"يرونك صامتًا فتثير فضولهم، ثَم يقتربون بخبث-وأنت تعلم- يحاولون اكتشاف ذاتك، وليس عندك أي  غامض ومثير فلست من الذين هبطوا من السماء، ولكنه فضول البشر، علي أية حال يبدأون في إرسال خيوط المودة، والصداقة -والتي نادرًا ما أثق فيها- فتغزل فوق الخيوط خيوطًا، وأقول لا بأس من التجربة، لربما تكونين علي خطأ، فأجد خطوات تحاول التثبت بي مرة واحدة، ويحك يا فلان أنت لا تعرفني لم كل هذا التمسك! ثم أَجِد من يراسلني مرة واحدة وكأنني شخصه المفضل والوحيد، وأعلم أنني لست كذلك- ولا أهتم حقًا- ولكنني لا أريد أن أكون وقحةً،
 واحزنهم، فكنت ابتسم، وبطبعي الساخر اضحك، وكأنني الوحيدة المتبقية في هذا العالم الأسود، واكمل بهم أم بدونهم، ثم يبدأون في الاقتراب أكثر- وهذا ما اكرهه-هذا الحصن المليء بكل شيء، لن يتم إدراكه، وإن كان علي قطع كل الخيوط، ولكنني لم أدرك أنني أكون قد تآلفت معهم ولو قليل، ثم يدركون الصورة الكبري، أن تلك السخرية هي كوميديا سوداء، وأن تجاعيد الضحك، هي مجرد تعاسة أبدية وأن تلك الهالة التي يرسمون عليها أحلامهم ليست كتوقعاتهم، ثم يبدأون في الاختفاء-وأنا حقًا لا أهتم- ويبدأون باستبدالك وكأنك قطعة خردة- ورغم أن المرء لم يضعهم في مكانة إلا أن عزة نفس المرء أقوي من أي شيء، فأقطع كل خيوطي حتي وإن ألفتها، حتي وإن كانت عزيزة، فاعتزازي بروحي فوق كل شخص، وكل شيء، ولكنني لم أدرك أنني يتم التلاعب بمشاعري دون أن أشعر-تلك التي أعزها-، وما كانت كليلة أبدًا.. كنّت أظن أن الإدراك كافٍ لتجنب أي انهزامات، ولكن ترفعك عن كل ذلك هو ما يوق النفس من كل ما هو هالك لها، وانسحابك من هزيمة كتلكمُ، هو شرفٌ 
لقد أسقطوا أنفسهم بأنفسهم، لم أنفِ أحد من حياتي لإنعدام الرغبة، أو لإختبارهم كفئران تجارب، وهذا هو لُب الشعور الداخلي، بأن تأبي تلبية فضول أحدٍ، حتي لو لم يكن عندك شيء تخسره، فنفسك غالية ولا تستحق أن تختلط ببقايا البشر، فالمعدن الأصيل، يجب أن يسرد ذاته مع أشباهه، فلا ينفك أن يصبح أصيلًا حتي وإن دفعته الأيدي نحو الدناءة،ولكن لا توجد حرب بدون دروس مستفادة، أو ندبات، والآن كم تبدو جراحي طفيفة جدًا، تلك التي ظننت أنها نهايتي..
وأظن أن المرء يؤجر علي رؤية وجوه، لا يود رؤيتها، وأظن أنني كنّت علي صواب حينما اخترت اللطف لكل الناس، أما المحبة عزيزة لا ينالها إلا عزيز، ولذلك أَجِد من الرخص أن احتك بكل شخص أقابله، فلماذا علي المرء تعريض نفسه لهذا الكم من الاستهلاك النفسي، هذه بيئة لا يصاحبها إلا الخوف، ولا يوجد ضمانات في بقاء أحد معك، شيء مجهول تخافه، ويتربص بك، ويتلاعب بلسانه اللزج حتي يشعرك بالأمان الزائف، وهو نفسه أكثر ما تهابه! 
وحين ينتهي الأمر- أعني صداقة أو محبة- أدرك أنه لم يكن حبًا، فانسحب في هدوء، فلا تستغرب هزيمتي التي كانت من أعظم انتصاراتي، فأنا كنّت دائمًا واحدًا بوجهِ واحد، وكانوا جماعات بألسنة ملتوية، ونفوس متعكرة، تحسدك علي لونك الواحد، وتريد أن تمتص كل ما تبقي في قلبك، ولهذا من الفطنة حفظ النفس، والترفع عن كل أذي، ليس  بالضرورة أن ينال كل شيء من قلبك، واختر بعناية من يلمس جدرانه، هل سيدفئها أم سيترك الريح تشطرها؟ 
وانتهت المسألة."...






Share To: