل النفسي ، هذا شيئ بسيط بل ماذا نقول عن شعر المتنبي خاصة،مثل قوله: ( الخيل،،انا الذي نظر الأعمى،،،،وهناك أبيات قالها في حدود 9/11سنة ( أي سلم ارتقي،،اي عظيم اتقي، وكل ماخلق الله محتقر في همتي كشعرة في مفرقي) اترك التعليق لكم ،لأن الفضاء ضيق للمزيد.
هل النرجسية لها اسباب؟: يرى البعض أن الجينات تكون مسؤولة وكذلك البيئة،والبعض يرى انها ترجع للعلاقة الباردة بين الطفل والوالدين،اوهي ناتجة عن الدلال الزائد والإعجاب بالطفل،وخاصة بين( 18 شهرا و3 سنوات) وتنفيذ كل رغباته،فيتضخم شعورالمرء بأهميته ويصبح له حساسية مفرطة تجاه الآخرين متبوعة بالشك،لانه ألف وتعود على الأضواء والتصفيق ،يبدو الشخص النرجسي ظاهريا بخير ونعمة،لكنه هش ويعيش صراعا نفسيا، وهناك امتزاج بين تقدير الذات والنرجسية وبينهما خيط رفيع بل شعرة،ربما تتضخم وتميل للنرجسية،وامتزاج بين النرجسية والأنانية إلا أن ( إريك فروم ) يحاول أن يفرق بينهما بقوله( الأنانية يغلب عليها الطمع والاثرة ) .إن أصحاب النرجسية يظنون أنفسهم فوق الجميع،هم الأجمل والأحسن من الجميع،وهم الأعلم لذلك غالبا ما يحتقرون المبتدئين ولا ينظرون لإنتاجهم ويضحكون منه،وكانهم يخافون من عدوى التصغير،اويخافون على مراكزهم للنزول في البورصة.
لذلك يقول: بيسوا البرتغالي في مذكرات شخصية( لم يعد يقرأ إلا الجرائد،،تملك القوانين الأساسية للفن الأدبي،ولم يعد شكسبير قادرا على تعليمه،كيف يكون ثاقب الفكر) .
هذا مقال متواضع فتحت به الباب أمام أساتذتي في الأدب لإعطائه عمقا آخر ، لقد أخرجت أنا بداية الخيط لكبة ضخمة، تحتاج للتأمل وإمعان الفكر.وشكرا.
مراجع المصطلحات: * المعجم العربي الأساسي.
* معجم علم النفس والتحليل النفسي
* قاموس التربية الحديث.
Post A Comment: