- ارتدي أبو محروس جلبابه الصوف وأحكم شال العمة حول رأسه ، ثم وضع

العباية على كتفه وأمسك عصاه العوجة بيمينه وفتح باب الدار متجها إلى قهوة أبو العلا ، استقبله اصدقاؤه ببشر وترحاب وطلب له عم سعد الشاي وحجر

المعسل. - ألقي أبو محروس التحية على الجميع وقبل أن يجلس أقترب من الحاج هنداوی

وهمس في أذنه المبلغ جاهز .. ابعت الكماوی بكره إنشاء الله. - جلس أمام عم سعد واحتضن كوب الشاي بيده الغليظة وقرب لاى الشيشة من

فمه وهو ينظر في التلفزيون .. ويتطلع في وجه مذيع محفلط يرغي ويزيد في حديث فارغ وكان تركيزه على الشريط الأحمر المتحرك على الشاشة ويتمنى في نفسه الا تظهر كلمة عاجل على أول الشريط ، أفرغ عم سعد علبة الدومينو على الترابيزة وأخذ يحرك الأحجار ، تناول أبو محروس السبعة حجارة وأخذ ينظر إليها بشرود وضع عم سعد البفة في منتصف الترابيزة وقال : إلعب يا أبو

الرجالة - الظاهر مفيش معاك أي حاجة بشيش. - يرد أبو محروس : وحياتك معايا خمسة منه - لكن الليلة مفيش مزاج أنا راجع

البيت - عايز إنشاء الله أصحا بدری - هعلق الساقية وأرش الكماوى وأنقى

الغلت من الحوض الشرقي. - يطرق أبو محروس باب الدار - يسلم على زوجته .. يضع العباية على الكنبة

والعصا العوجة بجوارها .. يبتسم في وجه أم محروس يسألها وهو يعرف الإجابة : مالك ومال الأخبار يا أم الرجالة ؟ الحالة هادية وإنشاء الله مفيش

حاجة - أم محروس : وحشوني العيال يا أبو الرجالة أجازة بدر قربت - أنا جهزت

الدقيق والعجوة عشان أخبز القرص ياخذها بدر وهو راجع يمكن يقابل محروس 

يكلوها سوا ..



- أبو محروس : أنا عايز آكل معاك هو أنا مش في الحسبة يا أم الرجالة ؟ - أنت الخير والبركة يا أبو محروس وربنا يعينك على شغل الغيط - جهزت

الكماوي عشان الحوض الشرقي ؟ - الحمد لله أنا جاهز وبكرة هرش الكماوى وانقى الغلت من الحوض الشرقي ، ثم

أوى الرجل إلى فراشه. - وبقت أم محروس أمام التليفزيون في وسط الدار لا تنظر إلى شاشته ولكن

عيناها معلقتان بصورتي ولديها بدر ومحروس بالكسوة الميرى ، حاولت أن تطرد الأفكار السيئة من رأسها أيقنت أن المذيع المحفلط هو السبب - عما يدش ويجيب من بعيد وقريب إشي بورصة وإشي سياسة وإشي حقوق إنسان ، والولد

أبو شعر كنيش والبنت المسلوعة قدامة وهات يا دش. - خرجت أم محروس إلى الشكمة .. لفح النسيم الندي وجهها .. غطت رأسها

بالشال القطيفة .. نظرت إلى السماء الصافية .. النجوم تلمع وعلى البعد وفوق شجرة الصفصاف نجمتان أكثر بريقا ، تنقلت ببصرها بينهما ، تحدث الأولى وكأنها ولدها محروس والثانية كأنها إبنها بدر وحشتوني ، الدار كبيرة وواسعة

أو من غيركم. - إنشاء الله فرحك يا محروس هيكون على الحصيدة عيزاك تملا الدار عیال نفسی

أشوف خلفك قبل مموت - وأنت يا بدر مشتاقة لنقارك - هعمل لك الأكل إللى

إنت بتحبه ، أمانة يا نجوم السما سلموا لي على عيالى إحرسيهم من كل ردی. - يا ترى العريش دي فين ؟؟؟ .. آه لو أقدر أروح لهم - كنت أخدمهم بعنيا هما

وزملائهم - لمحت أم محروس نجوم السما بتقرب من بعضها .. إزداد البريق .. النجوم تنتقل

من مكان إلى مكان كلها تلمع .. السماء بيضاء .. البريق يزداد .. النجوم في فرح الضوء يتراقص قلب أم محروس يخفق بشدة .. ترفع يداها بالدعاء لولديها

وكل من معهم. - الأرض كبيرة عايزة شغل الحوض الشرقي فيه غلت كتير .. الجود برد ..

التليفزيون يدش وسط الدار الواسعة .. شخير أبو محروس يشق السكون ..


الشريط الأحمر ظهر .. عاجل .. استشهاد ضابط وثلاثة مجندين في انفجار عبوة ناسفة على طريق العريش رفح ، والقضاء على إحدى عشر إرهابي .. الحمد لله

لطفك يا رب .. تتعلق عيناها بصورتی محروس وبدر المعلقة في وسط الدار. - نقوا الغلت يا أولاد نضفوا الحوض الشرقي .. الساعة قاربت على الثانية عشرة

.. النوم وجب .. بس هو فين ؟ نجومی هناك قلبي هناك. - نقيق الضفادع وصرصور الغيط وهدير السيارات على الطريق السريع .. النوم

عزیز نجومی هناك في العريش .. سلم يا رب ... اعدل راسك يا أبو محروس ..

أنت فين يا نوم ؟ - بتكلميني يا أم الرجالة ؟ .. أيوة يا خويا .. الأرض غالية وعايزة شغل كتيير. - هو الفجر أذن ؟ .. أنا عايز أرش الكماوى وأنقى الحوض الشرقي من الغلت ..

هو لسة بدري عن الفجر يا أبو الرجالة ؟ - بس الفجر جای .. . - نجومی هناك وهينقوا الحوض الشرقي من الغلت. - ادعي معايا إدعى ... الفجر

قرب ....









Share To: