في السنوات الأولى من عقد الستينيات من القرن العشرين ، بدأت تتدفق أفواج الذين تم ابتعاثهم إلى الغرب للحصول على الدكتوراة في تخصصات شتى ، وتم ذلك مواكبا للنهضة التي صنعتها ثورة يوليو 1952 .
وفي المجال التربوي لم تكن هناك سوى كليات المعلمين بالقاهرة والاسكندرية وأسيوط التي تحولت فيما بعد إلى مسمى ( كليات التربية ) 
وقد عاد إلى كلية المعلمين بأسيوط من أولئك المبتعثين كثير من أبناء الشمال : من القاهرة ومحافظات الدلتا ، وكان منهم الدكاترة : ابراهيم بسيوني عميرة ، وحسين سليمان قورة ، وحسن سلامة الفقي ، ومحمد سيف الدين فهمي ، ووليم تاوضروس عبيد ، وحامد العبد ، وقد سبقهم ابراهيم عصمت مطاوع الذي تولى عمادة كلية المعلمين بأسيوط اعتبارا من عام 1965-1970قبل أن ينتقل لطنطا.
وقد انتقل إلى كلية المعلمين بالمنيا ( وكانت فرعا تابعا لأسيوط ) بعض هؤلاء الرواد ، وبقي أكثرهم في أسيوط ، وعلى رأسهم أستاذنا الجليل الدكتور حسين سليمان قورة : اللغوي الدرعمي التربوي الفذ ، رحمه الله ، الذي كنا نضبط ساعاتنا على مواعيد دخوله إلى المحاضرة . !!
تخرج أستاذنا في دار العلوم ، ثم تحول إلى التربية شأن زملاء له كالدكتور ابراهيم الشافعي  وغيره ممن تخصصوا في طرائق تدريس اللغة العربية وعملوا بتربية عين شمس بعد ذلك .
وحين شاء الله أن يتم فتح أول شعبة لدراسة اللغة العربية في كليات التربية على مستوى الليسانس ، بأسيوط ، وكان لي شرف أن أكون أول هذه الدفعة لأربع سنوات ، لم يسعدنا الحظ بأن ندرس طرائق تدريس اللغة العربية على يدي أستاذنا قورة ، فقد كان الرجل قد انتهى من مهامه الإدارية : رئيسا لقسم المناهج في تربية أسيوط ، ثم عميدا لها لثلاث سنوات ، ثم مشرفا لمدة عام على تربية سوهاج بعد إنشائها عام 1971 ثم رحل الدكتور قورة لإمارة ( البحرين ) ليعمل رئيسا لقسم الدراسات العليا فيما كان يُسمى آنذاك ( كلية البحرين الجامعية للآداب والعلوم والتربية ) حيث صمم ونفذ برنامج الماجستير وظل يعمل هناك من 1975-1995 فيما أذكر.
وقد أصدر أستاذنا خلال تلك السنوات عددا من الكتب الرائدة أشهرها على الإطلاق كتاباه المرجعان الكبيران اللذان نشرت دار المعارف عدة طبعات لكل منهما وهما :
1- الأصول التربوية في بناء المناهج
2 -  تعليم اللغة العربية، دراسة تحليليَّة ومواقف تطبيقية،
فضلا عن عدة كتب ترجم بعضها وحده ، واشترك مع غيره في ترجمتها .
نماذج من كتاباته :
وقد تناول أستاذنا د. حسين سليمان قورة مبدأي الثواب والعقاب واستخدامهما التربوي الحكيم لدى الإسلام والمسلمين، فقال : إن تحليل النصوص من الكتاب والسنة وآثار فلاسفة المسلمين ومربيهم ليضع أمامنا باختصار الأسس القويمة التالية فيما يختص بالثواب والعقاب، وهو ما نادت به التربية السليمة، وعضده التربويون المتخصصون: 
1- إقرار مبدأ الثواب والعقاب كليهما لإصلاح المتعلمين بناء على ما بينهم من فروق في الطبائع الإنسانية.
2- الدعوة إلى استخدام الحكمة في كلٍّ من الثواب والعقاب، حتى ينال كلٌّ ما يستحقه بدون إسراف .
3-  الإسراف في العقاب له محاذير كثيرة ذكرها ابن خلدون، ويمكن ترجمتها بلغة التربية الحديثة إلى الانطواء على النفس، والانصراف عن التعليم، وتعـــوّد الكـــذب خوفاً مــن العقاب، والمكر والخديعة بإخفاء ما عوقب عليه عن أعين المعاقب وإتيانه في غيبته.-
4-  التدرج في استخدام الثواب والعقاب مع المتعلم، بحيث يسبق ثوابه مع عدم المبالغة في العقاب البدني إن اضطر إليه.-
5-  المحافظة على كرامة المتعلم إذا لم تكن المخالفة له عادة، فلا يعاقب أمام زملائه، ولا يفضح أمر مخالفته، ولا يضرب على الوجه أو الرأس. 
6-  أن يكون العقاب آخر سهم يرمي به المعلم، وبإرادة الإصلاح لا الاستمتاع والتشفي
رأيه في تدريس النحو :
يرى أستاذنا الدكتور قورة أن قواعد اللُّغة العربية من أكثر المجالات غموضًا وصعوبة في منهج تعْليم اللغة بشكل عامّ، وهذه الصعوبة لا تقتصِر فقط على متعلِّميها من غير الناطقين بها؛ بل تنسحِب أيضًا على أبنائها، ويَرى كثيرٌ من المتخصِّصين في تعليم اللُّغة العربية هذه الصُّعوبة ويقدِّرها؛ فيقول حسين قورة: "إنَّ قواعدَ اللغة العربية متشعِّبة ومتعدِّدة، ومبنيَّة في تشعُّبها على أُسُس نُطْقيَّة وفلسفيَّة لا يكاد يدخُل إليها الدَّارس من أبناء العربيَّة نفسِها ليسبُر غورَها حتَّى ينزلق إلى متاهات قد يضلُّ فيها المسالك، تلك المسالك التي عبَّر عنها عيسى الناعوري بأنَّها فلسفات لغويَّة تكثر فيها التَّسميات والقياسات، والتَّفريعات والتَّخريجات والجوازات .
ومن هنا فإن كتابه عن تعليم اللغة العربية ، قد تضمن خبرة عالم تربوي بصير بأدواء التعليم ، ولغوي رصين عليم بأسرار اللغة وأساليب توصيلها .





Share To: