كنت كمن كان في مهمة رسمية ،او كللف من قبل مديره المباشر و الأعلى بتنفيذ هذا الأمر في أقصي سرعة ،وبدقة ونجاح .
حملت الشنطة ،بعدما أمسكت بطرفيها المتباعدتين بكل يدي ،وضع الكرنبتين داخل الشنطة حرج ،لا أدري ما سر بقائهما بلا حراك علي هذا الوضع ،هل ماتتا ،بعد أن كانتا في أبهي صورهما في الحقل ،ويشعان بهجة وسرور في نفس الرائي. الآن، جاءت اللحظة الحاسمة ،وستتحولان في الدقائق المقبلة إلي أوراق طرية  بفعل التسخين ،ثم تجلس النسوة حول الطبلية لتقوم بعمل أصابع محشي ،ويضعن المحشي بعناية ونظام داخل الحلة ،هل هذا هو المصير ؟هل إنتهت دورة حياة الكرنبتين إلي هذا الحد ؟من الحقل إلى الحلة !،ألم يكن من المنطق أن يتركا في الحقل ،حتي يستمتع الرائي بخضارهما البهي الجذاب ،!،من يضاهي الكرنب في اخضراره الملفت ،واستدارته المغوية .يالا بأس البشر ،وقسوتهم علي أنفسهم. 
كنت قد دفعت بثمن الكرنبتين إلي البائع، الذي بدا عليه الحزن والزهق ،لا أدري لماذا ؟لكنه أعطاني الباقي دون ان ينبس ببنت شفه .قلت لنفسي :ربما هو حزين علي ماستؤل إليه الكرنبتين ،إلي تلك النهاية المفزعة! .ودعت المحل بخضاره الكثيف والموجود بوفره ،ألقيت نظرة وداع علي الجزر الأصفر الشهي والفلفل والجرجير والبطاطس ،ثم حملت الشنطة ،و توجهت نحو للمنزل .في الطريق ،كانت قدماي ترتطمان بالزلط والطوب بفعل ثقل الشنطة ،ناهيك عن حزم البقدونس والشبت المتراكمة بجانب الكرنب ،وكان الجو حارا  ،فلم اكن ألتفت لاحد أو لشيء، كان كل همي إنهاء المهمة بنجاح ،والوصول بالكرنب للمنزل بسلام  ،كنت كمن يعد الخطوات والجدران ،وعندما اقتربت من بوابة شركة الطرشي  الحديدية ،وجدت من يصيح وينادي بإسمي. .
رامي مدحت ...هيه... هيه ...رامي مدحت ،ثم قال بصوت مرتفع  :أنت أفضل ثالث شخص، بعدي طبعا  ،ثم اقترب كل منا من الأخر، ووجدت وجهه كمن يستعد لأداء دور تمثيلي ،وأنه قام من توه من تحت يد الماكيير  ،فاثنيت علي الفور علي حضور وجهه وبهاء طلته  ،وعلي بزته الخضراء الأنيقة، فمر من أمامي بخيلاء ، ثم قال بعنجهية :مع السلامة .تركته علي الفور ،وإن داخلني شعور بالضيق ،حاولت تذكر السبب فلم أعرف، لكن عند  صعودي سلم العمارة ،تذكرت قوله :أنت أفضل ثالث شخص بعدي طبعا  !!،قلت لنفسي : انه شخص مغرور ،لا تبالي يا رامي ،ربما لمح ما بداخل الشنطة ،فأراد أن يهزر معك حتي تقول له :تعال تغذي معنا ،عاملين محشي .لكن عندما حكيت لهناء ،قالت :مصنع الطرشي يطلب عمال ،ربما أرادك أن تعمل معه ،وأنت معروف بجديتك وإخلاصك  في العمل .قلت لهناء :لكن لماذا لم يحدثني بطريقة مباشرة ؟قالت :ربما خجل منك ،وأراد أن تفهمها وحدك !!
قلت لهناء :وهل تعتقدين أن صاحب مكتب الترجمة  سيتركني ،هكذا بسهولة ؟قالت هناء : سيبها ع الله .
تركت هناء في المطبخ تلف المحشي ،وأنا كلي  حيرة ،أترك مكتب الترجمة ،وأعمل في مصنع الطرشي ،ماذا أفعل؟أغلقت التليفزيون، ثم توجهت للثلاجة واغلقتها أيضا ثم أغلقت شباك الحمام الداخلي ،ثم جاءتني فكرة ،لماذا لا أكتب قصة ؟!.......كنت كمن كان في مهمة رسمية ،أو كللف من قبل مديره المباشر و الأعلى بتنفيذ هذا الأمر،في أقصي سرعة، و بدقة ونجاح .






Share To: