طريق مظلم ليس فيه ذرة ضوء، نهايته غير مرئية تسير وكأنك معلق في الهواء، لا ترى حتى أصابعك أمامك، لا تدري أين تريد الذهاب؟
فقط تسير نحو اللا مكان لا تدري ماذا تريد، وما يزيد الطين بِله ذلك الظلام داخلي، لا أدري ماذا أكون وماذا أريد أن أكون، هل أريد أن أصبح طبيباً أم مهندس؟
هل أحب الكتب أم الأفلام؟
هل أنا إجتماعي أم منعزل؟
أشياء بسيطة أجهلها عن نفسي، تجعلني لا أعرف أي شيء ولا أطيق معرفة شيء، حتى جاءت هي تجر معها نظرتها المليئة بالغيرة، صوتها حين تتحدث وكأن شيئاً يقف في حلقهاً لا تستطيع البوح به ولا كتمانه، هي أشبه بأول نجمة تظهر  في السماء عند الغروب وأخر واحدة تختفي عند الشروق، صوتها الشجي مقطوعة موسيقية يجعلك تميل طرباً مع كل حرف تنطقه.
جاءت من آخر الطريق تشد بيدي نحوها، حاولت سحبي من ذلك الظلام فرفضت أنا الذهاب معها، فأضاءت الظلام حولي بنورها، صنعت من اللا مكان قصراً في غاية الجمال تربعت هي في عرشه، دعتني للقدوم ولكن إمتنعتُ قائلاً : "لا أريد القدوم فأنا في نهاية المطاف أحب العزلة، أحب السير وحيداً في الظلام وبين الطرقات الفارغة، يأسرني هدوء الليل وسواده، تزعجني الأضواء الكثيرة." 
ردت علي قائلة: "لماذا تبدو تائهاً إذن؟ 
ولماذا تبدوا عليك تعابير الحزن، ألست تتمنى أن تكون كالبقية؟ 
ها أنا ذي أحقق لك كل ما تريد فلما لا زلت مصراً على المكوث في الظلام؟ "
أنتِ حقاً لا تعرفين شيئاً ولا أنا حتى، أجهل من أكون وماذا أريد فكيف أخبرك بشيء لا أملك له إجابة حتى؟ 
ليس لي لون مفضل أو طعام مفضل، أنا فقط أحاول التميز عن الجميع، فبماذا أُجيبك أظن أنني سأكتفي بجملة "أنا لا أعرف؟ "
ربما هي تعرف لأنها أجابتني قائلة: "أنا هنا من أجلك، إن كنت تريد البقاء هنا سنبقى سوياً، وإن أردت الرحيل سنرحل سوياً، لن أدعك تسير وحدك، لا تظن بأن لا أحد يقف معك، فأنا معك ولك أتورد."
هي عرفت عني أشياء لم أعرفها عني، وكأنها حقاً تؤم روحي وتكملتها، هي الحقيقة الوحيدة في حياتي التي أؤمن بها، أحفظها عن ظهر قلب رغم ذاكرتي الضعيفة، أنتبه لِأدق تفاصيلها من حبها الغريب لتجارة العملة و حلمها بالدراسة في كندا، هي تظن أنني لا أعلم عنها شيئاً ولكن الحقيقة لا أعرف شيئاً سواها.







Share To: