لا تندم علي حرب خضتها ظنًا منك أنك ستنتصر، ولكن صُدِمت بأنها أكبر من مخيلتك، بأن هؤلاء الفرسان الثلاثه صاروا ألفًا، وأن النبال الصغيره صارت سهامًا تصوب نحوك، لربما تلك الندوب تعلمك الحذر، تعلمك أنه لا يمكن الوثوق في القدر-رغم أنه أتٍ لامحاله-، تعلمك أنك ستنهزم، وتُكسر، وتبكي بكاء يشق الحجر، وتأكد ألا تلم إلا نفسك وقتها، فأنت من دفعتك حماسة التجربة، ونسيت أن تجهز عدتك، ووثقت في نفسك كمال الثقة، رغم أنفك كلنا ناقصون، نفتقر إلي الله، نريد توفيقه، لا تظن يا صديقي أنك تستطيع وحدك، أن تستطيع أن تحل كل العقد بشجاعتك، أين الفارس المجهول ، أين عدتك، خدعتك الحياة؟ أعلم فقد فعلت بكثير قبلك الويلات، فصاروا أشلاء لا تحتويهم الأرض ولا السماء، لا تكن ضحيةً وتبكِ مثلهم، أنا هنا لأقول لك أحذر فالطريق شائك، ومتعب، وستري الكثير وحدك، كن مع الله تكن المنتصر، وأعلم وقتها ألا يسلبك الشيطان عقلك، ألا يقول لك أنت فعلتها، لا تغتر فالإختبار صعب، والطريق موحِش، أتشعر بذلك الظلام حولك، والثلج ينهمر علي قلبك، قل لي إذا ظهر أمامك وحوش من ظلام، أين النور الذي ستجابههم به، أين عدتك، ألم أقل لك إنك لست جاهز، لا تتعجل الطريق، أحذر من ينتظرون سقوطك، قلوبهم علي أحر من الجمر، ليروك تسقط، لن يتذكر أحد كم كنت محسنًا، أو كم كنت شجاعًا، وإنما سيتذكرون سقوطك، سيصوبون أعينهم نحوك، ستخاف، وتختبيء، وتتمني الموت حين إذن، مؤلم أليس كذلك ؟
لقد أردتك يا صديقي أن تنظر من بعيد قليلًا، علك تفهم ما أقول، حين سقطت أنا لم أَجِد من يُؤْمِن بي، لم أَجِد يدًا ترفعني، صفعتني سهام القدر، غرقت أسفل الأمطار وأنا أبكي وحدي، تمنيت وقتها أن أَجِد يدًا تربت علي كتفي أنذاك، ولكن فات الأوان الأن، كم اتمني لو أعود لأحمل ذخيرتي، وأرهب وحدتي بصليل سيفي، وافقئ عيون من ينظرون إلي بخبثٍ، وأنظر للسماء، ودموع الفرح تغسلني، وترتقي روحي لمرتبة أعلي وأني أتجهز للامتحان القادم، ليتني صبرت، ما كنت وقتها علمت معني الرسوب، ما كنت أشلاءً مثلهم، لا أريدك مثلي، جل ما يسعدني حين أراك تنتصر، لربما يجتمع مني بعضي، لا تنس أيضًا أن تكون رحيمًا، وألا تنسيك وحشة الطريق قلبك، فتصير وحشًا، فتنسي أحبتك، وتنسَ رقتك، فتصير عبدًا ظالمًا، خان العهد، ومات ضميره، فيبغضه الناس مهما عظُم، لا أقول لك أن تعطِ الناس اهتمام، ولكن أحباؤك هم من سيبقون علي العهد حين تعود، لربما يكونون من الذين يقفون في طريقك، لكنهم لن يخونوك مهما فعلوا ، لربما تشعر بأنك وحيد بينهم وأنك غير كفءٍ، وأن قيمتك -في منظوك -تتغير بموقعك في الحرب، لكن صدقني يخونهم التعبير، وتخونهم الكلمات، ولا تخونهم أبدًا مشاعرهم نحوك،
لا تكن وليد ظلمك لنفسك، وتلقٍ اللوم علي الكلمات، القويٍ يجابه الشر، والظلم، والأعداء، ألا يستطيع تحمل بعضٌ الكلمات؟
تغدو سكاكين تمرقك! ما بالك بعدم وجود أصحاب الكلمات ؟ سيصير الوطن غربة وتصير الهموم جبالًا، ويتآكل قلبك من فرط الوحدة، أنا أريد أن أراهم، أحيانًا أتصور أشباحًا فأبكي، وأخاف، صرت غائبًا عن حاضري، مقيمًا في الماضٍ، أودّ بشدة أن أستجمع عقلي الذي ذهب، وجسدي الذي تناثر بعدهم، وحالي الذي ينتظر عودتي، لا تكن مثلي، وامضِ يا صديقي، ولكن كن حذرًا أرجوك ولا تغب، ولا تنس أن تشعل الشمس من جديد فيحيا الجميع، سأنتظرك وبشدةٍ.
Post A Comment: