عندما بدأت القراءة كنت لا أقرأ  القصص والروايات لأنى كنت أعتبرها مضيعة للوقت وكان ذلك بتأثير من عباس العقاد  الذى كانت أكثر قراءته فلسفة ومنطق ودراسات في الفكر وعلم ونقد أدبى الذى هو أقرب للفلسفة لما بداخله من تنظير... كان العقاد معجب بأرسطو وأفلاطون ويفضلهم على سائر فلاسفة اليونان ......ولم يخفي إعجابه بفلاسفة الشرق الاسلامى بإبن سينا  وإبن رشد أما أكثر من نال إعجاب العقاد فهو" الإمام أبو حامد الغزالى" وكتب عن جميعم كتب ودراسات.... فاتجهت بايحاء وتأثير خفي من العقاد لقراءة الفكر والفلسفة والمنطق وعلم النفس وكتب التنظير الأدبى وكانت رحلات رائعة وعميقة فى حدائق المعرفة من عيارها الثقيل الذى يبنى عقل ويكون فكر ورأى..
ولكني عندما بدأت الكتابة كنت في حيرة وجلست مع نفسي وكان ذلك في بداياتي الأولى وأنا صغير هل أكتب مثل أرسطو أو أفلاطون أو الإمام الغزالي كنت أتمنى حالما وواهما أن أصبح مثل أحدهم ولما لا من وجهة نظري فأنا: قرأت كتبهم بايحاء من العقاد ولكني أعجبت فى حداثة سني أكثر بالإمام أبو حامد الغزالى لأنه انتصر على الفلاسفة وحاكمهم ذهنيا وعلى أرض الواقع في الحياة الثقافية لبلدان العالم الاسلامى فى كتابه"تهافت الفلاسفة, فله بذلك الأولوية أن أقلده دون غيره.... كنت أفكر بهذه السذاجة والطفولة الفكرية  المختزلة للثقافة من وجهة نظري البسيطة العفوية....ولكنى كنت صادق مع نفسى حينها و بعد فترة قرأت من باب التسرية عن النفس كتابات أدبية وقصصية ودواوين شعر لاكتشف أننى  أخطأت بتجاهلها بل ووجدتها تعبر أكثر عن الإنسان و تغوص في النفس الإنسانية ولا تترك خلق أو غريزة أو سلوك بشرى إلا وألقت عليه الضوء... بل عرفت نفسي وقرأتها جيدا كما لم أعرفها من قبل  بكل حيرتها و قلقها النفسي والفكري بداخل كتاباتهم ...... وعرفت دوستويفسكي ورسو وجوته وتشارلز ديكنز وهرمان هسه وتوماس مان... وكل ما وقعت عليه عينى من إبداع  روائى تأكدت بعدها أننى كنت خاطئ فى حق نفسي وظلمت أيضا كتاب الرواية والقصة: عندما اقتصرت على قراءة الفكر والفلسفة والدراسات التاريخية....ثم جلست مع نفسي لأقارن بين الجميع وما خلصت إليه أن كل كاتب من هولاء العباقرة الأفذاذ عبارة عن أسلوب منطلق من ذاته صحيح أن تراث الكتابة الأدبية ضخم ويغرى على التقليد ولا يستطيع كتاب مهما أوتى من العبقرية أن يبدأ من فراغ ولكن من ترك بصمة وظل أدبه خالد وكتابته لم بطلها النسيان هو من انطلق من ذاته ...
ثم عندما بدأت بالكتابة  منطلق ذاتى حتى تمثلنى أنا كتاباتى وتكون جزءا من نفسي حتى وإن كانت فضفضة وهذيان نفسى مثل الذى تقرأونه الآن...






Share To: