والضوابط الشرعية لعمل المرأة هى تلك القواعد و الأصول العامة التي توجه سلوك المرأة العاملة نحو تحقيق مراد الله في أداء العمل كى يصير عمل المرأة محققا لمقاصد الشرع الشريف . 

🌵ونستطيع أن نوجز هذه الضوابط في أحد عشر ضابطا : 

١- أن يكون عمل المرأة مباحا: 

كالتعليم والطب والتمريض والشرطة النسائية ونحو ذلك. 

ولا يجوز في العمل أن تستغل فيه أنوثة المرأة كالعمل في الإعلانات والعلاج بالغناء والرقص أو علاج المرأة للرجل لغير ضرورة. 

٢- أن يكون خروج المرأة للعمل لحاجة شخصية أو مجتمعية:
 
فقد تخرج المرأة للعمل من أجل الكسب وطلب الرزق للإنفاق على نفسها وأولادها (حاجة شخصية). 

فقد احتاجت خالة جابر بن عبدالله إلى العمل وهى في عدة طلاقها فزجرها رجل أن تخرج فأتت رسول الله فقال لها: بلى جدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا.

رواه مسلم(١٠/١٠٨) باب: جواز خروج المعتدة البائن والمتوفى عنها زوجها لحاجتها.

وقد يحتاج المجتمع لعمل المرأة ولا يصلح للعمل إلا هى كعملها طبيبة نساء وتوليد أو ممرضة للنساء أو مدرسة في مدارس البنات أو في الشرطة النسائية ونحو ذلك (حاجة مجتمعية).

 فهذه حاجات مجتمعية تندرج تحت القاعدة الفقهية: 

ما أدى إلى واجب فهو واجب.

القواعد الفقهية للندوي ص١٠٦ 

ومن أشهر الصحابيات اللاتي عملن في مهنة الطب رفيدة أو كعيبة بنت سعد الأسلمية .

الإصابة لابن حجر ٨/١٣٨
الاستيعاب لابن عبدالبر ٢/٥١٨ 
أسد الغابة لابن الأثير ٦/١١٤ 

فالأصل قرار المرأة في بيتها ولم يبح الشرع لها الخروج على إطلاقه لقوله تعالى:

وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .

الأحزاب ٣٣ 

ولما أباح لها الشرع الخروج في بعض الأمور فضل القرار في البيت على الخروج لحديث: 

لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن .

رواه مسلم (٤/١٦١).

ولكن إن احتاجت المرأة إلى الخروج لحاجة ملحة أو عمل أو احتاج العمل إليها فلا مانع من خروجها للحاجة والضرورة والضرورة تقدر بقدرها.

وفي الحديث : 

قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن .

رواه البخاري٩/٢٧٧ 
مسلم ١٤/١٥٢ 

وعن أنس بن مالك قال:

 إن رسول الله كان يغزو ومعه أم سليم ومعها نسوة من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى .

رواه البخاري (٢٨٨٠).

وعن الربيع بنت معوذ قالت :

 كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي ونداوي الجرحى ونرد القتلى إلى المدينة.

وفي رواية :

فنسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة .

رواه البخاري (٦/٦١).

فالحاجة إلى العمل تنزل منزلة الضرورة الخاصة بآحاد الناس .

الأشباه والنظائر لابن نجيم ص٩١ ومثله للسيوطي ص٨٨ . 

٣- وجوب إذن الزوج أو ولى أمر المرأة إذا لم تكن متزوجة :

والأصل في ذلك حديث : 

لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه وما أنفقت من نفقة في غير إمرته فإنه يؤدي إلى شره .

رواه مسلم (٥١٩٥).

فكما أنها لا تصوم تطوعا ولا تدخل أحدا بيته إلا بإذنه فلا يجوز لها الخروج للعمل أو لغيره من حضور عرس أو زيارة أقارب ونحو ذلك إلا بإذنه.

ولقوله تعالى: 

الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض .

النساء ٣٤ 

ولحديث :

 الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته.

رواه البخاري ٨٩٣

ومسلم ١٨٢٩ .

ولكن إن استأذنته فيما هو مشروع فمن السنة ألا يمنعها لحديث : 

إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها .

رواه البخاري ٨٧٣ ومسلم ٤٤٢  

وهذا عام في الصلاة وغيرها.

وذهب بعض الفقهاء إلى أن خروج المرأة للعمل بدون إذن زوجها لا يعد نشوزا ما دام الزوج لا يكفيها.

 البحر الرائق لابن نجيم ٤/٣٣١ 
ورد المحتار لابن عابدين ٥/٢٥٩ 
والمقدمات الممهدات لابن رشد ١/٤٣ 
وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١/٣٣٥ ومغني المحتاج للخطيب الشربيني ٥/١٦٩ والإنصاف للمرداوي ٨/٣٥٩).

٤- ألا يتعارض العمل مع مهمتها الأساسية: 

واجبات البيت وتربية الأجيال:

قال تعالى:

ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه

الأحزاب ٣٣

 فعلى المرأة أن توازن بعقلها لا بعاطفتها بين عملها خارج البيت ومسئوليات البيت الأساسية فإن استطاعت التوفيق بينهما فبها ونعمت وهذا قليل.

وإن لم تستطع فبيتها أولى بها إلا ما دعت إليه ضرورة صعوبة المعيشة وضعف الدخل.

٥- أن يتناسب العمل مع طبيعة المرأة :

فلا يجوز لها أن تعمل عملا لا يتناسب مع طبيعتها الأنثوية كالعمل الذي يحتاج إلى القوة العضلية أو مطاردة المجرمين أو في أعمال البناء والتشييد ونحو ذلك.

ومن شروط طبيعة عمل المرأة: 

أن يكون مشروعا لا يتنافى مع طبيعتها الأنثوية

 يكون في حدود طاقتها الجسدية

ألا يؤدي إلى ضرر اجتماعي أو خلقي فيؤثر سلبا على الأسرة

ألا يعوقها عن أداء واجبها نحو زوجها وأولادها.

٦- الالتزام بالزي الشرعي لأمن الفتنة :

لحديث: ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء.

رواه البخاري(٥٠٩٦) ومسلم (٢٧٤٠).

ولحديث: 

صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن مثل أسنمة البخت المائلة لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها .

رواه مسلم (٢١٢٨). 

فيجب أن يكون زي المرأة مستوعبا لجميع البدن وهناك خلاف سائغ في ظهور الوجه والكفين أو لا .

وألا يكون لبسها زينة في نفسه وألا يشبه زي الرجال أو زي الكافرات وأن يكون سميكا لا يشف عما تحته وأن يكون واسعا لا يصف جسدها وألا يكون لباس شهرة أو معطرا وألا يكون عليه صور ذوات الأرواح أو عليه صلبان .

٧- ألا تخرج متعطرة:

لحديث :

 ﺃﻳﻤﺎ اﻣﺮﺃﺓ اﺳﺘﻌﻄﺮﺕ ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻓﻤﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻡ ﻟﻴﺠﺪﻭا ﺭﻳﺤﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺯاﻧﻴﺔ ﻭﻛﻞ ﻋﻴﻦ ﺯاﻧﻴﺔ» .

رواه أحمد والحاكم والنسائي وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٢٧٠١).

ولحديث :
ﻻ ﺗﻤﻨﻌﻮا ﺇﻣﺎء اﻟﻠﻪ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺨﺮﺟﻦ ﻭﻫﻦ ﺗﻔﻼﺕ» .

تفلات: أى: غير متطيبات .

رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني في الإرواء(٥١٥) وصحيح أبي داود (٥٧٤) .

جاء في حاشية الدسوقي (١/٣٩٨) :

 أما النساء إذا خرجن... فلا يتطيبن ولا يتزين لخوف الافتتان بهن.

وقال النووي : 

إذا أرادت المرأة حضور المسجد كره لها أن تمس طيبا.

 المجموع ٤/٩٤ 

٨- عدم الخلوة بالرجال أو الاختلاط بهم :

فتحريم الخلوة بالرجال في حديث :

 لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .

رواه الترمذي (١١٧١) وصححه الألباني.

وتحريم الاختلاط بالرجال إلا لضرورة والضرورة تقدر بقدرها  في حديث:

 سمع أسيد بن حضير  رسول الله وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق وهو يقول للنساء: 

استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق .

رواه أبوداود (٥٢٧٢) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٩٢٩).

فقد نهاهن رسول الله عن السير وسط الطريق حتى لا يختلطن بالرجال.

٩- عدم الخضوع بالقول إذا تحدثن مع الرجال:

لقوله تعالى:

 فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض 

 الأحزاب ٣٢ 

ففي الآية نهى عن الخضوع بالقول بالكلام اللين وينبغي أن يكون الكلام مع الرجال مختصرا على قدر الحاجة- جادا مفيدا- بعيدا عن الإغراء والتكسر والإثارة- مع غض البصر .

وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .

 النور ٣١

١٠- الاعتدال في المشية عند سيرها للعمل:

قال تعالى:

ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى 

الأحزاب ٣٣ 

قال قتادة : 

كانت لهن مشية وتكسر وتغنج فنهى الله تعالى عن ذلك.

١١- ألا تسافر للعمل خارج البلاد إلا مع محرم:

لحديث:

 ﻻ ﺗﺴﺎﻓﺮ اﻟﻤﺮﺃﺓ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺫﻱ ﻣﺤﺮﻡ ﻭﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﺟﻞ ﺇﻻ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﻣﺤﺮﻡ . 

رواه أحمد والبخاري ومسلم.

🌲مسألة :

حكم مبيت المرأة (طبيبة- ممرضة) العاملة في المستشفى وهو ما يسمى بالخدمة الليلية أو النوباتجية.

🌴الجواب :

يجوز مبيت المرأة( الطبيبة أوالممرضة) في المستشفى بشرط وجود حاجة ملحة لمبيتها كأن يوجد مرضى يلزمهم خدمة ورعاية صحية فمبيتها ضرورة.

وإذا زالت تلك الحاجة زال الحكم بالضرورة طبقا للقاعدة الفقهية :

 ما أحل لضرورة أو حاجة يقدر بقدره .

 الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٤ ومثله لابن نجيم ص٨٦ .





Share To: