في حضرة الربيع ،حيث مروج قلبي يانعة بزهورها المنتشية بنسيم عطرها الشبابي، والراقصة على إيقاع زقزقة عصافيرها المرحة ، بعدما ولى الحزن المتردد الذي عايشته في شتائي الطويل. تستوقفني سنوات الجفاف المستوطنة أعماق حقول قلبي ،متسائلا ،بل متعجبا !
كيف تحملت أيها القلب العنيد كل هاته السنين الراقدة على جروحي ،ووجدت لها بلسما شافيا ؟! كيف استطاعت روحي الإنبعاث من تلك القبور من جديد ؟! وبأي شمس أدبت ثلوج معاناتي وأصبحت بأجمعي ربيعا ،بل عز الربيع؟!
أفتش عن الجواب ،لعل حيرتي تنجلي وتعجبي يزول . في حقائب انكسارتي المملوءة بخيبات ألمي . فمع كل ندبة في جسدي ،حكاية وذكرى، وبقايا من قصب جبرت به كسري ، ورقصة ديونوزيوسية نابعة من ايقاع ألمي، الذي كان يحملني الى مشاريف ينابيع الحياة ،حيث تزقزق عصافير أحلامي .
هكذا كنت لحظة كل انكسار ،وحيدا في الآعالي ،مجاورا للقصب السامق وللنسور الكاسرة ،والثلج والشمس .
بعد كل انكسار ،يليه جبر ،فأترجل راقصا على قدماي المكسورة ،ولا أترك يداي على كتف أحد . وعندما يحاصرني الليل برداءه الكثيف ،أوقذ نارا بداخلي ،فأحيا على نورها ،وأشرب اللهيب المندلع مني ،وأجتر كل خيبات النهار ،كي لا تفسد علي شهية المتاعب الآتية .
هكذا يتبدد ليلي الشتوي الطويل ،بلحن ينسل الى أعماق قلبي.
Post A Comment: