دفعني لكتابة هذا المقال هو هندسة أكبر بروتين بالعالم هذا العام في القرن الواحد والعشرين بعام 21 فهندسة البروتين هي فرع من فروع التكنولوجيا الحيوية التي تطور بروتينات مفيدة أو قيمة. إنه تخصص جديد نسبيًا يركز على دراسة طي(أبعاد من الأول حتي الخامس) البروتين ومبادئ تعديل البروتين وبناءه. انبثقت هندسة البروتينات protein engineering)) من رحم التقانة الحيويّة biotechnology بوصفه تخصصاً يهدف إلى تصميم منتجات بروتينيّة مفيدة ذات خصائص جديدة أو مرغوبة واصطناعها حيويّاً( biosynthesis) بما يوفّر احتياجات البشرية المتزايدة، ويستوعب استعمالاتها العلاجيّة والغذائيّة والصناعيّة المتنوّعة. يقوم هذا التخصص على تقنيّة الحمض النووي المأشوب (المطعم) recombinant DNA technology، تخيل صنع قلادة من 10 خرزات طويلة مع خرز يأتي في 20 لونًا مختلفًا. هناك أكثر من 10 تريليون مجموعة مختلفة للاختيار من بينها لهذه الإحتمالات المختلفة. يوفر هذا فكرة عن التعقيد الذي ينطوي عليه تصميم بروتينات جديدة.بالنسبة لبروتين بحجم معين ، يقوم برنامج النمذجة بإنشاء ملايين الإصدارات عن طريق وضع كل حمض أميني في كل موقف وتقييم ثبات الجزيء الناتج. هذا يتطلب قدرا هائلا من القوة الحاسوبية التي ترتفع مع زيادة طول البروتين. قال جينس ميلر ، أستاذ الكيمياء المساعد في فاندربيلت الذي قاد هذا الجهد: "نحن بحاجة إلى إنشاء أجسام مضادة جديدة وأكثر فعالية وبروتينات أخرى مفيدةوقال ميلر "الحد الحالي لهذا النهج ، حتى باستخدام أسرع أجهزة الكمبيوتر العملاقة ، هو حوالي 120 من الأحماض الأمينية". احتوى صاحب السجل السابق على 106 من الأحماض الأمينية. يحتوي البروتين المصمم حديثًا على 242 من الأحماض الأمينية. تخطت مجموعة Vanderbilt هذا الحد من خلال تعديل منصة هندسة البروتين المستخدمة على نطاق واسع المسماة ROSETTA بحيث يمكنها دمج التناظر في عملية التصميم.
على مدى السنوات العشر الماضية ، تم تصميم عدد متزايد من البروتينات التي لا وجود لها في الطبيعة "في السيليكوIn Silico" (في جهاز الحاسوب). يستخدم العلماء برنامجًا متطورًا لنمذجة البروتين يشتمل على قوانين الفيزياء والكيمياء ذات الصلة للعثور على تسلسل الأحماض الأمينية التي تتحول إلى أشكال مستقرة ولديها وظائف محددة. غالبًا ما لا تتوافق الخصائص الفيزيائية والكيميائية للبروتينات الطبيعية مع الظروف التي يستخدم فيها البشر هذه البروتينات. يلزم إجراء تغيير في هيكله الأساسي ، مما يضمن تكوين بروتين مختلف عن ذي قبل ، وبنية مكانية وخصائص فيزيائية كيميائية جديدة ، مما يسمح له بأداء وظائف متأصلة في البروتين الطبيعي في ظل ظروف مختلفة. تشارك هندسة البروتين في بناء البروتينات. هناك مجال آخر لتطبيق هندسة البروتين وهو إنشاء البروتينات التي يمكنها تحييد المواد والكائنات الحية الدقيقة التي يمكن استخدامها في الهجمات الكيميائية والبيولوجية. على سبيل المثال ، إنزيمات الهيدرولاز(التحلل الهيدروجيني) قادرة على تحييد غازات الأعصاب والمبيدات الحشرية المستخدمة في الزراعة. في الوقت نفسه ، لا يشكل إنتاج وتخزين واستخدام الإنزيمات خطورة على البيئة وصحة الإنسان.
هناك استراتيجيتان رئيسيتان لهندسة البروتين: تعديل البروتين الموجه والتطور الموجه. هذه الأساليب ليست متنافية ؛ غالبًا ما يستخدم الباحثون كليهما. في المستقبل ، قد تؤدي المعرفة الأكثر تفصيلاً عن بنية ووظيفة البروتينات ، بالإضافة إلى التطورات في التكنولوجيا المتقدمة ، إلى توسيع إمكانيات هندسة البروتين بشكل كبير. نتيجة لذلك ، يمكن دمج حتى الأحماض الأمينية غير الطبيعية بفضل طريقة جديدة تسمح بدمج الأحماض الأمينية الجديدة في الكود الجيني (الشفرة الجينية). تم إجراء أول تعديل للبروتين الخاضع للرقابة في منتصف الستينيات من قبل كوشلاند و بندر.لاستبدال مجموعة الهيدروكسيل بمجموعة sulfhydryl في المركز النشط للبروتياز - ، استخدموا طريقة التعديل الكيميائي. ومع ذلك ، كما اتضح فيما بعد ، فإن هذا الثيول سوبتيليزين لا يحتفظ بنشاط البروتياز. كان الكيميائي.ميريفيلد هو الأكثر نجاحًا في هذا المجال. نجح ميريفيلد في تطوير طريقة فعالة للغاية لتركيب سلاسل الأحماض الأمينية. لهذا ، حصل ميريفيلد على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1984. قام ببناء إنسان آلي - "روبوت كيميائي" - كانت مهمته إنتاج بروتينات اصطناعية. تسبب الروبوت في ضجة كبيرة في المجتمع العلمي. ومع ذلك ، سرعان ما أصبح من الواضح أن منتجاته لا يمكن أن تنافس تلك التي تنتجها الطبيعة.لم يستطع الروبوت إنتاج تسلسل الأحماض الأمينية بالضبط ، أي أنه كان خطأ. لقد قام بتركيب خيط واحد مع تسلسل ، والآخر بسلسلة معدلة قليلاً. في الخلية ، تتشابه جميع جزيئات البروتين بشكل مثالي مع بعضها البعض ، أي أن تسلسلها متماثل تمامًا.
تغير كل شيء عندما ظهرت الهندسة الوراثية. بفضلها ، بدأوا في إنشاء جينات اصطناعية بأي تسلسل نيوكليوتيد. تم إدخال هذه الجينات في جزيئات الناقل المحضرة وإدخال هذا الحمض النووي في البكتيريا أو الخميرة. هناك ، تمت إزالة نسخة من الرنا( الحمض النووي الريبي) من جين اصطناعي. نتيجة لذلك ، تم إنتاج البروتين المطلوب. تم استبعاد الأخطاء في تركيبها. كان الشيء الرئيسي هو العثور على تسلسل الحمض النووي الصحيح ، ومن ثم قام نظام الإنزيم للخلية نفسها بعمله بشكل لا تشوبه شائبة. وهكذا ، يمكننا أن نستنتج أن الهندسة الوراثية فتحت الطريق لهندسة البروتين في أكثر أشكالها جذرية.إلا أن الامر أصبح صعب فإذا أردت تغير بروتين يجب أن يكون لديك وسييلة لتغيرة والوسيلة تجعل هناك تضامن بين هندسة البروتين بالاستراتجيات المختلفة للتغير(طرق هندسة البروتين) وبين الذكاء الإصطناعي الذي يبني علي أساس الخوارزميات. الصعوبة تكمن فيما ماذا تغير وإلي أي شيئ تغيير؟!!
طرق هندسة البروتين: هذا التغير هو متفرع من طرق مختلفة أولها 1- عامل تطور موجه فالطفرة أحد قوي التطورنتائج تجارب التطور الموجهة مفاجئة لأن التغييرات المرغوبة غالبًا ما تكون ناتجة عن طفرات لا ينبغي أن يكون لها مثل هذا التأثير. العيب هو أن هذه الطريقة تتطلب إنتاجية عالية ، وهو أمر غير ممكن لجميع البروتينات. يجب تحور كمية كبيرة من الحمض النووي المؤتلف (المطعم) ويجب فحص المنتجات للجودة المرغوبة. غالبًا ما يتطلب العدد الهائل من الخيارات شراء الروبوتات لأتمتة(ذاتية) العملية وتعتبر هذه هي الطريقة الأولي لهندسة البروتين عن طريق التطور الموجه. وهي عملية التطور وفق منظور دارون المعروف بالتطور الداروني Darwinian evolution. وتقوم هذه المنهجية على الإفادة من مبدأ «البقاء للأنسب أو للأصلح»،تكمن أهم مميزات هذه الطريقة في عدم تطلّبها المعرفة السابقة ببنية البروتين المستهدف أو آلية عمله لإجراء عملية تحسين خصائصه.القدرة على تطفير (إدخال طفرات) في كامل البروتين، ومن ثمّ تحديد إحتمالات بعيدة عن الموقع الفعّال أو مكان ارتباط العلامة ligand والتي يمكنها أن تؤثر في فعالية البروتين/الإنزيم بتآثرات تفارغيّة allosteric interactions. من مساوئ الطريقة هي: يُعَدّ الحجم الضخم للمكتبة الممثلة للطفرات المحدثة الواجب إنشاؤها أهم مساوئ التطفير العشوائي المُعتمَد في التطوّر الجزيئي الموجَّه، ويقود ذلك إلى محدوديّة في استكشاف كامل تسلسل البروتين، حتّى باستعمال أقوى طرائق النَّخل أو الانتقاء.قد يصعب -من الناحية التقنية- تطوير طرائق نخل أو انتقاء عالية الكفاءة لاختبار خاصة محددة مستهدفة للبروتين/الإنزيم. وهو متطلِّب للوقت.
2- التصميم المنطقي: هو عملية موجَّهة ومدفوعة معرفياً؛ إذ إنها تقوم على الإفادة من المعلومات المتراكمة سلفاً عن البروتين/الإنزيم محل دراسة هندسة البروتين، مثل بنيته أو تسلسله؛ بحيث يُصار إلى الاستفادة من هذه المعرفة في إحداث طفرات نوعية تستهدف حموضاً أمينية معيّنة يُعَوَّل عليها في المساهمة في تحسين البروتين؛ نظراً لامتلاكها تأثيرات بالغة الأهمية في خصائص البروتين الوظيفِيّة المُراد تحويرها، مثل التفاعل الذي يتواسطه هذا البروتين/الإنزيم تمكينها الباحثين من الاستغناء عن القيام بالمهمة الشاقة المتمثّلة في نخل مكتبات جينية ضخمة. وعوضاً من ذلك ينطلق العلماء في هذه المقارَبة المنطقية من معرفة تسلسل الأحماض الأمينية للبروتين للقيام بعمليات مقارنة منهجية لتسلسلات بروتينية متماثلة بهدف تحديد الاحتمالات التي يُحتمل أن تُغيّر فعاليته.. 3- التشارك بين التصميم المنطقي والتطوّر الموجّه: شهدت السنوات القليلة المنصرمة تلاشياً للحدود والخطوط الفاصلة بين منهجيتي التطور المُوَجَّه والتصميم المنطقي، فقد غدا شائعاً قيام الباحثين بمشاركة كلتا هاتين التقانتين
تطبيقات هندسة البروتينات تشمل التحفيز الحيوي biocatalysis في الأغذية والصناعة والتطبيقات البيئيّة والطبية والتقانة النانَوِيَّة. 1- التطبيقات في صناعة المنظفات والصناعات الغذائية: تستفيد الصناعات الغذائية من إنزيمات مثل الأميلاز amylases والليباز lipases في عمليات معالجة الأغذية. يُنظَر إلى بعض أنواع جراثيم العُصَيات Bacillus بوصفها مضيفاً ذا قيمةٍ لإنتاج الإنزيمات الصناعية نظراً لتصنيفها جراثيم آمنة عموماً (Generally Regarded As Safe (GRAS، ولقدرتها على إنتاج كميات كبيرة من الإنزيمات خارج الخلية. ويجري العمل على اعتماد طرائق المجينات البيئية الشاملة metagenomic التي تساعد على اكتشاف تنويعات طبيعية وجزيئية بوصفها تقانات حديثة لعزل مصادر مكروبية جديدة تتمتع بفعالية محسّنة من البروتياز القلوية.
2- التطبيقات البيئية: تعود التقارير المبكرة للتطبيقات الخلوية والإنزيمية في رَصد monotoring المواقع البيئية والصناعية- مثل استخدام الحسّاسات الحيوية البيئية environmental biosensors- إلى عام 1993. 3- التطبيقات الطبيّة: يعود الفضل إلى تقانة الدنا المأشوب(المطعم) في إنتاج الجيل الأول من المعالِجات البروتينية (مثل الإنسولين)، في حين أسهمت هندسة البروتينات في إيجاد جيلٍ ثانٍ من المنتجات البروتينية العلاجية التي تتمتع بخصائص نوعية من حيث التطبيقات، نجمت عن طفرات أو إنقلاب أو حذوفات أو دمج. وقد أثمرت هاتان التقانتان ذخيرةً من البروتينات العلاجية تضم الإنتِرفِيرونات4- تطبيقات لإنتاج بوليمرات حيوية: تُعَدّ كثيرات الببتيد موادّ حيوية نظراً لخصائصها النوعية البيولوجية والكيميائية والفيزيائية. وقد اعتمدت هندسة البروتينات والتَّجَمُّع الذاتي للجزيئات الضخمة macromolecules لإنتاج مواد حيوية ببتيدية مثل كثيرات الببتيد الشبيهة بالإيلاستين والبوليمر الشبيه بالحرير، إضافة إلى البوليمرات الجرثومية التي تَمَّ التطَرُّق إليها.
5- تطبيقات التقانة الحيويّة النانَوِيَّة nanobiotechnology: يطمح العديد من الباحثين في مجال التقانات الحيوية النانوية إلى تركيب منظومات تقانية نانوية وتجميعها وتحويلها إلى بُنى وأجهزة وظيفية، بيد أن هذا الطموح واجَهَ -لأمدٍ طويل- الكثير من العقبات والصعوبات التي حدّت من إمكان تحويله إلى واقع تطبيقي عملي. غير أن نظرة متبصِّرة إلى المواد الحيوية ستجعل المرء يدرك مستوى التنظيم الفائق للمواد الحيوية بدءاً من المستوى النانوي صعوداً إلى المستوى الضخم macroscale. 6- تطبيقات إنزيمات الأكسدة/الإرجاع وبروتيناتها: يمكن تعديل بروتينات الأكسدة والإرجاع وإنزيماتها بتقانات هندسة البروتينات للاستفادة منها في الأجهزة النانوية المُستعمَلة في الاستشعار الحيوي، وكذلك في تطبيقات التقانة الحيوية النانَوِية. الحيوية biocatalysts في الكيمياء العضوية التركيبية؛ نظراً لانتقائِيَّتِها الفراغية العالية الضرورية
7-التطبيقات الصناعية: للإنزيمات تطبيقات هائلة في عَددها وتنوعها، ويعود ذلك إلى قدرتها على القيام بدور الحفّازات لتخليق بعض المركّبات العديمة التناظر المرآتي على القيام بدور الحفّازات الحيوية biocatalysts في الكيمياء العضوية التركيبية؛ نظراً لانتقائِيَّتِها الفراغية العالية الضرورية لتخليق بعض المركّبات العديمة التناظر المرآتي chiral compounds، 8- تطبيقات أخرى: تشمل تطبيقات هندسة البروتينات أيضاً تطبيقات ذات أهمية صناعية و/أو دوائية إنزيمية مهمّة، ومن ذلك كولِستِرول أُكسيداز cholesterol oxidase، iral compounds،9- تطبيقات جديدة أخرى: شهد العقد المنصرم تطوير أنماط جديدة من البروتينات باستعمال تقنيات هندسة البروتينات التشارُكِيَّة. تدعى هذه البروتينات الرابطة ذات المنشأ غير الغلوبيني المناعي بـ «الأجسام الأليفة» affibodies، وهي تتسم بألفتها العالية؛ وهذا ما سمح باستعمالها في العديد من التطبيقات، منها تصميم أدوات تشخيص وعمليات الفصل الحيوي bioseparation وتثبيط وظيفي واستهداف ڤيروسي وتصوير الأورام في الكائن الحي in vivo tumor imaging ومعالجات السرطانات.
يمكن الرجوع للمصدرين علاوة علي المراجع الاجنبية
Post A Comment: