(3)
متسألونيش إزّاي "كريم" موجود معايا هنا.
خلّوني أحكي لكم.
مبدئيًا كده "كريم" يبقى صديقي المقرّب، هوّ تقريبًا اهتماماته قريبة من اهتماماتي، فمكانش غريب إننا نقعد نتناقش في موضوعات بتهمنا إحنا الاتنين.
دي الليلة التالتة على التوالي، اللي أنا قاعد فيها قدّام الموقع، مبعملش حاجة غير إنّي بحرّك إيدي، ومؤشر الماوس بيتحرك معاها.
مُش عارف إيه اللي خلاني افتكرت حوار كان دار بيني وبين "كريم" عن المُستشفيات اللي اتهجرت من سنين طويلة، واتحولت لمباني تخاف تدخلها أو تمشي حتى من قدّامها، لدرجة إن بقى في أساطير بتتحكى عن المستشفيات دي، وإن ناس بتشوف فيها أشباح وبتسمع فيها أصوات، وكل واحد بيحكي بيكون عنده يقين باللي بيقوله.
كان رأي "كريم" إن أغلب المستشفيات في العادي وخصوصًا اللي بتستقبل حالات الحوادث مش كويسة، وبتكون أماكن غير مريحة لأن حالات كتير بتلفظ أنفاسها الأخيرة فيها بعد الحوادث اللي بتتعرض لها.
وكان رأيه برضو إن أكتر المستشفيات اللي بينطبق عليها الكلام ده هي المستشفيات اللي كانت بتعالج جرحى الحروب، واللي مات فيها ناس متأثرة بجروحها في الحروب اللي كانت بتخوضها.
على أي حال، كان رأيه إن المستشفيات أغلبها أماكن مُش كويسة.
كان كلامه بيأكد إن مش شرط المستشفيات تتحول لأماكن مهجورة عشان يظهر فيها شبح أو تسمع فيها أصوات مخيفة بالليل، كان بيقول: إن المستشفيات عمومًا بعد ما الحركة تقل فيها بالليل بتبدأ الأرواح اللي سكناها تنشط.
وكان رأيه في موضوع الأرواح دي إن الروح مجرد ما بتخرج من جسم صاحبها بتصعد لمستقرها واللي خالقها، إلا الأرواح اللي بيبقى ليها حقّ معلّق في الأرض، بتبقى رافضة المغادرة لغاية ما حقها بييجي، وزي ما كان بيقول إن ده بيكون في حالة حد مات مقتول، وإن روحه مابترتحش إلا بعد الانتقام من القاتل، ولو حقها مرجعش مبتغادرش المكان وبتبدأ في الانتقام بطريقتها.
أول ما خطر على بالي الموضوع ده وأنا قاعد قدام الموقع، لقيتني أنا "وكريم" واقفين قدّام مبنى قديم.
المبنى من برّه كان شكله قريّب من قصر مبني على الطراز الإنجليزي، وسقف المبنى كان عبارة عن منحدرين من الخشب بيتقابلوا في نقطة واحدة من فوق، عبارة عن رقم 8 زي ما المباني الإنجليزية معروفة.
السما من فوقنا برغم إننا في الليل، بس كانت مليانة سحاب غريب، السحاب كان بيتقلب وكأنه بيغلي، وألوانه بتتغير وهي ممزوجة ببعضها، أحمر في أصفر في أخضر في أزرق، تقريبًا كان اللون قريب من نار مصدرها خشب شجر بيتحرق.
أما المكان من حوالين المبنى كان عبارة عن ضلمة على امتداد البصر، مفيش حاجة كانت جنب المبنى غير شوية شجر ضخم، بس كان عبارة عن فروع مفيهاش أوراق، والأرض اللي كنا واقفين عليها كانت عشب، بس كان شكله مُهمَل زي ما يكون مفيش مياه بتوصل له.
لقيت "كريم" بيقول لي:
-إحنا فين يابني؟
ساعتها حكيت له عن الموقع، وإن خطر على بالي كلامنا لما كنا بنتكلم عن المستشفيات المهجورة، وإن الموقع نقلني هنا بمجرد ما الكلام خطر على بالي، وأكيد إن الموقع نقله هو كمان عشان هو كان طرف في الحكاية.
كانت الدهشة واضحة جدًا على ملامحه، تقريبًا كان بيبص لي ومبينطقش، لغاية ما سمعنا صوت هوا شديد جاي من بعيد، الصوت كان بيصفّر جامد، وكان بيقرّب مننا بسرعة، وفجأة وصلت رياح شديدة كانت هتشيلنا من على الأرض، لدرجة إن فروع الشجر الفاضية كان صوتها واضح جدًا وهي بتخبط في بعضها، حاولنا بكل عزمنا إننا نثبت عشان متشيلناش من الأرض، لغاية ما الدنيا بقت هادية.
أول ما الرياح وقفت، حركة السحاب في السما بدأت تزيد، وصوته بدأ يعلى، تحس إنك بتسمع صوت مياه بتغلي بشدة، وبدأ السحاب يتجمع في السما فوق المبنى، وفجأة بدأ يتحرك باتجاهه، زي ما يكون شلال مياه نازل من السما، السحاب كان بينزل فوق المبنى في شكل مخروط قاعدته في السما وراسه فوق المبنى.
لقيت "كريم" بيقول لي:
-مستحيل ده يكون سحاب.
الهدوء كان واضح في كل ركن، السما بقت عادية جدًا بعد اللي حصل في السحاب، ردّيت على "كريم" وقلت:
-تفتكر ده لو مش سحاب ممكن يكون إيه؟
مكانش في وقت لإنه يفكّر أو يرد على سؤالي، باب المبنى اتفتح، وكان طبيعي إن المبنى من جوّه يكون ضلمة شديدة، عشان كده مقدرناش من المكان اللي إحنا فيه إننا نشوف حاجة جوّه المبنى.
الباب لما اتفتح كان له صوت زي اللي بنسمعه في أفلام الرعب لأي باب بيتفتح ببطء، أنا شُفت الرعب على وشّ "كريم"، لكن أنا مكنتش خايف، ببساطة كنت عارف إن أي حاجة ممكن تظهر مش هتشوفنا ولا هتحس بنا، وده اللي كان بيحصل في اليومين اللي فاتوا.
أنا سرحت في الأشجار اللي مفيهاش أوراق ومنظر الضلمة حواليها، بس انتبهت لما لقيت "كريم" بيمسك إيدي وبيقول:
-يا "عصام".. شوف اللي بيحصل!
كانوا ماشيين في طابور طويل، وكلهم لابسين أبيض، خارجين من باب المبنى اللي اتفتح.
لمّا بدأوا يقرّبوا مننا لاحظنا على هدومهم بُقع دَم، كان لونها غامق جدًا، وده يعني إنه دَم قديم.
الخوف زاد عند "كريم" أكتر لمّا شافهم بيقرّبوا، لقيته بيهمس في ودني بخوف:
-زومبي.. إحنا مش هنخرج من هنا النهاردة.
كان ممكن أضحك وأقول له تفاصيل أكتر، كنت أقدر أقول له إنهم لا بيشوفونا ولا بيحسّوا بينا، بس أنا حبّيت أخليه يعيش التجربة بكل حاجة فيها، بالدهشة والخوف والرعب وكل شيء.
بعد شوية الطابور اللي خارج من باب المبنى انتهى، والباب اتقفل، لكن كان في ورا كل شبّاك من شبابيك المبنى شخص واقف، كانت هدومه البيضا واضحة جدًا من ورا الشبابيك المضلّمة.
كل اللي خرج من باب المبنى وقفوا في مجموعات، وكل مجموعة مشيت ناحية شجرة من الأشجار اللي مفيهاش أوراق، ولقيناهم بدأوا يحفروا الأرض حوالين الأشجار، وبرغم إنهم متوقفوش عن الحفر لكن الأرض مكانتش بتتحفر!
لمّا سمعوا صوت باب المبنى بيتفتح تاني وقفوا الحفر، وبدأوا يتجهوا ناحية الباب، كانت مشيتهم بالظبط زي ما يكونوا فاقدين الوعي والسيطرة على نفسهم، كأن في حاجة هي اللي بتمشّيهم.
دخلوا باب المبنى والباب اتقفل وراهم، ولاحظنا برضو إن الأشخاص اللي كانوا واقفين ورا الشبابيك اختفوا هما كمان.
ولقيت "كريم" بيشدّني تاني من إيدي وبيقول:
-عصام.. بُص كده للسما.
بصّيت للسما لقيت السحاب في مكانه، وبنفس حركته ولونه وصوته اللي عامل زي المياه اللي بتغلي!، رجع لنفس حالته تاني قبل ما ينزل في المبنى.
مكنتش قادر أصبر، فضولي كان بيدفعني إني أعرف إيه اللي حصل وإيه سببه.
كنت عارف إن "كريم" مش هيوافق، عشان كده مسكته من إيده وخليته يمشي معايا، كان ماشي وهو متردد وخايف وإحنا رايحين ناحية باب المبنى.
لمّا قرّبنا ملقناش في باب، المبنى مدخله كان منه للشارع، دخلنا في الضلمة، ولمّا دخلنا لقينا ضوء أصفر بينوّر المكان، الضوء كان جاي من لمبات صفرا في السقف.
شكل اللمبات والسراير البيضا القديمة اللي الصدا واكل أغلبها وعِلَب الأدوية اللي مرمية في الأرض بيقول إن دي مستشفى، أما بالنسبة للأبواب اللي جوّه المبنى كان عليها أقفال كبيرة، وده خلّاني أخمن إن دي كانت مستشفى أمراض عقلية، وإن دي عنابر مرضى كان بيتقفل عليهم عشان ميهربوش.
ولغاية هنا لقيتني قاعد على كرسي المكتب، لكن علطول فكّرت في سبب اللي حصل.
الموقع نقلني للمبنى مرة تانية، بس المرة دي قبل ما يتهجر، لكن لحظة، أنا لما اتنقلت للمبنى مرة تانية قبل ما يتهجر لقيت "كريم" واقف قدّامه، مش ده الغريب، الغريب إنه أول ما شافني قال لي أنت سبتني وروحت فين!
فهمت إني اتنقلت لأوضتي لكن هو فِضِل هنا لواحده!
فعلًا المبنى كان مستشفى أمراض عقلية، وكان بيجمع الحالات اللي يأست من الشفا، والحالات اللي بتشكّل خطورة عالية، واللي مع مرور الوقت محدش بقى بيسأل فيهم، يعني من الآخر مقطوعين من شجرة.
لمّا دخلنا كان كل شيء طبيعي، دكاترة وممرضين وحالات بتتعالج، وناس داخلة وخارجة من المستشفى.
مكانش في أي حاجة توحي بإن في شيء غريب بيحصل، لكن الممر الطويل اللي كان قدّامنا، واللي كانت الإضاءة بتقل تدريجيًا كل ما اتعمّقت جوّه الممر، هو اللي بدأ من عنده طرف الخيط، وبدأت من عنده الحكاية كلها.
كان في ضوء أحمر بيظهر ويختفي في نهاية الممر، لكن مكانش ضوء عادي، كان حاجة زي البرق بالظبط.
لقيتني بقول لـ "كريم" تعال نروح ناحية البرق الأحمر ده، ولقيته جاي معايا بدون تردد.
الممر مكانش فيه أي أبواب غُرف، كنا ماشيين فيه وحاسّين إننا ماشيين في خندق تحت الأرض، لغاية ما وصلنا لنهاية الممر، ولقينا البرق الأحمر جاي من ناحية الشمال، بدون ما يكون في مصدر له.
لمّا بصّينا ناحية الشمال لقينا في سِلّم ضيّق نازل لتحت، وفي آخر السلم كان في ضوء أصفر خفيف، عرفنا إن الضوء ده طالع من تحت باب موجود في نهاية السلم.
نزلنا السلم، ولقيت "كريم" بيمسك مقبض الباب وبيفتحه، الباب اتفتح معاه، دخل ودخلت وراه وقفلنا الباب تاني.
لو سألتوا نفسكم.. إزّاي مستشفى أمراض عقلية فيها مكان زي ده هتكون إجابتكم إيه؟
السلّم كان بيوصّل لسرداب بابه مكتوب عليه "ممنوع الدخول"، ولمّا دخلنا لقينا المكان مخيف، زي ما تكون غرفة عمليات جراحية كبيرة، فيها كل حاجة ممكن تشوفها في أي غرفة عمليات عادية، سرير فوقه كشّافات، ترابيزة عليها مشارط ومعدات جراحة، جهاز تنفس وجهاز قياس نبضات قلب وضغط، كل ده كان عادي برغم إن المفروض مستشفى أمراض عقلية ميكونش فيها غرفة زي دي.
لكن الحاجة الغريبة إن كان في حاجات تانية في الغرفة تشبه وسائل التعذيب، جنازير متعلقة في السقف ونازلة لغاية الأرض، كرسي مكهرب، كرابيج، صواعق كهرباء.
واللي زاد الطين بلّة، إن كان في على الأرض دم، زي مايكون حد مجروح بيروح وييجي في المكان وهو بينزف، وأظافر مخلوعة من اللحم، وكان في صوابع مقطوعة ومرمية في كل حتة، وقطع جلد ملزقة في الأرض.
استغربنا كل اللي بنشوفه قدامنا، لغاية ما سمعنا صوت الباب اللي دخلنا منه بيتفتح، بصّيت ورايا كان في شبّاك صغير قريب من السقف كان الجزء العلوي منه بيبص على الأرض قدّام المستشفى، وكان اللي ظاهر منه إن الدنيا ليل، فعرفت إن الموقع اختصر الوقت عشان يخلينا نشوف سبب المنظر اللي إحنا شايفينه قدامنا.
لمّا الباب اتفتح لقينا دكتور لابس بالطو أبيض، كان كبير في السن، داخل من الباب ووراه مريض، بس الغريبة إن اللي ماسكين المريض للدكتور مرضى زيه.
وقفوا بيه عند الجنازير اللي متثبتة في السقف، ربطوه فيها ووقفوا بعيد عنه وباين عليهم الخوف.
الدكتور مسك كرباج وبدأ يجلد المريض اللي مربوط في الجنازير، كان المريض بيصرخ بشكل هيستيري، وبعد كده بدأ الدكتور يرفع وتيرة التعذيب، بدأ يخلع ضوافره، ويرميها على الأرض، وبدأ يسلخ جلده ويرميه ويدوس فوقه، لغاية ما المريض دخل في غيبوبة من شدة التعذيب، المرضى مسكوه بعد ما فكّوا الجنازير من إيده وشالوه ومشيوا بيه، وكان الدكتور بيضحك بشكل غريب.
المكان اتغير فجأة ولقينا نفسنا في مكتب، كان الدكتور ده قاعد على كرسي المكتب وقدامه لوحة خشبية مكتوب عليها المدير، بس مكانش مكتوب اسمه، وفجأة لقينا المكان اتغير تاني ولقينا نفسنا واقفين في غرفة، ومكتوب عليها استراحة المدير.
الوقت كان بيمرّ بشكل سريع جدًا، وكان بيمر معاه شريط تسجيلي لتعامل المدير مع الموظفين والمرضى، فهمنا منه إن الدكتور ده مريض بالسادية، وإن تواجد استراحة له في المستشفى كانت فرصة إنه يقدر يمارس ساديته على المرضى في وقت متأخر من الليل، وكان المرضى بيخافوا منه وينفذوا تعليماته بدون تردد عشان ميتعرضوش للتعذيب، وإن مرضهم العقلي كان مخلّيه يقدر يسيطر عليهم ببساطة شديدة، وهنا عرفنا سبب إن المرضى كانوا ماسكين زميلهم المريض للدكتور.
المكان رجع بينا تاني للسرداب، كان مريض تاني نايم على السرير تحت الكشافات ومربوط بأحزمة من إيده ورجليه، وشّه كله كان جروح، وكان الدكتور بيصعقه بالصاعق الكهربائي، وزمايله واقفين الخوف باين عليهم، والدكتور استمر في تعذيبه وهو بيتابع جهاز قياس نبضات القلب اللي موصّله بيه، لغاية ما الجهاز عمل صفّارته المعروفة وظهر خط مستقيم على الشاشة، ساعتها الدكتور شاور لزمايله فشالوه وطلعوا بيه وطلع وراهم الدكتور.
من غير ما الدكتور يقول لهم حاجة شالوه وخرجوا بيه بره المبنى، والدكتور كان وراهم، وقفوا بيه عند شجرة وبداوا يحفروا الأرض، وبعد ما حفروا دفنوه ودخلوا تاني للمبنى.
بعد مادخلوا فضلنا في نفس المكان من غير ما يتغير، بس كان فوق المبنى خيال أبيض فيه شبه من المريض اللي لفظ أنفاسه من تعذيب الدكتور له.
وفي نفس المكان قدام المبنى، الوقت مرّ بسرعة، فاتت ليالي كتيرة جدًا ماشوفناش فيها غير مشهد واحد بيتكرر، المرضى شايلين مريض ميت والدكتور وراهم، ويروحوا جنب شجرة يحفروا ويدفنوه ويدخلوا تاني، وبعد ما يدخلوا نشوف خيال فوق المبنى شبه المريض الميت.
مع الوقت كان في عدد كبير من الخيالات فوق المبنى، افتكرت نقاشي مع "كريم" لما قال إن الروح في الغالب مش بتسيب المكان في حالة إن يكون لها حق، وإنها بتفضل مش بترتاح وتمشي إلا لو تم الانتقام لها.
الخيالات كنا شايفينها زي ما يكون سحاب أبيض فوق المبنى، وبدأنا نحس برياح شديدة، ولقينا لون السحاب الأبيض بيتغير لأحمر وأزرق وأخضر كأنه نار ألوانها متداخلة ببعضها، هنا "كريم" قال لي:
-عرفت بقى.. الأرواح بدأت تغضب عشان محدش انتقم لها.
قلت له:
-أنا مكنتش مقتنع بكلامك.. بس دلوقت فعلًا اقتنعت.. كل اللي فوق المبنى ده كانت فعلًا الأرواح اللي ماتت من التعذيب ورفضت تغادر لغاية ما حقها ييجي.
فجأة لقينا السحاب بيفور تاني وحسّينا برياح شديدة، والسحاب سقط تاني فوق المبنى، بعدها لقينا الدكتور خارج من باب المبنى وفي إيده مشرط طبي، وبعد ما وصل عند شجرة دبح نفسه بالمشرط، انفجرت نافورة الدم من رقابته ونزل على ركبه على الأرض، ومسك رقابته اللي غرقانة دم لغاية ما سقط ع الأرض ميت.
هنا عرفنا إن الأرواح أخيرا انتقمت لنفسها بعد مدة طويلة كانت بتنتظر إن حد ينتقم لها.
وكالعاة، المرضى خرجوا من المبنى ناحية الشجرة وحفروا في الأرض، بس المرة دي عشان يدفنوا جثة الدكتور.
ساعتها بس السحاب اختفى تماما من فوق المبنى، وفجأة ببص جنبي لقيت إن "كريم" برضو اختفى.
باختفاء "كريم" عرفت إن الرحلة انتهت، وعرفت برضو إن المستشفى اتهجرت نتيجة طبيعية للأحداث اللي كانت بتحصل فيها، وإن الأصوات اللي بتتسمع في المستشفى بعد ما اتهجرت كانت بسبب الأرواح اللي كانت بتعمل كل اللي في وسعها عشان الناس تخاف من المستشفى ويبعدوا عنها، ويبعدوا عنهم فكرة إعادة تشغيلها، كانوا خايفين ييجي دكتور تاني يكون زي اللي فات، والأحداث تعيد نفسها، عشان كده الأرواح فضلت فيها، بس مش بدافع الانتقام، بدافع الحماية.
صحيح بعد الانتقام من الدكتور الأرواح مغادرتش منها، بس كانت متواجدة بطريقة غير ظاهرة لمنع أي حد يقرّب.
بس في نهاية الرحلة وأنا لواحدي بعد ما "كريم" اختفى لقيتني بسأل نفسي سؤال، هو ليه المستشفى من غير اسم أو حتى اسم المكان اللي هي فيه؟ّ
لقيت حواري أنا و"كريم" بيتعاد قدامي بسرعة كبيرة، وإننا لما كنا بنتكلم مذكرناش اسم مستشفى أو مكان معين، حتى أنا لما فكّرت في حوارنا مجاش في بالي حاجة معينة، عشان كده الموقع نقلنا لمكان يجسّد اللي أنا فكّرت فيه بالظبط.
بعدها لقيتني قاعد قدام اللاب اللي اختفت من على شاشته السودة صورة المبنى، غمضت عيني ونمت، وصحيت على ضوء الشمس اللي طلعت وزغللت عيني، ولقيت إن صفحة 12 اختفت ومعاها الموقع بعد ما النهار طلع.
ولسّه بقوم من مكاني، لقيت تليفوني بيرن، كان "كريم" اللي بيتصل، ولمّا رديت عليه لقيته بيقول لي:
-تصدق يا "عصام" حلمت إن أنا وأنت كنا في مبنى مستشفى مهجور بتحصل فيه أحداث غريبة! 
***








Share To: