أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن القدوة الحسنة فى الإقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى الحكمة من تعدد الزوجات وحدثتك عن الحكمة من زواجه من أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث واليوم بإذن الله عز وجل أحدثك عن الحكمة من زواجه من أم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي بن أخطب، 
راجياً من الله العفو الغفور أن يجعل فى المقدور أن تصلك رسالتى وأنت فى غاية السرور وأن تنال من الله القبول وأن يرزقنى وإياك العمل المبرور مقتدياً بما جاء في المنزل على سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم. 
﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ لِّمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلۡیَوۡمَ ٱلۡـَٔاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا ۝٢١ الأحزاب
زواجه صلى الله عليه وسلم منها سنة سبعٍ هجرية. 
قال ابن إسحاق ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص (حِصن بنى أبى الحُقيق) أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي وألقى عليها ردائه فعُرف أنه قد إصطفاها لنفسه ليوافق هذا الإصطفاء ما كان بها من نقاء، حين رأت فى منامها وهى عروس بكنانة بن الربيع بن أبى الحُقيق أن قمراً وقع فى حجرها . فعرضت رؤياها على زوجها فقال ما هذا إلا أنكِ تتمنين ملك الحجاز محمداً ،فلطم وجهها لطمةً خَضَّرَ عينها فيها ،فأتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها أثرٌ منه فسألها ماهو فأخبرته هذا الخبر ( ذكره ابن هشام وابن كثير فى السِيَر )
قال بن الأثير فى الكامل ج٢ ص٢١٠وكانت قبله تحت سلام ابن مشكم فتوفى عنها وخلف عليها كنانة بن الربيع بن أبى الحُقيق فقتله محمد بن مسلمه بأمر النبى صلى الله عليه وسلم لعِلةٍ شرعية تستوجب قتله. 
روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال صلى النبى صلى الله عليه وسلم الصبح قريباً من خيبر  بِفَلَس ثم قال ضُربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذَرين فخرجوا يسعون فى السكك فقتل النبى صلى الله عليه وسلم من قتل وسبى الذرية وكان فى السَبى صفية فصارت إلى دحية الكلبى ثم صارت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فجعل عتقُها صداقها 
وقد خي(خيَّرها رسول صلى الله عليه وسلم قبل زواجه منها بين أن تعتنق الإسلام وتكون زوجة له أو تبقى على دينها وتلحق بقومها فقالت يارسول الله قد هويت الإسلام وصدقتُ بك قبل أن تدعونى وقد إخترت الله ورسوله
قالت وما كان أبغض إلىَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل أبى وزوجى فما زال يعتذر إلىَّ وقال يا صفية إن أباكِ ألَّب علىَّ العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسى
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعاملها بما يحببها فى حسن الإختيار لله ورسوله
ولما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلغنى أن عائشة وحفصة تقولان نحن خيرٌ من صفية نحن بنات عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه فقال ألا قلتِ وكيف تكونان خيرا منى؟وزوجى محمد وأبى هارون وعمى موسى
من جوانب القدوة الحسنة فى زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة صفية 
١-الرؤية الصادقة أملٌ محقق يتجلى ذلك واضحاً فى رؤيا السيدة صفية حين رأت فى منامها وهى عروس بكنانة بن الربيع بن أبى الحُقيق أن قمراً وقع فى حجرها . فعرضت رؤياها على زوجها فقال ما هذا إلا أنكِ تتمنين ملك الحجاز محمداً ،فلطم وجهها لطمةً خَضَّرَ عينها فيها ،فأتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها أثرٌ منه فسألها ماهو فأخبرته هذا الخبر وقد تحققت الرؤية بعد وفاة زوجها وتمتعت بهذا القمر صلى الله عليه وسلم 
وفيه أن الرؤية تتحقق ولو بعد سنين قال تعالى حكايةً عن يوسف عليه السلام   وَرَفَعَ أَبَوَیۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّوا۟ لَهُۥ سُجَّدࣰاۖ وَقَالَ یَـٰۤأَبَتِ هَـٰذَا تَأۡوِیلُ رُءۡیَـٰیَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّی حَقࣰّاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِیۤ إِذۡ أَخۡرَجَنِی مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَاۤءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بَیۡنِی وَبَیۡنَ إِخۡوَتِیۤۚ إِنَّ رَبِّی لَطِیفࣱ لِّمَا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡحَكِیمُ ۝١٠٠﴾ [يوسف١٠٠] وأنبه على الفرق بين الرؤى والأحلام وأضغاث الأحلام ليتعلم كل مسلمٍ الفرق بين الرؤى والأحلام.وأن الرؤية الصادقة جزء من ستٍ وأربعين من النبوة تُرى للعبد أويراها وأن الأحلام منها ماهو حديثُ نفس أو عارضٍ من الشيطان أو غير ذلك  وأن أضغاث الأحلام هى نوعٌ من الأحلام الشيطانية أو نتيجةً لإمتلاء المعدة والبُعد عن ذكر الله عز وجل 
ليتعلم المسلمون الثقة فى الله عز وجل وعدم إستعجال الخير وأن ماقَدَّره الله آتٍ بقدر الله 
٢-قد يُقدَّر لرجلٍ أو إمرأة الزواج من شقىٍ أو شقية ثم يُقدر الله عز وجل إنتهاء الحياة الزوجية بموتٍ أو طلاق فلا ييأس العبد ولينتظر رحمة الله يتمثل ذلك بعد موت زوج السيدة صفية تزوجت من أشرف خلق الله 
٣-نظرة الإحترام والتقدير من أشرف الخلق وحبيب الحق إلى من قصت عليه رؤياها الحق وحين قدَّر الحق زواجه منها تزوجها بشرع الله الحق وتعامل معها معاملة حسنة جعلتها تدعُ قومها لدين الإسلام
٤-الصداق الذى أصدقه النبى صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي كان عتقُها  ليدلل على أن الصداق للزوجة عند الله بمكان وأنه لاتفريط فيه وأنه حقٌ لازم  قَلَ ذلك أو كثُر قال تعالى ﴿وَءَاتُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ صَدُقَـٰتِهِنَّ نِحۡلَةࣰۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَیۡءࣲ مِّنۡهُ نَفۡسࣰا فَكُلُوهُ هَنِیۤـࣰٔا مَّرِیۤـࣰٔا﴾ [النساء ٤] 
٥/حسن الأدب والمواجهة مع المعاتبين والإيجاز غير المخل وعدم الإطناب فيما لا فائدة فيه ويجرح شعور الآخر يتجلى ذلك فى قول النبى صلى الله عليه وسلم لأمنا صفية إن أباكِ فعل كذا وكذا دون ذكر كل المساوئ
٦/ضرورة العدل بين القوم المتساويين فى العمل الواحد يتجلى ذلك فى تبديل السيدة صفية من دحية الكلبى لإنه لم يتميز عن بقية المجاهدين وكانت هى تمتاز عن بقية السبى بأنها بنت سيد قومها ومن ناحية أخرى قد تتعالى عليه فكان سلبها منه تحقيقا للعدالة ومن ناحية أخرى غاية الإحترام لمشاعرها ومشاعره
الحكمة من زواجه صلى الله عليه وسلم منه






Share To: