حين سقطت علي رأسها تلك الورقة الذابلة أدركت أنها لم تكن نائمة حالمة كما كانت تتخيل و لكنها عادت إلي أرض الواقع بعد شرود وتفكير عميق أعادها إلى رشدها بعد أن كادت تفقد صوابها بسبب كثرة الضغط من قِبل كل المحيطين بها ، فلم تُخْلَق الفتيات لأجل تلك المهمة فقط فعليهن تحقيق ولو جزء بسيط من أحلامهن قبل تكريس حياتهن و إفنائها في سبيل إرضاء غيرها و تحقيق متطلباته مضحيات بكل أحلامهن و طموحاتهن ، فلكل امرأة أيضاً متطلبات و طموح و أهداف و أحلام و غيرها من الأمور فلا تقتصر حياتها علي إسعاد غيرها و تلبية حاجاته دون النظر لحاجاتها المتعددة المتنوعة التي كادت تُطْمَس بفضل عدم الالتفات لها ولو بالقدر البسيط فيكفي استهانة بحقوق المرأة لكونها كائناً ضعيفاً مسلوب الإرادة فلقد تغيرت تلك الفكرة تماماً لدرجة أن معظم السيدات صرنا يتسمن بصفات العنف و القسوة التي لم نعتد عليها مسبقاً حتي يتمكَّن من استرداد بعض من حقوقهن التي سُلِبت عنوة عن إرادتهن لرغبة المجتمع في حصر دورهن في مهام معينة رغم قدرتهن علي تقديم المزيد منها في آن واحد غير مكترث بكيان المرأة أو رغبتها في تحقيق ذاتها والوصول إلي الأهداف الخاصة بها التي يملكها أي امرئ أياً كان نوعه ذكراً أم أنثى فلا تفرقة بين البشر فيما يخص تلك الشئون ، فالحياة بلا أهداف لا قيمة لها كما نعلم ذلك ، فلنترك كل امرأة تنعم بالحياة بالطريقة و الشكل الذي ترضاه غير فارضين عليها أي أمور لا ترغب بها في وقت بعينه وبخاصة الزواج فهو أمر لازم لاستمرار حياة أي شخص فلابد أن يكون مبنياً علي قناعة و رغبة فيه منذ بداية الأمر حتي لا يصبح كأمر إلزامي مفروض عليها القيام به مع عدم وجود توافق مع الطرف الآخر فتتحول الحياة إلي جحيم أبدي دائم لا تتمكن من الخلاص منه طيلة حياتها ، فلنترك حرية الاختيار لكل فتاة حتي لا تظل تعاني وتكابد طوال حياتها بسبب أمور لا ترغبها أو أُجْبِرت علي القيام بها في وقت غير مناسب سابق لأوان ذلك الحدث المُبجَّل ولم تكن علي أهبة الاستعداد لها ، فالاستعداد النفسي هو الأساس الذي تُبْنَي عليه علاقة كهذه بعد القبول المتعارف عليه بين الطرفين والذي إن خَلتْ منه سوف تُهْدَم و تنهار لا محالة ولا لوم سوي علي المحيطين بها ، فلنفكر بروية قبل تحكيم الرأي و فرض تلك الأمور المصيرية علي فتيات لم يبلغن سن الرشد أو الوعي الكافي و النضج للتصرف في كافة أمور الحياة الصعبة العسيرة في بعض الأوقات والتي تحتاج لمزيد من الحكمة و الحذر و الاحتياط بنفس الوقت من العواقب الوخيمة التي قد تلحق بها إن لم تفكر جيداً قبل الإقدام عليها ، فالنفس هبة من الله وعليك الحفاظ عليها والتفكر الجيد قبل إلقائها في التهلكة فأنت مُخيَّر وليس هناك أي أمور مُجبر عليها ولن يقدر أي شخص علي إلزامك بالقيام بشئ إن كان قرارك نابعاً من داخلك مبنياً علي اقتناعك التام به ...






Share To: