نص يطاردني منذ بداية النهار ، لم اعلم كيف انجوا منه ، إلهام ،ام شيء اخر؟. قلق مجهول ، ام القلب مليء بالأحزان ، علي ان افرغه على الورق ،كي تموت ! . أموت أنا ، ام تموت الأحزان ؟ . لا اعلم ، ما اعلمه ،هو ان الناس ، لهم وسائل مختلفة ،يواجهون بها مآسي الحياة ، ومآسي هذا العالم الكبير ،الواسع معالمه . قرأت لبرادة في "ورد ورماد " ،مراسلا صديقه شكري : أنا  اواجه مآسي  العالم بالكتابة .

انا لا اعلم بماذا اواجهه  ،كل الوسائل التي استعمل ،افشل في استعمالها . عزلتني عن العالم ، مدة طويلة ، لم اجن من العزلة سوى آلام ،أجهل مصدرها . عيشي وسط الناس ، لا اكاد اطيقه . يتكلمون عن اشياء تافهة ،يكررونها دوما ، وحينما يطلبون مني ان اقول رأيي فيها ، امسك في قضيبي وأقول بصوت جهوري :
-طز على ما تناقشونه. هذا  لا يهمني ..

أتحاشى الجميع ، لا اريد مواجهة احد ، اواجه نفسي فقط ،اخطائي الكارثية ،اواجهها بعزم واصرار . مللت اللامبالاة ، اللامبالاة لا تنفع مع الأشياء المهمة ،مع مصير حياة . بتدهوري اخاف ان اصير مدمرا في الأيام الآتية ، الحياة تتقلب . تخليت عن احلامي لأعيش الواقع ،وأتقبله رغم بشعه . الحياة ليست كلها فرح ، هي خليط من الفرح والحزن ، لو لم يكن الحزن ،لما عرفنا قيمة الفرح . الحزن شيء مهم ، به نعرف ذواتنا ، ونعرف ايضا الآخرين ، المحيطين بنا . هل هم معنا في السراء والضراء !، ام هم معنا فقط في السراء . هناك آلام عظيمة ، كما يقول زفزاف الراحل :علينا ان نعيشها بدون نحيب ،بدون تظاهر ..

لم اظهر لأحد ،ان داخلي يتمزق ،قلبي يخفق بعنف ، في آية لحظة سأنفجر . كتمت كل شيء . كبلت كل شيء بداخلي ، رغم هذا لم انفجر . ابسبب محافظتي على التوازن النفسي ، ام شيء اخر ، لا اعلم ! . اشياء غريبة اعيشها ،وأراها ،لا اعرف كي افسرها . 

الحياة واحة مليئة بالأفراح والأحزان يخزن في داخلها ما لا يتصور . هذا ما قرأته في كتاب  لم اعد اتذكر اسمه .

بدأت نهاري مكتئبا ، قلق مجهول ، عدت الى ما كنت عليه ، اخاف الأمراض النفسية ،اكثر مما اخاف الأمراض الجسدية .الأمراض النفسية في بلدنا تعتبر جنونا ، وليست مرضا . 

قرأت خمسين صفحة في رواية "سباق المسافات الطويلة " . لم يوقفني فيها سوى قول : الخوف الغريزي لا يعرفه الإنسان  مصدره او اسبابه ، لكنه يحسه .تأملت المقولة اكثر من مرة ، اغلقت الكتاب ، استرجعت كل المحطات المهمة في حياتي ، ثم رددت :صدقت يا منيف صدقت. 






Share To: