فتح القاضي الجلسة، و كانت شكوى من خروف على البشر .
دخل الخروف تحت انظار البشر الحاقدين عليه و هم يهمسون : "كيف سولت له نفسه هذا ،لقد عشنا حتى أصبحت الحيونات ترفع دعوى على من هم أسمى منها!" 
لكن الخروف لم يبالي بكل تلك الكلمات المهينة. بل كان في كل مرة يسمع فيها كلامهم يرفع رأسه عاليا لأنه أول حيوان يرفع دعوى على البشر .
بدأت الجلسة إذن،و سأل القاضي:" لماذا تشتكي ياهذا؟"
أجاب الخروف: لقد سئمت من البشر و سئمت من كل افعالهم !
القاضي : أي أفعال  تقصد؟
الخروف:يا معشر  البشر  لقد بلغ السيل الزبى وقد حان وقت للتعرية على افعالكم . أنتم  الذين ما انفككتم تقللون من شأننا بجملتكم تلك " لا يجب عليكم أن تكونوا مثل قطيع الخرفان" و هذا امر يمس شرفي و شرف اخوتي .
القاضي : إذن أنت اتيت بإسمك و إسم معشرك!
الخروف : نعم 
القاضي: هل هناك شكوى أخرى؟
الخروف: نعم ؛ إنني أدعو بأن اخد حقي و حق إخوتي الذين قتلوا على مر العصور ، هل سأل البشر يوما ما  هل الخرفان راضية عن مصيرها؟ لا لم يسألوا بل صاروا يحتقروننا و يجعلون منا ألعاب لأبنائهم ، و تسلية لهم عند الملل. حتى أنهم نكروا صنيعنا فبصوفنا هذا حاكوا ملابسهم و اغطيتهم .ثم جحدوا معروفنا .إن  نفوس البشر تتقيح لؤما و خسة .
أما كلماتي الأخيرة فهي: إما أن نقتسم  مباهج الحياة و ننعم معا  و إما فإنها الحرب بيننا.
ظل القاضي و من نعه مصدومين من كلمات  الخروف. و لم يعلموا بمادا يردوا فليس في كل يوم ياتي حيوان ليرفع دعوة ضد البشر . و ما زاد طين بلة، أن كان خارج المحكمة صياح يعلو و يعلو مثل صوت الرعد. فبدأ القاضي يردد مستفسرا عن سر الصياح .
القاضي : ياأيها الحارس من أين يأتي هذا الصياح ؟
الحارس : ياسيدي إن الخرفان و البشر يحتجون في الخارج و يطالبون بالخروف.
لمّا سمع الخروف كلام الحارس خرج الى باب المحكمة فرأى قطيع من البشر و الخرفان و كانوا في انسجام تام و كلاهما كان يصيح و يطالب به .
قطيع الخرفان: فلتذبحوه إنه لا ينتسب لنا فلتقتلوا ذلك الخروف الملعون.
قطيع البشر : اذبحوا و قطعوا هذا المتمرد.
و لما رأى الخروف ما رآه و سمع ما سمعه.ابتسم في وجه القطيعين معا. و قال:" لم يكذب الحكماء فكلٌّ من البشر و الخرفان قطيع ." وحمل نفسه  و انغمس وسط القطيعين ، الذين قتلاه و مزقاه بدم بارد بدعوى أنه أراد تغيير قيمهم.






Share To: