يقول مفكر العقل العربي الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي " العقل العربي عقل فقهي تكاد تقتصر عبقريته لكل فرع عن أصل و لكل جديد عن قديم يقاس عليه و ذلك إعتمادا على النصوص حتى غدا النص هو السلطة المرجعية الأساسية للعقل العربي و فاعليته "
وهذا ما يجعل العربي حبيس الماضي و سجين التراث من ناحية قياس حاضره على ماضيه مع مراعاة الإستنساخية الحرفية و الفعلية و الإقرارية لفعل السلف و عدم الجنوح ولو قيد أنملة عنهم بل إقتفاءهم حذو النعل بالنعل بهدف الإتباع المحمود و الأجر المزهود وفق ما تواتر من وصايا قولية تقر بالإتباع و لا الابتداع و الإقتداء لا الإضفاء كون اللاخير هرطقة و الأول توق نجاة .
و إذا سألت أحدهم عن علمية المنهج القياسي المتبع فستجده واجما و لسان حاله يقول بلغة الفلسفة إنها آكسيومية المنهج أي صوري ولا يخضع للشروط العلمية و الموضوعية .
مثلا اليوم علماء المسلمين يستدلون بجواز ضرب الدف و لو ناقشتهم علميا سيقول لك لقد قسناه على أنشودة طلع البدر علينا وقت قدوم الرسول العربي عليه السلام للمدينة و ضرب الصحابة و النساء للدف له 
و الملاحظ في ما رأيناه في فيلم الرسالة للعقاد أن النساء يضربن الدف أمام الرجال فهل نقس على ذلك و نقول بالإختلاط الفعلي و نقول بجواز دمج الجنسين في الفرح و الكف عار ؟ إذن هو يناقض مع يدعوا له رجال الدين من تحريم الاختلاط فلماذا قسنا على شرعية الدف و لم نقس بشرعية الاختلاط ؟؟
أيضا مثل آخر اليوم الشيوعي العربي ذو العقل المتقدم و الثوري و المستنير و الحامل لرسالة الإنسانية !!!!
يجد الشيوعي العربي جزء لا يتجزأ من العقل القياسي ففي أول مسألة موضوعية تعترضه تجده يلتجأ للتجربة السوفياتية الشيوعية و يعود لما قاله و فعله و أقره لينين و ستالين مع أن الشروط الموضوعية تختلف من ناحية التاريخ و من ناحية المكان و من ناحية تركيبة المجتمع العربي و غباء إسقاط التجارب المختلفة عن واقع موضوعي مختلف عن الواقع العربي و خاصة انه مجتمع وجداني عقائدي بإمتياز.
مع أن الشيوعية أول ما قامت عليه من ناحية الوعي و تركيبة العقل هو التطور التاريخي و ربطه بالطبيعة و الإنسان و التأثر و التأثير الجدلي بين المكونات الثلاث الأخيرة ، لكن يسقط في نفس الإشكال القياسي في معالجته للواقع ، فما الحل ؟ 
الحل في نظرنا أنه لا بد من القطيعة الإبستمولوجية مع التراث لا مع التراث ذاته و أيضا تجاوز كل القراءات التراثية للتراث و محاولة تعصيره لبناء الشخصية العربية المتوازنة و المتصالحة مع ماضيها و البانية لحاضرها دون نسيان رسالتها في المستقبل مع مراعاة الواقع الموضوعي مثلا اليوم اذا ما نظرنا للتراث فإن الرسول العربي أقر العدل و التوزيع العادل للثروة في التاريخ و هو ما نادت به الشيوعية العلمية الغربية مع إلغاء الملكية الخاصة و تأميمها لصالح الكل أي الدولة و الإستغناء عن الإرث . و هذا يتعارض مع الواقع الموضوعي للمجتمع العربي الوجداني فيستلزم هنا توليفة بين الحداثة و الأصالة المحمدية أي إنشاء إشتراكية عربية تتماشى مع الشرط الموضوعي للعرب وهو ما نجح فيه بعض المفكرين و الفلاسفة العرب من إخضاع المستحدث للشرط الحضاري على غرار الأستاذ ميشيل عفلق إلياس فرح محمد عابد الجابري و ...






Share To: