طفل لا يتجاوز السادسة عاماً بثيابهَ الرّثه وانحناء ظهره للبكاءَ، انكسار نظراتهُ أمام الجميع، يجلس في سواد الليل وحدهُ ، والدموع تنهمر من عينيه ، يحلم بأن يملك قطعة خبز له ولأسرته فقط لا َغير ،بأن يمتلك بيتاً صغير يحميه هو وعائلتهُ من انحطاط الشارع ، كل أمنياتهُ أن يملكَ عملاً دائم ليكسب منه المال ليصرف عليه وعلى أهله ، تنازل عن كل أحلامهُ في التَعليم وأن يصبح طبيباً، مهندساً أو رئيساً تخلي عن كل هذا لكي يعين أسرتهُ ، و عن كل أفكاره في الدراسة والذهاب إلى المدرسة وحتى أن يلعب برفقة أصحابهَ، كل ما أرادهُ حياة كريمة يعيشها وواقع جميل، تميز بآفكاره وطرقهِ المميزة في العمل رغم صغر سنه ولكن حرمُ من أبسط حقوقهِ و تنازل عن أبسط رغباته في الحياة ، وبعد كل هذه التنازلات لم يجد حياةً سعيدة، بل وجد حياة مؤلمة وفاجعة له في عمرهَ ، أسوا ما وجده هو منعه من التعليم والتأهيل ، إلى الوصول إلى مناصب أو مراتب قيادية ، ظل يعمل على مشارف الطرقات ليجد بعض من المال ليعين به أسرتهِ ، عمل في جميع الأعمال الطرقات، الأماكن ليجلب المال له ولعائلته ،تَحتَ جميع الظروف لم يمل ولم يكل ، حتى متطلباته بحياة صحية جيدة لم يلقى غير الأمراض التي تفتك به ، بسبب وضعه المادي ،ومستوى معيشته ، وعدم تحمله لتكاليف العلاج الذي أصبح هو أيضاً من رفاهيات بلادي !
ظل العجز يلازمه في كل حياته وحتى في أبسط حقوقه التنافسية مع أطفال جيله ..
وانعزاله عن العالم وانحياز الأغنياء لبعضهم والفقراء لبعضهم ،يتهرب الأغنياء من مخالطتهم ومعاشرتهم ومصاهرتهم ، ومن صغره يشعر بعدم الرغبة بوجوده وكل هذا لعدم استطاعته لعيش حياة كريمة !
لم يجد الدعم من بلاده التي هي ملجأهُ وأمانهُ لم يعينهُ أحدا أبداً سوى عائلته ، فقد ثقتهُ فيها وتمنى أن لم يكن منها ،
يسأل نفسه دائماً !
متى سينتهي كل هذا ؟
متى سأعيش طفولتي ؟
هل سيأتي يوماً ويكون لدي كتاب ومقلمةٍ واذهب للمدرسة والتقى بعض من الاصدقاء؟.
هل سيأتي ذلك اليوم الذي أحترم فيه بين أبناء بلادي؟
كل هذه الاسئلة تدور في رأسه ،فبكى من شدة اليأس والضعف ، ولعدم قدرتهَ على مساعدة عائلته التى تتنظر منهُ أن يأتيهم بالطعام ، ولكن لم يجد اليوم عملاً كافياً لإحضار الطعام لأسرته فبكى من العجز، رغم كل ذلك ينهض بعد بكائه للبحث عن عمل يكسب به المال و يأمل أن يعود ويجد لقمة عيش لليوم فقط ، يثق أنه سيعود الي الدراسة يوماً ما و يمتطي ظهر الأمل و يكسر حاجز العقبات ..
لا تبكي يا صغيري ولكن هذه بلدنا نحن أرخص الأشياء فيها ورغم ذلك تبقي هذه البلاد تخصنا بفقرها وعجزها وكسرها تخصنا بكل مساوئها.
Post A Comment: