الشعر كما يقول محمد بن العباس القباج :« صورة صادقة لخلجات نفس صاحبه » أما الشاعر الحقيقي فهو من يستطيع : « أن يرسم بشعره صورة لخلحات نفسه ، وأمل أمته ، وينطق بالصواب ، الذي لا يتطرق إليه الزيف والكذب ، ولا مبالغة ، ولا يفسده الغموض والإبهام .» وانطلاقا من هذه الفكرة ، نجد أقلاما مغربية جادة اتسمت كتابتها بهذا المنهاج الأدبي ذو الأثر المتميز في الساحة الأدبية المغربية ، والذين ينشرون في مواقع وملاحق ثقافية متنوعة داخل وخارج المغرب ، تعمل على تبلور تصورات جديدة ، أشد قربا من حقيقة الأدب والشعر متخطية كل الأساليب الموروثة ، بحيث لم تبق الموضوعات التقليدية مهيمنة على الساحة الإبداعية ، بقدر ما أصبح التعبير عن المشاعر هو المعبر عنه في حدود التجربة الفردانية والإنسانية .
والساحة مليئة بالشباب والشابات أذكر على سبيل المثال ، الشاعرة الصاعدة « سهيلة مسة » صاحبة القلم الناطق ، تهيم في عالم الفن بصرخات مكتومة تراقص مكنون الأغوار بصوت يصعد من الأعماق . هكذا نجدها سكبت مشاعر ذاتها بكلمات تنبض بهموم الواقع المعيش متسربلة بشاعرية تتدفق بسحر هادر . ومن يتعمق في نصوص ديوانها يلمس هذا الحس المرهف . لقد وظفت الشعر بتعابير وجدانية وترنيمة روحية دقيقة المعاني بنكهة ذات البعد العميق ، وهذا نابع من الموهبة الفنية التي تتحلى بها الشاعرة سهيلة ، إنها تملك ناصية الحرف ، كما تعزف الشعر الهادف بسحر متدفق من تجربة لا يستهان بها في عالم الأدب .
حتما كونها مدرسة ، ساعدتها وظيفتها على اكتساب هذه الموهبة لتبدع ولتصرخ بجرأة واسعة ، ولو فيها نبرة من الشجن وهي تسبح في عرصات مخيال صوفي المنحى .
لقد ولجت باب الإبداع ببصم بصمتها بإنتاج ديوان شعر ،« جبروت خاص» ملون بصور بلاغية جميلة متناسقة ومتكاملة يعكس بقوة مدى ارتباطها بالحرف المترجم لأحاسيس دفينة ، كما يحتضن حرفا جميلا متفاعلا مع الجرس الموسيقي مما يؤكد جمال طلعة لا يجف وعطاء فكريا لا ينضب . ويمكن الجزم على أن الشاعرة سهيلة مسة شاعرة أنثى لها وزنها في الساحة الإبداعية ، ارتوت من بحر الشعر العربي لتنضاف للشاعرات المبدعات لكسر تلك الصورة التي كان يستحوذ عليها الرجل لوحده .
والمبدعة سهيلة مسة من مواليد دائرة غفساي إقليم تاونات مرهفة ، أوحت لها طبيعة الموقع الجغرافي شق الطريق في الإبداع بسخاء ، حاصلة على الإجازة في الدراسات الأساسية من فاس ، صدر لها كتاب ديوان شعري : « جبروت خاص» كما لديها تحت المراجعة مجموعة قصصية بالإضافة إلى نصوص شعرية تحت الترتيب ، تخوض رهانا لتكتب حتى في الرواية . إنها عصامية بكل ما تحمله المعنى من دلالة .
بقلم الشاعر : علال الجعدوني المغرب .
Post A Comment: