في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :

 قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 
مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟
 فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 

فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ .
 
متفق عليه

وفي هذا الحديث العظيم فوائد وعبر نستخرج بعضًا منها  :

🌲أرسل الله رسوله موسى -عليه السلام- إلى فرعون بعد ما طغى وتجبر وادعى الألوهية فقال:
 ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ 
(القصص: 38)

بل وادعى الربوبية فقال:

 ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾ 
(النازعات: 24)

فدعاه موسى عليه السلام فقال: 

﴿ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴾ 

النازعات: 18-19

وأراه موسى عليه السلام المعجزات الباهرات من تحول العصا إلى حية عظيمة وإدخال اليد في الجيب تخرج بيضاء من غير سوء ، وغير ذلك من الآيات .

ولكن ظل فرعون على كفره وعناده وتجبره، بل وأعد العدة لإخراج موسى وبني إسرائيل من مصر فحدث ما حدث وأغرق الله فرعون وقومه وأنجى موسى وقومه  .

فصام موسى عليه السلام هذا اليوم شكرًا لله تعالى وهذا يدل على أن شكر الله -سبحانه وتعالى يكون بطاعته .

 قال الله عز وجل :

 ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ 

سبأ: 13

 وها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه أي تتشقق من طول القيام ، فتسأله أمنا عائشة رضي الله عنها :

 لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ 

قَالَ: أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا .

متفق عليه 

 فدل هذا على أن الشكر يكون بالعمل.

🌲هلاك الطواغيت نعمة ومنة عظيمة من الله تبارك وتعالى تحتاج إلى شكر فهلا شكرنا ربنا سبحانه وتعالى أن أزاح عنا هذا النظام الغاشم فطبقنا شرع الله تعالى اقتداءً بموسى -عليه السلام عندما صام يوم عاشوراء شكرًا لله عز وجل على أن أهلك فرعون قومه وأنجى موسى عليه السلام وقومه.

🌲فيه دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأتِ شرعنا بخلافه.

🌲أن الله شرع لأهل الكتاب قبلنا الصيام كما شرعه لنا .
 قال الله -تعالى : 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾  البقرة: 183 

🌲فيه أن المسلمين أولى الناس بالأنبياء وذلك لأن هؤلاء اليهود والنصارى حرفوا العقائد والشرائع التي جاء بها الأنبياء من عند الله عز وجل .
 بل وخالفوا أنبياءهم وعادوهم فكان المسلمون أولى بموسى من اليهود وأولى بعيسى من النصارى.

🌲فيه تأكيد على عقيدة الولاء والبراء ، فنحن نحب موسى وقومه وإن كانوا غير مصريين ونفرح بنجاتهم لإيمانهم بالله ، ونبغض فرعون وقومه لكفرهم بالله وإن كانوا مصريين.

🌲فيه أيضًا مخالفة أهل الكتاب فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قيل له :

 إن اليهود تصوم هذا اليوم وتعظمه خالفهم .

 فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: 

"حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا : 

يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 

فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ .

 قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

رواه مسلم 

🌲وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على صيام ذلك اليوم عاشوراء وبيَّن أن فيه أجرًا عظيمًا لمن صامه.

 فقال صلى الله عليه وسلم : 

صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ .

رواه مسلم .







Share To: