بين عشية وضحاها وجد نفسه في ذكرى من السنة الماضية، كأنه يعيشها للمرة الاولى بكل تفاصيلها، تلك الغرابة التي وجدها في المكان عندما حط رحاله قبل سنة وبعض الايام المشؤومة والدقائق التي تحملها سلحفات الزمان، ما عاد يرى أمامه الا نفسه القديمة، يتأمل في التغيير الوحيد الذي طرأ هو انه اصبح يعرف العديد من الأشخاص هنا، والمكان سيبقى غريبا رغم ان كل نجمة في سمائه تعرفه، وكل شجرة لاتزال تتذكر مروره من جانبها ولو مرة، لكنه يبقى غريبا فقد ترك هدوء الريف وسخاء الجيران بالتحية والسلام، وجاء إلى منطقة اشبه ما تكون بالمدينة، لكن هيهات أن ترقى الى مسمى المدينة فعلا، هنا لم يكن يعرفه احد، كان الجميع يتأمل ملابسه التي تدل على مستواه الإجتماعي، فالمعيار مادي هنا اكثر مما هو بشري، والتحية هنا تلقى على من تعرف فقط، اما من لا تعرف فدين حضارتهم يحرمها عليه، كان كل شيء قد تغير فجأة، بين ليلة وضحاها كان في فراشه الدافئ قرب اخوته وابواه اللذان لم يطيقا فراقه لكن من أجل مستقبله الذي كان يرسمه يجب ان يغادر، لم يفكر يوما ان مغامرته قد تعتريها العراقيل، اعتقد أنه سيعيش حياة كالتي في الأفلام، لكنه واجه اكبر الصعاب، خاصة تلك التي لها وقع كبير على نفسيته المضطربة منذ صغر سنه، فالمغامر اعتقاد التفكير المفرط في واقعه ومعاناته، ولم يولي اهتماما لنفسيته التي ستتأزم يوما، اصبح الان يرى، يسمع، ويشم السنة الماضية بكل تفاصيلها، وقع صوت المدرسين في اذنه كصوت الأذان في أذن كافر قرر التوبة، رائحة طلاء الجدران في قاعات الفصل، ثم تلك الجلسة التأملية للنظر الى سفر الشمس في غروبها نحو عالم آخر وهي تودع اشجارا شامخة في ساحة المؤسسة، بعدها تأتي لحظة ما بعد الغروب حيث نسمات الطبيعة ترسل امواجا رومانسية تسير نحور قلبه الصغير، كل شيء عاد مثل كواليس مسلسل درامي كتبت احداثه مغامرة مراهق اراد البحث عن سبيل لنيل تعليم راقي، عنوانه الشوق، والخوف والمواجهة، كل شيء جميل، وكل شيء لا قيمه له بعد الآن، لا شيء يستحق الذكر إذن انسى كل ما قرأته يا عزيزي كانت مجرد رحلة بائسة.







Share To: