تهوى اللعب ، شقاوتها ممتزجة بنهر ذكاء عميق .
تمسك بيدها دوما أقلاما .
أطفأت منذ ثلاثة أعوام شمعتها السادسة .
تجلس بين مجلاتها و الألعاب مرتدية نظارة والدها القديمة .
يدخل الدكتور حجازي حجرتها ، ترنو إليه ، تحتضن ركبتيه فيرفعها ، يقبلها ثم يعيدها ، يسألها مقلدا صوت (طمطم ) بطلة المسلسل الرمضاني الشهيرة و شخصيتها المفضلة .
_ ماذا قرأت اليوم؟
_ قرأت من هذا صفحة و من هذا اثنتين و هذا كله .
ترتب مجلات ماجد و سمير بيدها الرقيقة بعد أن أطلعته عليها ثم تشير إلى وجنتها و تقول بدلال
_ فين السكر بتاعي؟ .
يقبلها والدها ، يضمها لصدره ، تلاحظ أن كتابا يشارك والدها ضمتها ، تسأله عن اسمه ، يجيب :
_أرض النفاق
_ يعنى أيه ؟ .
يمد يده بالكتاب ، يطلب منها أن تقرأه و تنتهي منه أولا ثم يجيبا معا على كل الأسئلة .
يتركها وحدها ،تنفرج أساريرها ، لأول مرة ستقرأ كتابا ، سألت والدها مرارا أن يمنحها أحد كتبه لكنه كان يؤجل الأمر و لا يقدم تفسيرا لذلك .
تتعثر فى كلمات عدة ، تكمل باحثة عن الإجابات ، تخشى أن تخفق فيحزن أبوها .
ترتشف لمياء رشفة من فنجان قهوتها و هي تتفقد أحداث اليوم و فواجع العالم على شاشة محمولها ، تعيد الفنجان لمكانه فوق منضدة تعلوها رواية نقش على غلافها الأسود باللون الأبيض(وهم اليوتوبيا) بقلم لمياء حجازي .
تستحضر دفء قبلته بينما تناجي نفسها : الآن يا أبى فهمت ، أجابت الأيام عن بعض أسئلتي لكن بمنتهى القسوة ..
الطفلة ذات الأعوام التسعة نضجت و الدنيا منحتها عشرين درسًا فوق التسعة .
أشتاقك أبي ، تباغتها دمعة ، تلقي بجهازها المحمول على الأريكة و تغادر.
Post A Comment: