هذي ٱلْمدينة تعرف همس أبنائها ..صهيلهم ..حكايا ٱلدُّروب ..رجفة كل مولود..أغاني ٱلْعشاق ..روائح ٱلْأطعمة 
وجع ٱلثكَالـى ..دخان ٱلْأفرنة ٱلْقديمة ٱلّتي لم تنم بعد في أزقة ٱلْمدينة ٱلْقديمة ..تسمع " حمّو" ينادي على ٱلشاي ٱلْمنعنع ..يأتيه "علي" به على عجل، وقد تورد خده وعالت سحنة وجهه دوائر حمراء ..إحدى يديه ٱلصّغيرتين تحمل ٱلصّينية وٱلْيد ٱلْأخرى، تفرغ ٱلشّاي ٱلذي يتراقصُ في " ٱلكأس بُورزّة" ٱلْمَصنوعِ منْ زجاجٍ صقيلٍ شفّافٍ يميل إلى ٱللّوْن ٱلْأخضر ٱلْفاتح ..تأسرك رغوة ٱلشّاي، وقد أخذت شكلا لولبيا في دائرة ٱلْكأس ٱلمنتفخ وسطه،ٱلذي يشبه إلى حدٍّ ما دملجا فضيا كان يزين أيدي ٱلنّسوة إلى جانب شجيرات ٱلْوشم ٱلّتِي تنهض كما لو أنها شجرة حقيقية مورقة ..
تغرقُ ٱلْمدينة في صمتها وتتوشحُ بهالات ٱلنور ويستيقظُ نبض من عشق ألحانها وهام بمقاماتها ٱلْفاتنة ..
ينسحبُ ٱلْأنام نحو منازلهم ليرتبوا أوراق يومهم ..ويبدأ ليل ٱلْمدينة في ٱلزّحف ليباشر ٱلْعشاق ٱنكتاب سيمفونية عشقهم ..يفتحون أقواس دهشتهم ويجوبون مفاوز هذي ٱلْفاتنة .. يتمرأى مشهد ٱلْمدينة ٱلْجديدة وقد عانقت أضواءها وفتحت نوافذها لٱستقبال أريج ٱلليل ولغة لايتبينها إلا من خبر أسرار سكونها وجمالها ..
ها باب ٱلرّيح في تلك ٱلْأعالي ترتب لحنها ٱلْفريد، تترنح وتلقي بهالتها على دُوار "ٱلشهداء /ٱلتينيس و "دوار ميمونة" وٱلْأطراف ٱلمترامية هناك في تلك ٱلشعاب ..حيث مدرسة ٱلْأرز وإعدادية " أنس بن مالك" وساقية " ٱلْمجزرة " ٱلتي تعرف لدى ٱلْعامة ب:" ٱلْباطوان..ٱلْباطوار ..ٱمتدادا نحو حي " طريق ٱلْوحدة" وحي " ٱلْمغرب ٱلْعربي" وحي " جنان البردعيين" و" حي ٱلسّعادة " و " ٱلْمسعودية" وحي " اوريدة" و" ٱلݣعدة" وحي " بيت غلام" ..إلى ٱلْامتدادات ٱلقصية " حيث تنهض أحياء " دوار عياد" و" دوار الجديد" و" ٱلْملحة" ..وأحياء أخرى " ٱلْمسيرة" و" ٱلْقدس" ..
نسائم ليلها سفرٌ وترحال في أماسي أحلام لا يقترفها إلا من غمرتهم هذي ٱلْفاتنة بحبها فصاروا يعانقونها في ٱلْحلّ وٱلتِّرْحَـالِ.
تقرأ في ليلها أنفة، من مرُّوا بها وترعرعوا في دروبها وأحيائها ..هم يُشْبهونَ هذي ٱلْأنْوار وهذا ٱلليل ٱلْآسر ..لم يعرفوا يوما إلا عزف ٱلْعُشّاق ..لم يُطْربوا إلا للحن بدِيعٍ ولم يتوقفوا إلا حيث لغة ٱلضّوْء تلقي بهم في فراديسها وظلالها ٱلشّهية ..

ٱلصورة من صفحة الأستاذ ٱلْمبدع Youssef Belghit






Share To: