لا شيء يُنبئُ بٱلْحَياة في تلك ٱلْمدينة ٱلْمأهُولةِ بٱلْأشْباحِ..صَمْتٌ رهيبٌ يُخيمُ على أبوابها ٱلتي عزف ٱلزّمن سمفونية ٱلْموت على خشبها ٱلأحمر ٱلذي هُرِّب من غابة بٱلْجِوار..زحف ٱلنِّسيانُ على كل زواياها ..بُعيْد صلاة ٱلْعصر ٱنسحَب ٱلنّاس إلى جُحورِهم ناشدينَ بصيصَ أملٍ في تغير ٱلْوضعِ وٱنفراج ٱلْحَال ..وعودة ٱلْحياةِ إلى أوْصال مدينتهم.
إنَّهُ زمن ٱلْجائحة ..ٱختفت رائحة ٱلشّوارع ٱلْمعهودة ..وحدها " سُعدى" تمارسُ غوايتها ..تستنطقُ ٱلْأحياء ٱلنّائمة.
تُسائلُ ٱلصَّمتَ ٱلذي ٱسْتشرى ..تُحاولُ ٱستِنْطاقَ ملامح ٱلْمدينة ٱلْمحْزُونة.
توقفت بٱلْقربِ من مدخلِ ٱلْحيِّ ٱلتّجاري ٱلذي كان فيما مضى لاينام ..تعلو فيه أصْوات ٱلتجار بٱلتقسيط وٱلْباعة ٱلْمتجولين وتمتزجُ بصياح ٱلنِّسْوة وبكاء ٱلصّغار ..كل شيءٍ ٱخْتفى؛ وكأن ساكنة ٱلْحَي هبّوا جميعا إلى رواميسهم ..أو حلّ بهم شيخ يدعو إلى نزوحٍ جماعي نحو مغارات وكهوف ٱلْجِوارِ ليتجدد ٱللّقاء بٱلْجِبِلّةِ ٱلْأولى ..ربما هو نداء ٱلْحياة ٱلْأولى قبل أن تفتك أصابع ٱلتِّكنولوجيا بكل جميل غرِّيدٍ..إنه صوتٌ مزلزل أتى على ٱبتلاعِ ٱلْعباد فٱنْسَحبُوا في صَمْتٍ لايَلْوُونَ على عَوْدةٍ ..وهناك من ركب ٱلْموج ليُجرب أمواج حياةٍ أخرى ..!!.
فجأة تسمرت " سعدى" في مكانها وهوت أرضاً لتلتقطَ ورقة تخلى عنها أحدهم ولم يحفلْ بضجيجها ..
ٱلتقطتها برفقٍ وجلست على كرسي خشبي في حديقة ٱلْحي ٱلصّامت..وسرعان مادبت حياةٌ أخرى في ٱلْمكان بفضل ٱلْورقة ٱلْمهجورة..
Post A Comment: