( هي ماجدة ابنة أحد شيوخ القرى المجاورة تزوجت بصورة سريعة وعادت في اليوم الثاني لأنها رفضت أن يمسها عريسها وقالت له بالحرف الواحد لا أريدك زوجا لي وعندما ضغط عليها طالبا معرفة سبب رفضها له وعما إذا كانت على علاقة برجل آخر هزت رأسها بالإيجاب واعترفت بكل شيء جرت تصفيتها على أيدي أهلها فهم أسرة لها سطوة ونفوذ على جميع القرى المجاورة . اعترفت بأسم حبيبها بعد أن وعدوها بالزواج وبينما كان يمشي مبتعدا حالما بالحب مرددا أبيات شعر من الحب هائما في أحلامه أقتنصته رصاصة صوب رأسه وسقط على أثرها على الفور وهرب الجاني )
كل شيء مباح عند العرب النهب والسلب والحرب إلا الحب وهذا ما أظهرته الروائية رسمية في روايتها كاهنات معبد أور فكثيرات من ذهبن ضحية للحب ... وفعلا فلقد فتحت الروائية دفترا بأسماء العاشقات الشهيدات وكانت تلك الفتاة السومرية برأسها المقطوع أول الشهيدات. 
الروائية غلب على روايتها طابع الوصف وقد يعود ذلك لأنها شاعرة تكتب الشعر ولديها خيال محلق بعيدا قالت تصف أحد الليالي ( كانت ليلة صافية انهمر فيها ضياء القمر على البيت الغارق في السكون وكان الهواء باردا عليلا رغم انها ليلة من ليالي الصيف لا أثر فيها لصوت سوى تخاطف العجلات عن بعد وصوت وشوشة الماء في النهر القريب )
لاحظ الوصف الشاعري وزج الصور وكأنها ترسم بريشة فنان ذلك القمر حينما يطل على البيت وذلك الماء في النهر ، ومما لا شك فيه بأنها استطاعت توظيف الأمكنة مع التسلسل الزمني للرواية فالزمان والمكان عنصران أساسيان في عملية الروي وقد ظهر ذلك واضحا من خلال تأثرها بالنهر وما جرت فيه من أحداث مؤلمة وتلك عملية سردية وظفتها بطريقة جميلة .
وردت في الرواية عدة قصص للحب والغرام ومنها قصة نهلة التي انتصرت وتزوجت ممن تحب وقد أثبتت نهلة بأن الحب أقوى من الجميع ومن كل الأعراف والتقاليد .
جسدت الروائية الولاء الحقيقي للوطن من خلال وظيفتها كمعلمة في إحدى المدارس ورفضها القاطع للانضمام للحزب الحاكم حينئذاك وهو حزب البعث وعلى أثرها تم استدعائها لمديرية الأمن في محافظة الناصرية وقد نقلت الروائية واقعا مرا وصعبا وحقيقيا وفترة من الزمن كانت من أصعب الفترات .
ومن خلال المجريات والأحداث التي روتها فقد
أسهبت في روي ما مر بها وتعددت شخصيات الرواية وكل له قصته وما مر به إلى أن وصلت لعام ٢٠٠٣ لتصف سقوط السلطة بركلة قدم أمريكية واحدة. 
إن رواية كاهنات معبد أور رواية لسيرة ذاتية استطاعت الروائية من خلالها نقل أحداث طفولتها وما مرت به لطوال تلك السنوات منذ نشأتها ولحين ذهابها لبغداد متخدة من نهر الغراف مصدرا رئيسا للرواية فقد جسدت من خلاله الأحداث والمجريات المؤلمة وغير المؤلمة وبالتالي يمكننا القول أن ما لديها من مخزون لذاكرة  ممتلئة بالأحداث استطاعت أن تسردها  بهذه الرواية لأن الرواية من صلب الواقع وقد نجحت في تجسيد معاناة المرأة الريفية وما تمر به من مآسي بظل العرف والتقليد العشائري السائد في وقته .
وبهذا نستطيع أن نطلق عليها تلك الروائية المؤرخة لأنها ذكرت الأحداث المهمة في تلك المدينة بل عبرت إلى أحداث العراق المهمة كالإنتفاضة الشعبانية وما جرى فيها من قصص مروعة كسجن الرضوانية والإعتقالات والقتل وما شابه ذلك من وقائع مؤلمة .
وعلى هذا الأساس تكون الرواية من صلب الواقع والشخصيات التي ذكرت واقعية أيضا وعليه نستطيع أن نطلق عليها تلك الروائية بأنها الصحفية والإعلامية التي زودتنا بأخبار من مرت بهم موظفة ذلك من خلال التناسق الزمنكائي .
إن عملية السرد عند رسمية لم تكن غامضة على الإطلاق وأرى أن التسلسل الزمني في الرواية كان قريبا من التماسك بين الفصول وكنت أرجو أن تبتعد عن سرد الحدث لنهايته وتنتقل لآخر ثم تعود للحدث الأول لكي تشد المتلقي أكثر لمعرفة النهايات في عملية السرد ولا نجزم في جميع أجزاء الرواية فعلت ذلك ولكن في البعض منها وربما لخزين الذاكرة وتعدد الشخصيات الأثر الواضح في ذلك فالكمية الهائلة من الوقائع أتعبت الروائية كثيرا لأن الروائية تعبر عن حياتها وسيرتها الذاتية بدقة وبأدق التفاصيل وخاصة حينما جسدت حالها مع أبيها وكيف يصيد السمك وكيف يعود ويذهب وما شابه ذلك من تفاصيل في أيام طفولتها وما مرت به .
كان سيد جواد المعلم الذي كان معها في أحد المدارس من  شخصيات الرواية التي ذكرتها وكان له تأثير كبير عليها لأنه ذلك الفنان الصانع للجمال رغم ملابسه الرثة التي يسخر منها الكثيرون ممن يقيسون على الشكل ويتركون الباطن وقد ذكرته بقصيدة حينما دخلت المدرسة ورأت الجمال الذي صنعه بفرشاته :
هذي مدرسة أم متحف 
لا أحد يعرف عنك 
سوى فقرك وشحوبك 
والجسد الضامر
وتألق روحك
هل مر هنا ليوناردو دافنشي 
أم بيكاسو 
أنت غرست الفرشاة على الرمل 
وآخيت الألوان.
أستطاعت الروائية تجسيد حالة الشعر النسوي حينما دخلت لمنتدى ثقافي يضج بالأدباء وأدركت حينها بأن الشعر عندهم يأتي بالمرتبة الثانية فهم يعيشون بدوامة صخب يختلط فيه الحابل بالنابل فالوجود يحقق لهم كل شيء سوى أن يكونوا شعراء ، وهذا هو الواقع المرير .
في نهاية الرواية تركت الروائية الرواية مفتوحة وهو أمر جميل يحسب لها من رؤيتنا ونؤكد على أن طابع الوصف الشاعري تسيد أكثر فصول الرواية وليس معنى الطابع الشاعري الشاعرية كما يتصور الآخرون ولكننا نقصد هنا توافق الروائي في عملية السرد بطريقة شاعرية تتناغم مع الحدث التي ترويه وفعلا نجحت في ذلك بنت محيبس وفقا للحدث وكما أرادت.
إن الدهشة والخيال من أهم مقومات الروائي الناجح وزج القصص فيها يلعب دورا فاعلا في الرواية لأن المتلقي يبحث عن القصة وما فيها من أحداث وبهذا تكون القصص المحتوى الأساسي في عملية السرد وكل هذا من خلال اللغة البعيدة عن الضبابية فاللغة هي السلاح الفتاك لكافة الأجناس الأدبية ونحن نشيد بلغة محيبس في هذه الرواية لأنها كانت سهلة ممتعة بل وشفافة ولكننا بذات الوقت ندعوها إلى العمق الخيالي السردي وليس الشعري لأننا لمسنا الخيال في الشعر الذي ورد في الرواية وليس في عملية السرد رغم أننا لا ننكر توافق ماورد من شعر مع الحدث وبهذا يبقى الخلاف قائما أيهما أجدر الروائي فحسب أم الروائي الشاعر ونحن مع الروائي الشاعر وليس مع الروائي فحسب إذا ما وظف ذلك بطريقة ناجحة .
طبعت الرواية في مطبعة الرسوم للصحافة والنشر والتوزيع _ بغداد لعام ٢٠١٥ ووقعت في ٢٠٢ صفحة .
مبارك وإلى مزيد من التألق.






Share To: