أحمدُ الله حمدَ الشاكرين وأصلي على نبيه محمد المختار الأمين وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وبعد ..
إن الشروع في أيّ بحث يحتاج الدقة ، فإذا ما كان البحث في القرآن الكريم حينها يتوجب على الباحث التمعن والموضوعية والحذر والتسلح بالحذاقة والعقلانية ، ذلك لأن القرآن الكريم الدستور الأول للأمة الإسلامية ، وكلما وقفنا على القرآن الكريم تبين لنا أنه مترفع فوق الجميع والدليل مواكبته للعصر منذ نزوله وللآن، فكلما اجتهد الإنسان ليبحث في ناحية خاصة من نواحي القرآن الكريم سيجد أمامه متسعا من البحث والرؤى لذا يتوجب الحذر والتأني والتعامل مع القرآن الكريم بدقة متناهية .
وحين ولوجي في نفحات من الكتاب والسنة للباحث نوماس الشاطي أتضح لي الكثير من المعاني السامية في اللغة وعلومها فلقد كان البحث مدخلا لبيان علوم أخرى كالتفسير وبعض القصص القرآنية التي رأيت من خلالها الجماليات القرآنية مع رصانة الأسلوب وكيف لا وهو القرآن المحفوظ قال تعالى : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) ، لذا توجب على الباحث أن يتصاغر أمام هذه العظمة حين الولوج بطياته وفي علومه التي تواكب الزمن إلى قيام الساعة ، وكيف لا وقد قال عز من قال : (( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )) وقد ورد في الأثر عن النبي ص : (( فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه )).
أن البحث في كتاب الله هو الطريق الصحيح للوصول إلى علوم الحياة ، أما البحث في علوم اللغة العربية يجب أن يكون المسلم متسلحا فيها ومدركا أن اللغة هي من المفاتيح المهمة جدا للوصول إلى الحقيقية التي تسهل الكثير من الأمور الحياتية المهمة التي تدعونا لأن نعيش في هذه الحياة بالصورة التي أرادها الله لنا لكي نرتقى إلى مستوى الإنسان الحقيقي العارف لما خلقه الله وما هو المراد منه في مسيرة حياته التي قدرها الله له، فما بالك والقرآن الكريم هو المصدر الرئيسي للحفاظ على اللغة وعلومها وتاريخها وأخبارها ومجرياتها وقصصها منذ آدم عليه السلام وإلى قيام الساعة .
استعرض الباحث في مقال وجوب ما يجب الشخصية العربية وتناقضاتها من خلال الاستشهاد بالقرآن الكريم، والمحصلة .. الربط بالواقع الحالي محاولة لتهذيب النفس البشرية والارتقاء بها نحو السمو ، وذكر في مقال الوحدة الوطنية ( كان المسجد مثابة لجمع المسلمين وملاذا للخائفين ) وفرق بين مساجد الأمس واليوم بعد ما أصبحت المساجد بوقتنا الحالي تفريقا بين الناس ، فكيف يكون الحال وبيوت الله تُتخذ مكانا للقتل والتآمر وشحن البغضاء بين الناس ، وهذه اشارة للظواهر التي لا تكفي لبناء الإنسان فلا يعني دخول الناس للمساجد والصلاة فيها النزاهة والاخلاق ، وقد جسد لنا حال البلاد حينما دخل أناس يحملون معاول الهدم وآخرون يفرون بالأموال  إلى خارج البلاد ... لعمري كيف تكون الأوطان للنهب والسلب ويتربع الأغراب على عرش الوطن ويُذل أبناؤه وتُستباح حرمة أراضيه ، وقد ركز في مقال اصلاح النفس في القران الكريم على أن الشباب لا يتعايشون مع الماضي وذلك من أهم أسباب الثورات على السلطات وبين ربط ذلك موضحا التفريق بين الثورة والاصلاح وذلك يعتمد على الفرد ذاته ، وذكر في مقال الجزع واليأس بأن غياب السلطة هو السبب الرئيسي في الفوضى التي تعم البلاد ، وذكر في مقال صراع الإرادات ( كانت إرادة الشباب تُخجل الآباء والأجداد وكأننا في حينها على رؤوسنا الطير ، أبناؤنا يتحدون آلة القتل ونحن نتوارى خلف الجدران ونختلق الأعذار ، وأكد في مقال المشورة على المشورة وأهميتها وعدم التفرد بالرأي ، وقد استعرض الباحث في مقال السلم والسلام في القرآن الكريم كيفية الحفاظ على الشعوب وإبعادها عن الحروب التي تخلف الدمار في البنية التحتية للإنسان والبنية العمرانية للبلد وضرب مثالا في ذلك حينما ذكر الحاكم صدام حسين ورفضه وتعنته حينما دخل الكويت بعد جميع الوساطات مما أدى إلى سقوطه وما خلف هذا السقوط من ويلات بعد دخول الاحتلال مستشهدا برزانة العقل والحكمة عند الملكة بلقيس حينما وصلها كتاب سليمان عليه السلام
لقد استعرض الباحث الشاطي  في مؤلفه عدة مواضيع كانت غاية الأهمية لأنها تلامس الواقع الذي نعيشه ولأنها من متطلبات الحياة التي لا يمكن للفرد الإبتعاد عنها ولأن اللغة تحاكي النفوس وهي السبيل لتوثيق القوانين والأحكام والجماليات والهدف هو تهذيب النفس الإنسانية والرقي بها نحو الفضيلة ومكارم الأخلاق التي يتوجب على الإنسان التسلح بها .
بحث الباحث في ثمانية وثلاثين بحثا معززرا أبحاثة بآيات من القران وأحاديث من السنة وبكتب تاريخية مهمة وبأقوال بعض الحكماء والفلاسفة ، وذكر عدة أبحاث بعناوين مختلفة ومنها وجوب ما يجب والوحدة الوطنية والصادقون ووحدانية الخالق في صنع المخلوق واصلاح النفس في القرآن الكريم ونفحات من القرآن والسنة والجزع واليأس وصراع الإدارات والرحمة والغفران في القران والسنة والوحدة والاختلاف والحياء صفة المؤمن والبر والاحسان والمشورة سلاح ذو حدين وتناول مواضيع الصبر والحوار والمراة والولاية والجهاد والصدقات .........
إن من أهم مميزات الباحث أن يكون موضوعيا مهنيا متسلحا في الحصافة والحذاقة ومالكا رؤى بعيدة المدى ، وقد لمسنا تلك الصفات عند الشاطي فلقد كان حذرا وخاصة لأنه يدرك صعوبة البحث في القران الكريم والسنة وصعوبة تناول قضايا التاريخ المهمة والتي ما زالت محط خلاف بين العلماء والمفكرين والمتصدين لقضايا التاريخ المفصلية ، ونحن نشيد بجهود الباحث وهو يغوص بتلك الأبحاث المهمة لأن هدفه سامٍ ، فهو يحاول بما يستطيع مخاطبة النفس الإنسانية وزج الشحنات والطاقات الإيجابية فيها لإيمانه المطلق بأن الإنسان هو من يعمر الأرض وهو من يصنع الجمال والحياة وتلك هي رسالة الله سبحانه وتعالى من خلق الإنسان ، ولا نخفي أنه تسلح بالجرأة في بعض الأحيان وتلك الجرأة قد تعود عليه. 






Share To: