نهش الجوع عظمي ، و راودني الشتاء عن طفولتي ، فتواريتُ بما تبقى من ثوبي الرث الذي قُدَّ من دبر .
أحتضن نفسي ببعضِ روحٍ ،غير أنَّ جيماً سبقت راء (روح) ،فصار الألم لا يطاق .
أركض ،ثم أسقط ،ثم اركض ،فأسقط مرة أخرى ،حتى تأخذني خُطُواتي إلى كومة من القمامة ،فأصير أنبشها وتنبشني ،فأنا أشبهها وهي تشبه ملامحي .
كيف لا !
أما قالوا عنَّا بقايا مجتمع؟
فما الفرق إذاً ؟!
طفلٌ أنا ، أسود أنا ،  تشكلت تقاسيمي  من ترابِ هذا الوطن ، أقسم أنَّه وطني كما هو وطنكم  ، بيد أنَّكم  تشاطرتم  اللقمة و تركتم لنا الفتات .
تاالله  إنِّي أحبه ، أعشق ترابه ، صيفه ،شتاءه ،و خريفه ،أعشقه بجماله و بقبحه ، بل أعشقه أكثر منكم بكثير ولكن يبدو أن الحب لم يعد مقياساً لأي شئ .
سيهلكني الجوع ؟
ربما...
سيسري المرض في جسدي الهزيل ؟
ربما ...
سأهيم في الطرقاتِ حاملاً على ظهري طفولتي البائسة واليائسة ، باحثاً عن أمان غير حاضر ، ومستقبل غير آمن ؟
ربما ...
سأحمل فوق رأسي فتات خبز تأكل الغربان منه ؟
ربما ...
سأموت على أرض هذا الوطن ، ولا أجد من يبكي على قبري ، ولا من يصلي علي ،ولا من يدعو لي ؟
حتما ...
ولكن ...
يكفيني شرفاً أني عشقت هذا التراب بصدق ،بوفاءٍ ، أمَّا أنتم فقد خنتموه بإسم الحب .








Share To: