حديث الجمعة
          القدوة الحسنة:10
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن القدوة الحسنة فى الحكمة من تعدد زواج النبى صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش
واليوم بإذن الله عز وجل أحدثك عن زواجه صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين أم سَلمةَ رضى الله عنها راجياً من الله الوهاب أن يُلهمنى الحكمةَ وإيضاح الخطاب لعل مقولتى ينتفع بها كل من قرأها وبذكر سيرتها تعطرَ مجلسه ُ وطاب مقتدياً بما جاء في القرآن بخير خطاب  ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا ۝٢١ الأحزاب 
أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها 
هى أم سلمة بنت أبى أّمية بن المغيرة المخزومية واسمها هند زَوجهُ إياها إبنها سلمة بن أبى سلمة وكانت قبلهُ تحت عبد الله بن عبد الأسد وولدت له سلمة وعمرو  وزينب ورُقية وأصدقها الرسول صلى الله عليه وسلم بعض المتاع . وكانت مع زوجها من أول المهاجرين إلى الحبشة ومات عنها أبو سلمة سنة ثلاث من الهجرة وقيل سنة أربع وهو الأرجح وكانت أم سلمة سمعت من النبى صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلمٍ تصيبه مصيبة فيقول اللهم أُؤجرنى فى مصيبتى وأخلُفنى خيراً إلا أخلف الله له خيراً منها قالت فلما مات أبو سلمة قلتُ أى الملسمين خيرٌ من أبى سلمة ثم إنى قلتُها فأخلف الله علَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسل إلى حاطب بن أبى بلتعة يخطبنى له وقلت بعد ذلك صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم 
وفى روايةٍ فخطبها أبو بكر فأبت وخطبها عمر فأبت ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت فمرحباً برسول الله إن فىَّ خلالاً ثلاثاً . أنا إمرأة ٌ شديدة الغيرة ،وأنا إمرأة مصبية(ذات صبية ) وأنا إمرأة ٌليس أى ها هنا من أوليائى فيزوجنى فغضب عمرُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد مما غضب لنفسه حين ردته 
فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما ما ذكرتِ من غيرتك فإنى أدعو الله أن  يُذهبها عنكِ وأما ما ذكرتِ من صِبيتك فإن الله سيكفيهيم وأما ما ذكرتِ من أوليائك فليس منهم  من يكرهنى فقالت لإبنها زَوج أمك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه . ذكره صاحب المواهب وخرَّج أحمد والنسائي طرفاً منه ومعناه فى الصحيح
وكان زواج النبى لها لليالٍ بقين من شوال من العام الذى مات فيه أبو سلمة وكانت رضى الله عنها من أجمل الناس وتوفيت سنة ٥٩ه‍ وصلى عليها أبو هريرة ودُفنت بالبقيع
من جوانب الإقتداء والأسوةُ الحسنة من زواجه صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضى الله عنها
١-الصداق الذى أصدقه النبى صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين السيدة أم سلمة وهو المتاع وفيه أحقية الصداق للمرأة وجواز إعطاء الصداق  للمرأة من غير الحُلى وقد سبق فى شريعة موسى عليه السلام جواز ذلك قال تعالى ﴿قَالَ إِنِّیۤ أُرِیدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَیَّ هَـٰتَیۡنِ عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرࣰا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَیۡكَۚ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝٢٧ قَالَ ذَ ٰ⁠لِكَ بَیۡنِی وَبَیۡنَكَۖ أَیَّمَا ٱلۡأَجَلَیۡنِ قَضَیۡتُ فَلَا عُدۡوَ ٰ⁠نَ عَلَیَّۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِیلࣱ ۝٢٨﴾ [القصص ٢٧-٢٨]
٢-الإقتداء بهدى النبى صلى الله عليه وسلم حيث رُزقت السيدة أم سلمة رضى الله عنها بزواجها من النبى صلى الله عليه وسلم لما إلتزمت بهديه فى قوله ما من مسلمٍ تصيبه مصيبة فيقول اللهم أُؤجرنى فى مصيبتى وأخلُفنى خيراً إلا أخلف الله له خيراً منها
٣-إظهار ما عند الزوج والزوجة من محاسن وغيرها وكيف قالت أم سلمة أنا إمرأة ٌ شديدة الغيرة ،وأنا إمرأة مصبية(ذات صبية ) وأنا إمرأة ٌليس أى ها هنا من أوليائى فيزوجنى وإيضاح الأمور فى بداية الحياة الزوجية 
٤-علاج مايمكن علاجه من الطرفين وتذليل العقبات وتحمل كل طرف تجاه الأخر مايمكن تحمله وقول النبى صلى الله عليه وسلم ما ذكرتِ من غيرتك فإنى أدعو الله أن  يُذهبها عنكِ وأما ما ذكرتِ من صِبيتك فإن الله سيكفيهيم وأما ما ذكرتِ من أوليائك فليس منهم  من يكرهنى فقالت لإبنها زَوج أمك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه
٥-فيه جواز أن يزوج الرجل أُمه ويكون ولياً لها خاصةً إن كان الزواج مشرفاً كما تشرف سلمةُبزواج أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهيب بكل إبن يرى لأمه المصلحة فى زواجها  إن قدر الله موت أبيه أو طلاق أمه أن لا يقف أمام سعادتها وراحتها بحُجة العيب والعار ولا عيب على المخلوق إلا فى البعد عن منهج الخالق  
٦-جواز إختيار الأفضل عند وجود الفاضل يتجلى ذلك فى سلوك السيدة أم سلمة لرد أبى بكرٍ وعمر رضى الله عنهما وقبول الزواج من النبى صلى الله عليه وسلم فى روايةٍ فخطبها أبو بكر فأبت وخطبها عمر فأبت ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت فمرحباً برسول الله 
٧/إحترام السيدة أم سلمة لزوجها وأنها لم تكن ترى أخير منه مع كامل إحترامنا وإحترامها لسيدنا أبى بكر وعمر لكن لما أرسل إليها سيد الخلق كان القبول تحقيق إيمان قبل أن يكون رغبة فى الزواج
والحكمة فى زواجه عليه السلام منها أنها كانت من المهاجرات الأؤل إلى الحبشة والمدينة فكافأها النبى صلى الله عليه وسلم وواساها بعد فقدها زوجها ورعايته لصبيتها وتهوين الأمر عليها لغيرتها وكونها مُسنة 
وفى هذا أكبر دليل للرد على المتنطعين والمغاليين فى الدين وإتهاهمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه عدَّدَ من النساء لغرض التعدد 
وإن كان فى الأجل بقية فالحديث موصول فى الجمعة القادمة مع أمٍ من أمهات المؤمنين وإن كانت الأخرى فأسأل الله أن يجمعنى وإياكم بهن فى رحمة رب العالمين. 







Share To: