كل ما أعلمه بدون شك ولا ريب هو أني أحبك أيها الإله الرب "  هكذا تكلم القديس و فيلسوف العصور الوسطى أوغسطين .
و حين نقول قديس و فيلسوف نساءل  : هل يمكن للمرء أن يكون مسيحياً وفيلسوفاً في آن معاً؟ ألا يتعارض الإيمان الديني مع العقلانية الفلسفية؟ فالفلسفة تساؤل وبحث مستمر. أما الإيمان فتسليم عقائدي خارج كل تساؤل.
و عليه نقول  أننا إذا ما فهمنا الدين جيداً والفلسفة جيداً فإننا نستطيع التوفيق بينهما.
وهذا ما برهن عليه الفيلسوف العربي المسلم ابن رشد (1198م) والفيلسوف المسيحي اللاتيني توما الأكويني (1274م) والثاني استفاد من الأول كثيراً على الرغم من معارضته له. وكلاهما قال إنه لا تعارض بين الإيمان والعقل أو الفلسفة والدين وإنما هناك تكامل، وتعاضد. فمجال الدين شيء، ومجال الفلسفة شيء آخر.
والواقع أن الفلسفة توقفت في أوروبا بعد انتصار المسيحية في القرن الرابع أو الخامس الميلادي والسبب هو أن رجال الدين اعتبروها وثنية لا تؤمن بالله. وهكذا أدانوا فلسفة أفلاطون وأرسطو ومنعوا تدريسها.
وظل الأمر على هذا النحو سائداً حتى القرن الحادي عشر أو الثاني عشر الميلادي: أي طيلة سبعة قرون وفي أثناء تلك الفترة كان العرب المسلمون يهتمون بالفلسفة الإغريقية ويترجمونها إلى العربية، وظهر عندئذ كبار الفلاسفة من أمثال الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد، وابن الطفيل، وابن باجة، ثم انتقلت الفلسفة إلى الأوروبيين عن طريق العرب كما هو معروف.
أيضا ينبغي الاعتراف بأن القديس أوغسطنيوس الذي ظهر في القرن الرابع الميلادي لم يكن معادياً للفلسفة، وبخاصة الأفلاطونية، إلى الحد الذي نتوهمه، فقد ناضل ضد النزعة الإرتيابية المتشككة وضمن النزعات البادية في الفكر. ودافع عن الإيمان الديني المسيحي، ولكن دون أن يجعله عدواً للعقل وإن كان يعتبر الدين في درجة أعلى من العقل بكثير، ولكنه كان يقول إن العقل يحضر الإنسان للإيمان، وكان يضيف قائلاً: إن فعل الإيمان نفسه هو فعل عقل وتعقُّل، وقد اشتهر بدعوته للناس إلى الإيمان من خلال التعقل، والتعقل من خلال الإيمان. 
و عليه إن الفلسفة كما الدين تبحث عن ماهية الإنسان و دوره التاريخي و رسالته و أثاره الخالدة فيها.






Share To: