أهملها .. فأنذرته ..
أبعدها ... فأعلنتاه ..
تغاضى عنها .. لربها تضرعت و اشتكته ..!!
كم من ظالم ظلم نفسا ..
كم من باغ محق روحا ..
وكم من غافل جنى فقتل الود وسمم العيش وقضى على الحياة ذبحا ..!!
وكم من أمرأة تعسفت ..
وكم من زوجة تنصلت ..
وكم منهن وعدن فأخلفن ونسين ماوعدن به !!
أيها الغافل .. أيتها الغافلة..!!
ماذا جنيتم وماذا حصدتم بعدما بذرتم بذور الشقاء في ممر الحياة ، وجعلتم من نور الشمس المنسدل شعاعه على الكون بهجة وضياء أشعة من نار تخترق ناظريكما فتطمس نور البصر والبصيرة لتحول النور إلى ظلام .. والغفران إلى كفران .. والشكران إلى نكران .. فتخفي معالم الحقيقة أمامكما ليعتليها ديجور الغفلة والبهتان .
عندما أخذ الله منكما ميثاقا غليظا وعهدا وثيقا بالتكافل والتعاهد والاحتواء ليجعل منكما زوجين صالحين - ألم تتيقنا ساعتها معنى ذلك الميثاق بما يحتويه من إقرار بمقتضاه يبرم ميثاق الحب والوفاء والإخلاص وتقوما بتحمل المسؤلية وحسن العشرة وجميل الاحتواء .. كلا منكما للآخر
،لماذا تغاضيتم عن الحقوق وأداء الواجبات وقد أفضى بعضكم إلى بعض..؟!!
لماذا فسختم ما أبرمتموه من عهود وعقود وضربتما بها عرض الحائط وألقيتم بها في سلة المهملات على أول الطريق دون الإلتفات لما في تبعها من سلبيات قد تودي بثمار سنينكم وزهور بساتينكم وتطوح بمشاعر وأحاسيس فلذات أكبادكم الأبرياء ،
لماذا يا آدم تؤلم حواء وتكسرها ..؟!!
ألم يقل ربك جل في علاه :
"خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا"_ ظاهر هذه الآية أن حواء خُلقت من آدم ،فهي جزء منه وهو الذي يحتويها فلماذا يؤلمها ويهملها ويكسرها وهي مخلوقة منه ..؟!!
فَلَكي نبني بيتا جميلا وعشا سعيدا لابد من فن التعامل في الحياة الزوجية حتى تصير الحياة كما ينبغي أن تكون ،فقد قال جلا وعلا :
بسم الله الرحمن الرحيم
''يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " .
فإن الإسلام حث على الزواج ورغب فيه ووضح حِكَمَـهُ وأحكامه وما فيه من ثمرات وفضائل ، والزواج سنة إلهية وحاجة فطرية تهفو إليها الفطرة السليمة والأخلاق السوية.
ولذلك أجمع العارفون والمجربون على أن الزواج الذي هو جزء من الحياة لا يمكن أن يكون هناءً مطلقاً ولا تعاسة مطلقة فهو كغيره من الأمور يعتريه الاضطراب والفتور والمشاكل ..
ولكي نتخطى كل المشاكل أو نقلل منها لابد من معرفة ما هي المهارات النفسية لبداية الحياة الزوجية الصحيحة والأمور التي تبنى عليها هذه الحياة .
لذلك وضع لنا الله سبحانه وتعالى أمورا تهدينا بحوله وقوته إلى الحياة الزوجية السعيدة . فقد قال سبحانه : ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة﴾..
فلماذا تهمل زوجتك ولا تُعيرها إهتماما ؟
لماذا لا تقدر ألامها وإنشغالها ببيتك وأولادك وأن هذا الإهتمام جزء مقتطع من راحتها وأوقات سعادتها ..؟!!فهل إهتمامها بذلك يؤخذ عليها حتى تتحول أنت كالنسر الغاضب لتحل عليها غضبك وتنزل عليها سخطك ؟!!
وعند أول تقصير منها تَعُد لها العُدة والعتاد لساحة القتال وتُهيئ لها الأسباب لتنتقم منها .. ؟!!
وعندما تُهملها أنت وتبتعد عنها ولا ترغب في القرب منها لا تُعد أثما ولا مجرما - تاركا لها الوحدة أنيسا والغربة جليسا والوحشة رفيقا ..
فهل أنت من العدل ببصير ..؟فمن أين تستمد هي الحياة ومن اين تستقيم لها الأيام ..؟
يا صديقي ..
إعط نفسك وشريكتك الوقت الكافي لكي تستطعما الحياة بجمالها ونضارتها ،دائما أشعرها برضاك عنها - أُُكثر من الثناء عليها -قم بتشجيعها وقوًم اخطاءها بصورة إيجابية ، ولا تكن بعيدا عنها فمن الجفاء عدم مشاركتها في الهموم والإهتمامات ، فالأصل في الزوج أن يكون لها سكنا وسكينة ولباسا وحضنا دافئا وهي كذلك له ..والأصل في الزوجة إذا غاب زوجها تغيب معه الحياة ويغيب عنها الأمان والحنان ..
فالحب بين الزوجين وعيٌ وفهم وإدراك للحقوق والواجبات
الحب تضحية وصبر وإيثار ..
فعليكما - إذا تعثرت الحياة وارتسم الروتين والملل في ساحتها وخرست الألسنة وماتت الكلمات - أن تكسروا ذلك الروتين وتمحقوه بغرس بذور الحيوية والنضارة والشباب ،فتبادلا الهدايا وإن كانت رمزية واجعلا من حروفكما كلمات وردية ومُجا في كيانكما عطور أجمل ذكراياتكما.
وانصتا لما قيل من الشعراء
إذا اعتذر الحبيبُ إليك يوماً*** فجاوز عن مساويه الكثيره
فإنَّ الشافعي روى حديثاً *** بإسناد صحيحٍ عن مغيره
عن المختارِ أنَّ اللهَ يمحو*** بعذرٍ واحدٍ ألفي كبيره
وتذكرا أيضا قول الشاعر:
وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ *** جاءت محاسنه بألفِ شفيعِ
فخذا من دينكما حرزا لشرفكما ترتفعا به إلى ما يحقق إنسانكما، ودعا عنكما كل قبيح من الفعال يضعكما ويحط مقامكما، وكونا على حذر من أن تجتركما سماجة، أو يغرنكما طيش، أو يستدرككما فجور، وكل ذلك وشيك أن يقودكما- معاذ الله - إلى نهايتكما إن كنتما غافلين ويصلكما بشقائكما إن كنتما آثمين ويحقق خسرانكما إن كنتما ظالمين !!
فاربأ بنفسكما عن مقاربة فئام يحطوكما بسفههم، واحذرا مجاراة لئام يهينوكما بخطلهم، وكونا أميرين بنفسكما في جميع أحوالكما لتكونا الفارسين الرابحين في كل ميدان. والبطلين الكريمين في كل زمان !!
فشرف الإنسان أساس إنسانيته، وقوام إنسانيته خلقه ودينه !!
وكلما ارتفعت قامة الإنسان بخلقه، وتشامخ صرح بنائه بدينه ترفع عن الدنايا، وتعالى عن السفاسف، وتنسم عطر المكارم في بساتين المروءة، واحتسى كؤوس الفضائل من حدائق الشرف !!
Post A Comment: