وتنظر الليبرالية على أساس رؤية التحرير للعقل على أنها الأساس للحرية وترتبط الحرية في الفكر الليبرالي بالعقل؛ إذ يعتبر المذهب الليبرالي جزءا من مشروع التنوير ويقصد بالجهل هنا الخرافات المتعلقة بالدين لأنهم يرون أن الدين هو أساس الخرافات وأن هذه الخرافات هي التي تقوض حرية الإنسان وكان هذا هو السبب في تنحية الدين عن المجتمع وهذا هو السبب الرئيسي لدمار النفس البشرية لأنها لم تعتد بدين وإله يحض النفس على الخير فانهار المجتمع وأصبح مجتمع مادي لا خير فيه ولا روح ولا هدف ولا معنى ولا قيم ولا أخلاق.
3- العدالة: ترمز العدالة إلى نوع خاص من الحكم الأخلاقي يتعلق بالثواب والعقاب؛ فالعدالة هي إعطاء كل فرد ما يستحقه. والعدالة الاجتماعية تعني توزيع المنافع المادية في المجتمع مثل الأجور والأرباح، وتوفير متساوٍ للاحتياجات الأساسية من إسكان ورعاية طبية… إلخ. وتقوم النظرية الليبرالية للعدالة على الالتزام الصارم بالمساواة بشكل شكلي. وإذا كان التعامل مع الناس في المقام الأول يقوم على اعتبارهم أفرادا، فإن لهم الحق في نفس الحقوق ونفس الاحترام. ويجب أن يكون الناس متساوين أمام القانون وأن يتمتعوا بحقوق سياسية ومدنية واحدة.
هنا يبدأ الكاتب في مناقشة موضوع العدالة ويرى أن مفهوم العدالة هو مفهوم أخلاقي يتعلق بالثواب والعقاب. ولكن الإسلام ينظر إلى العدالة بمفهوم أوسع وأكبر وأكثر شمولًا لأن الحاكم هو الله وأن جميع الخلق يرجعون إلى الشريعة الإسلامية داخل هذا المجتمع. والكاتب هنا يرى أن القانون هو الفيصل والحكم داخل هذا المجتمع وفى الإسلام المفهوم مختلف لأن القانون تم كتابته بيد بشر، إذن فمن المؤكد أن أيًا من هؤلاء البشر غير كامل لأنه بعقله البشرى كما علمنا سيعرف أنه ناقص وسوف يخطئ؛ لذا فان الله عز وجل أنعم علينا بأنه وضع لنا الشرع والقرآن لكي نحتكم إليه لأنه منزه عن أي عيب أو نقصان وهنا لأن الله يعرف عيوب البشر فمن الممكن أن يكون للبشر أهواء أو اتجاهات شخصية تجعله يرجح رأيًا أو فكرًا عن الآخر ولكن الله عز وجل ليس له أي مصالح أو أهواء لأنه هو الذي خلق البشر جميعا لذا عندما وضع الشرع والتشريع الإسلامي وضعه كاملًا وبعيدًا عن الأهواء والرؤى الشخصية. وطبعا نحن جميعا نرى أن القوانين تحتاج من حين لآخر إلى أن تتغير أو تتبدل ولكن شرع الله لا يحتاج إلى أن يتبدل أو يتغير.
كما ينادي الليبراليون بالمساواة في الفرص؛ أي أن كل فرد لديه الفرصة في الصعود الاجتماعي وتحسين وضعه بجهده ودأبه. وذلك لا يعني أن تكون المساواة مطلقة بتدخل من الدولة كما في الاشتراكية؛ لأن الناس لم يولدوا متساوين، بل تختلف مهاراتهم ومواهبهم وبعضهم أكثر استعدادا لبعض الأعمال من غيرهم،وهذا يجعل المجتمع مجتمعًا متوحشًا بلا روح أو دين أو أخلاق روحانية وقيم إنسانية بل مجرد مجتمع مادي بحت يحكمه العقل والمصلحة والأقوى فقط هو من يتفوق ولا يوجد مكان للتراحم والألفة ولكن يجب أن تكون أوضاع المعيشة والظروف الاجتماعية الأساسية الدنيا واحدة للجميع.. فمن الضروري مكافأة من يستحق ويجتهد، فالحوافز تساعد الأفراد على العطاء وتحقيق الذات وتنمية المواهب؛ لذلك فالمساواة من المنظور الليبرالي هي أن يكون لدى كل الأفراد فرصة متساوية لتنمية قدراتهم ومهاراتهم غير المتكافئة. وهنا في هذه النقطة بنفس المفهوم وبنفس الرؤية كفل الإسلام حرية البشر والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات كما قلنا (انه لا فضل لأبيض على أسود ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) ويقول المولى في كتابه الكريم
( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ ) وبهذا فهذه هي قمة الحرية والمساواة
4– التسامح: تتسم أخلاقيات الليبرالية الاجتماعية بقبول التنوع الأخلاقي والثقافي والسياسي فالحريات الأساسية التي تدعم النظم السياسية الديمقراطية -حرية التعبير والعبادة الدينية والتجمع… إلخ- كلها ضمانات لانتشار التسامح كثقافة. ويتفق معظم المعلقين السياسيين على أن الليبرالية تمضي يدا بيد مع التعددية، فيعتبر تعدد القيم والآراء والمصالح في حد ذاته قيمة وفضيلة. ونقيضه هو القمع السياسي أو انتشار الطاعة العمياء. لذلك ومن حيث المبدأ فإن الليبراليين ضد الرقابة أو أي وسيلة لمنع حرية التعبير في المجتمع، وضد أي ثوابت أيا كانت. ويعتبر التسامح لدى الليبراليين خلقا مثاليا ومبدأ اجتماعيا. ومن جانب آخر تمثل هذه القيمة هدف الاستقلال الفردي، وتضع قاعدة تحكم سلوك الأفراد مع بعضهم البعض. لكن حرية الرأي تكون في حدود الانتقاد الموضوعي ولا تكون في إعطاء الحق في أقامة مؤسسات تصادر على أراء الآخرين لذلك يؤيد الليبراليون المعاصرون القوانين التي تمنع وتصادر الآراء المؤيدة للعنصرية مثلا، والقوانين ضد تشكيل الأحزاب السياسية المعادية للديمقراطية، ويرون أن انتشار تلك الآراء أو نجاح تلك الأحزاب يهدد مناخ التسامح الليبرالي.
يرى الكاتب التعددية في الليبرالية تقبل تعدد الآراء والأفكار لنشر التسامح كثقافة، والإسلام يرى العدل والديمقراطية وحرية التعبير عن الآراء. وكما ذكرنا سالفا أن الإسلام يرى أن البشر جميعا إخوة لأنهم من أصل واحد هو سيدنا آدم عليه السلام وبهذا فجميع البشر إخوة في كل شيء، إلا أنه يضع حدًا واحدًا لأي حرية أو ثقافة تتعارض مع الشرع الإسلامي والشريعة الإسلامية. ومن جانب آخر يرى الكاتب من حيث المبدأ أن الليبراليين ضد الرقابة أو أي وسيلة لمنع حرية التعبير في المجتمع، وضد أي ثوابت أيا ما كانت. ويعتبر التسامح لدى الليبراليين خلقًا ومبدأً مثاليا أدى إلى تطور الفكر الليبرالي اجتماعيا. ولكن ما يثير القلق في هذه النقطة هو أن أي ثوابت في هذا المفهوم ضد الفكر الليبرالي فهي قابلة للتغير وهنا من الممكن أن يتم تغير أفكار وأخلاقيات المجتمع إذا كانت تتعارض مع هذا الفكر دون النظر إلى آراء المجتمع في ذلك. أما في الإسلام فلا يمكن أن يغير أي شيء إلا بالرجوع إلى الشريعة والقرآن والسنة للتطبيق لأن هذه الأفكار والأخلاقيات ترجع إلى الفكر الإسلامي وإلى الدين الإسلامي ولا يجب أن تتنافى مع الشرع أو الدين. ويرى هنا المؤلف أن هذا يؤيد فكرة النظرية الفردية التي طرحها وأنها تجعل الإنسان سيد نفسه في كل شيء وهذا ليس مقبولًا كما ذكرنا لأن الإنسان عبد الله.


Post A Comment: