تتعدد اشكال العنف في رواية"ضجيج العميان"
فيبدأ النص بحدث العنف الجنسي،الناتج عن التهاب الجسد وما تنحته الطبيعة في الانسان،خاصة الرجل.
البطل يمثل تعدد الشخصية في الرواية في تراوحه بين القبول والرفض، والرومانسية والواقعية،والتوحش والتحضر،معه تتأجج مظاهر العنف وتتفرع مع الشخصيات في المكان والزمان؛وهو عنف رفض التقاليد والوهم  والشرائع التي تسنها العامة،فالعميان هم؛اولئك الذين يخضون في جميع المواضيع،فيحتكرون المعرفة والفكر...وهم في الحقيقة عميان لا يفقهون شيئا.
جل الشخصيات  في الرواية يتقمصون ادوار لا تنطبق على واقعهم المعرفي والجسدي والاخلاقي...فهم حكماء في تصورهم وزعماء لا يمكن مناقشتهم،وكأن قدر المثقف الحكيم بينهم العيش في غربة وعزلة وحيرة لأن ثمار فكره لا يوجد من يحسن قطفها...
فالراوي يقود الأحداث في جميع تفاصيلها الى نهاية واحدة هي نهاية التعاسة والشقاء نتيجة لخوض تلك الشخصيات في مواضيع يعتقدون معرفتهم بها...
أما الشخصيات التي تملك رصيد من الحكمة فهي قليلة جدا في الرواية ومع ذلك تؤثر في نهاية كل قصة فرعية داخل النص الروائي وكأن الكاتب يريد ان يقول ان الكثرة لا تعني بالضرورة الانتصار وان الحقيقة هي التي تنتصر في النهاية مهم كانت تلك الفئة التي تمثلها قليلة.
شخصية "عمار"تمثل الحكمة لذلك تنتصر في كل موقف وفي كل صراعاتها مع العامة(العميان)
انتصر على العمدة وهو واحد من العميان في السياسة وعلى العجوز"حسنية"وهي واحدة من العميان في القرى وعلى كريم وهو أحد العميان في المدينة...
العنف في "ضجيج العميان"هو عنف بناء،الغاية منه محاولة اعادة أنتاج المجتمع وتوجيهه نحو مسالك الإنسانية والخير والسعادة.وهو ما يؤكد ايمان الروائي الأمين السعيدة بجدوى القوة في أصلاح العامة والحد من خطورتهم...
فالعامة هم مصدر شقاء الإنسانية وانهيار الدول وتأخر الاوطان وشقاء من يعترض سبيلهم أو يقع في شباكهم...
وهذا ما حدث لابراهيم لأنه ابن التوحش من ناحية والخضوع من ناحية ثانية وما حدث لنوال لأنها وقعت في حب"كريم"وهو أحد العميان.
وشيماء التي تفضل العيش مع كلب على العيش مع الرجال(العامة/العميان...)
ما يثير الدهشة والاستغراب هو ان هؤلاء العميان منتشرون في كل مكان وزمان وهم الاغلبية،لذلك لا توجد حلول كثيرة لمواجهتم،لعل العنف اهمها...
تتعذب الشخصية الحكيمة"نهى"لأنها مفكرة،زوجة حكيم فتنتهي حياتها في السجن وتدفن في البرية...
وزوجها  في السجن وتحرم من صلاة الجنازة لأنها في نظر العامة هي عاهرة...!
يتعذب زوجها عمار ومع ذلك يقاوم ويحاول أصلاح المجتمع في المكان الذي يوجد فيه حتى داخل السجن من اجل التأسيس لمجتمع سليم ثائر مفكر لا يقبل بالظلم... وتنتهي  الرواية بموت السواد الأعظم من العميان فينتصر المبصرون.
العنف في رواية "ضجيج العميان"للروائي التونسي الأمين السعيدي هو عنف بناء ضد الظلم والجهل وفقر المعرفة...







Share To: