لا أثق في الآخرين، ثقة عمياء! ،كما يقال ،ولكنني أبادلهم  فقط نفس الشعور بالتوجس والريبة، فنحن لم نعد  صغارا ،بل صرنا كبارا ،ونضجت مشاعرنا و أفكارنا .صار هناك حركة فكر تعتمل داخل عقولنا ،وخبرة تحفز وتحرك تلك المشاعر والأفكار. حتي عندما كنا صغارا ،كنا نواجه نفس الشعور مع الأطفال الذين كانوا يأتون من الحارات والمناطق البعيدة عنا ، كنا نخافهم ونرفضهم أحيانا، أو اذا كنا مكانهم شعروا- هم - بالخوف والتهديد  .لا شك أن الألفة لها قواعدها  وأسسها ،و من الضروري أن تكون مرتبطة بالشعور والحدس ،كما هي مرتبطة بالنشأة والخبرة ،فهناك علاقة بين المشاعر والأحاسيس من جهة ،والفكر من جهة أخري، فلربما تكون هي نفسها العلاقة بين الروح والجسد ،كل منها أداة موصلة إلي الأخري،فلا تكتمل واحدة بدون الأخري. ثم نعود لذوينا ،ذوي القربي ،حيث لا يكتمل شعورنا بالأمان ولا تستوي أحاسيسنا إلا معهم ،وهكذا ،وبالتدريج ،تتكون حياتنا ،من حلقات متواصلة، فمن الأسرة إلي المدرسة والأصدقاء، ثم إلي  تطور الوعي ببزوغ المراهقة ،وهكذا حتي تلك الحلقات المتأخرة من حياتنا .
2
هل للثقة علاقة بالمعرفة ؟وهل للمعرفة علاقة بإحترام بعضنا البعض ؟هل كلما إزدادت معرفتك إزدادت معها ثقتنا بأنفسنا؟ لا شك أن الإجابة متشعبة خاصة إذا تطرقنا إلي التحليل النفسي ،وربما لا نصل إلي ما نريد ،فالثقة مسألة لها علاقة بالنشاءة، ولها علاقة أيضا بالروح ،فهي شعور مكتسب ووراثي(جيني ) في نفس الوقت .ولكن الأ يمكن الإستعانة بما قيل في علم نفس الإيجابي ،المنبني أساسا علي فكرة (الأخذ والعطاء )كما تأخذ يجب أن تعطي ،وهي فكرة تربوية، وخلاصتها في جمال وروعة شعور فكرة أن تأخذ، وأن تجد حولك  من يعطيك  ،ياله من شعور بالأمان  ،ولكن وفي نفس الوقت ،لايجب أن نحصر أنفسنا في الأخذ فقط، دون عطاء، وإلا سنجد أنفسنا محصورين ، في منطقة نفسية و إجتماعية غير مرغوب فيها  ،كما تأخذ يجب أن تعطي، لأن من يعطيك تمر به أيضا لحظات يحتاج لمن يفكر، ويهتم به ،وبناء عليه يعطيه ،وهو احتياج  نفسي، بشري و طبيعي .
وهكذا يزداد إحترام الأفراد لبعضهم البعض ،وتزداد  أيضا معرفتهم وتنمو ثقافتهم  ،وهي نفس فكرة بناء قصر من القيم والمبادئ، فيجب أن تكون هناك أساسات، وقواعد إرتكاز ،ورؤية عامة ،لمساحات وارتفاعات ذاك البناء .






Share To: