---------------------------------

في الخمسين من العمر

نسيت طعم السكر

لون النبيذ

غواية الفاكهة

لا أخضب مشيبي بالطلاء ولا بالحناء

لا أحشو فمي بفم مستعار

لا أرى خربشاتي إلا كالأعشى

لا أهرول وراء كل صلاة

ألتفت لماض تلاشى كفقاعات صابون

أقلب ألبوم الصور

أوقد فتيل الذكرى

أتهجى رسائلي الغرامية القديمة

أسترجع نزقي وخطاياي

تيهي بين الفراشات 

تملصي من الدبابير

في الخمسين من العمر 

رأسي الأصلع يحن إلى تسريحة ( غيفارا )

جسدي المترهل يفتقد عضلات وزن الريشة

قلبي يتذكر رقصة الديك كلما صادف ليلاه

ذاكرتي تصطخب بطفل بارع في المقالب

راتبي الشهري يتشظى على الفواتير

على وصفات الطبيب

على قضمات القروض

خمسة عقود كأصابع اليد

كخمس ثوان زئبقيات

أراوح متاهتي كالفأر ( هامستر )

أطل على الفصل الأخير من الحكاية

أتأمل دورة استهلاكي

كلفافة في فم حشاش

مغضوب علي كغضب الخليل على قصيدة النثر

لم أغنم من حروب السلم الصغيرة سوى ( ياسر / ريم / مريم )

مريم : ملت من ضجري ويأسي الطيب

تلسع كل صباح خنصري لقياس العسل في الدم

تروض وحوشي بقانون الجاذبية

بالحب المستتر وراء تفاصيل صغيرة

ريم : تحسبني على زمن الأبيض والأسود

تسخر من نكدي 

تعد شعيراتي البيضاء في قيلولتي

ياسر : يتعلم بنهم قاموس الغضب المغربي

يقتل الطفولة بألعاب الهاتف الذكي

كلما انفلتت خيول أعصابي

أو لعنت زمن الذبذبات

يفحمني مثل ( خضر ) صغير:

( إنك لن تسطيع معي صبرا )...

في الخمسين من العمر

آوي إلى علبة من علب الاسمنت

في حي متاخم للبحيرات المالحة

في مدينة الشقق المفروشة

والمفاتيح المعروضة على الغرباء

أحشو وسادتي بفصوص الشعر

أتناول أقراصي كواجب يومي

وقبل أن أنام ملأى هواجسي 

أتباطأ في النفخ على خمس شموع

وفي غفلة من حمية أبدية

ألعق رغوة كعكة الميلاد نكاية في السكري...

-------------------------------------

في الخمسين من العمر 

تقول لي كهولتي لابد من كأس تحت ظل عابر

لا بد من لمة مع ثلة من الندامى

أو عصبة من الغائبين

سأحجز حيزا من المجاز على رصيف ساحلي

لمواعدة قصيدة جامحة طائشة

أبثها شجني الطيب 

وخوفي من انحراف السيناريو

أو من عدوى الاستعارة

في الخمسين من العمر

يقل الأصدقاء

تنضب الأماكن

يتسرب الوقت من المسام

يتعب الظل من صاحبه

لكني سأنتظر نورسي الرمادي قرب فنار البرزخ

سأنتظر موعدا يدعوني إلى فنجان مع الآلهة

سأقرع نخب الفرص المهدورة في حانة مصطاف قصير

سأعبر شارعا أو مدينة إلى لذة مؤجلة

لوشْم سوادي على بياض النهار نكاية في الموت

لمراودة حلم عالق كنت ادخرته تحت الوسادة

أو للنكوص إلى طفل أضعته ذات خطوة في زحام السرنمة ...!!!

 







Share To: