القدوة الحسنة      ٢٠
تابع موضوع بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجُمع الماضية عن القدوة الحسنة فى بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم وذكرت لك منها فى الجمعة الماضية بعض المباحات التى اختص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم وهى محظورة على أمته
واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن بعض ما اختصه الله تعالى به من الفضائل والكرامات
فأقول مستلهماً من الله الفتوحات راجيا منه العفو عن الزلات متأمِّلاً فى شفاعة خير البريات فى الحياة وبعد الممات ويوم يقوم الناس لرب الأرض والسموات
وإليكم بعض هذه الفضائل
من المعلوم أنه لا يوجد أحد من البشر أُعطى من الكرامات ورفعة الشأن مثل ما أكرم الله به حبيبه صلى الله عليه وسلم
وكان للعلماء والباحثين دور كبير فى ذكر ذلك كالقسطلانى فى المواهب والسيوطى فى الخصائص والقاضى عياض فى الشفا إلى غير ذلك من العلماء القدامى والمحدثين
أولا/مايتعلق بشخصه صلى الله عليه وسلم كان مثلاً أعلى فى خِلقته وخُلقه وكان من رءاه لأول وهلة يعتقد أنه ليس إنسانا عاديا لما خصه الله تعالى به من مزايا عظيمة كطيب رائحته صلى الله عليه وسلم عن أنس قال (ماشممت عنبرا قط ولا مسكا ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وكان إذا مر فى الطريق عُرفَ. أنه مر به لما يخلُفُهُ فيه من طيب الرائحة
ثانيا/ ما خصه الله به من مزايا فصاحة لسانه صلى الله عليه وسلم فقد كان صلى الله عليه وسلم قوى الحجة ظاهر البيان مع سلامة طبعٍ ونصاعة لفظٍ وقلة تكلف على الرغم من أنه عليه السلام كان أميا
ثالثاً/ عراقة نسبه صلى الله عليه وسلم فقد كان أعلى الناس نسبا وأكرمهم معدنا وعبر عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم (إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريش واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفانى من بنى هاشم)رواه مسلم والترمذى 
وبصورة مجملة فإنه كان صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى فى تكامل خلقته مما لم يشاركه فيه غيره حتى أنه لما مر على أم معبد فى خيمتها ووصفته لزوجها أدرك أنه ذلك النبى الذى ظهر في قريش
رابعا/خُلقهُ العظيم فقد كان صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى فى كل صفة من الصفات الحميدة ويكفى شاهدا ما شهد الله تعالى به فى قوله تعالى( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِیمࣲ) القلم ٤
فقد كان صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى فى الكرم والجود والزهد والقناعة والشجاعة والحلم والعفو والورع إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التى تكاملت فيه عليه السلام بصورة لاتوجد فى غيره صلى الله عليه وسلم
خامسا/ ما فضل الله به رسالته صلى الله عليه وسلم فكانت خاتمة الرسالات التى اكتمل بها الدين وتمت بها الشريعة ذكر الله تعالى ذلك فى قوله (ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ) المائده ٣
سادسا/ ما أكرمه الله تعالى به من خوارق العادات كانشقاق القمر وحنين الجزع ونبع الماء من بين أصابعه وتكثير الطعام القليل فى يده الشريفة وتحويل العرجون فى يده إلى سيف ورده للعين التى خُلعت إلى محلها فصارت أحسن مما كانت إلى غير ذلك من المعجزات الحسية والمعنوية تفضيلا له على سائر الأنبياء صلى الله عليه وسلم
وحديث الإسراء والمعراج خيرُ شاهدٍ على ذلك ٠ذلك الحدث الذى اهترت له الدنيا آنذاك ولم يزل أثره باقيا وسيظل هكذا إلى ما شاء الله وإمامته للأنبياء جميعا وصعوده إلى السموات بل إلى ما فوق السموات ورؤيته جبريل على صورته الحقيقية
ووصوله إلى مكان لم يصل إليه أحد وله صلى الله عليه وسلم فى الآخرة الشرف العظيم
فهو صلى الله عليه وسلم صاحب الشفاعة
سادسا ما يتعلق بأمته فقد كانت أمته صلى الله عليه وسلم خير الأمم قال تعالى (كُنتُمۡ خَیۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَـٰبِ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ﴾ [آل عمران ١١٠]
هذا وقد كان الحديث عما اختص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم بشئٍ من الإجمال وإن كان فى الأجل بقية فسوف أُحدثكم فى الجُمع القادمة  بإذن الله تعالى عن هذه الخصوصيات بشئٍ من التفصيل سائلاً المولى عز وجل أن يُجنبنى الزلل ويرزقنى وإياكم حُسن القول والإقتداء والعمل.






Share To: