حين شاهدت هذا المقطع المؤثر لهذا الرجل العامي البسيط  الذي رزقه الله مبلغا يسيرا من غير حول منه ولاقوة .
 
تأملت كثيرا لغة جسده ، وتوقفت عند رده الفطري  التلقائي يعني حلال دول ؟

ثم عاد يكرر يعني أنا مش هتسأل عنهم في الآخرة  ؟

ثم دمعت عيناه ، وقال للمرة الثالثة : 
أنا مش هقدر أجيبهم في الآخرة .

توقفت كثيرا مع هذا المشهد لرجل فقير كاسد عند البعض لكن الحقيقية أنه عند الله ليس بكاسد والله حسيبه فهو حقيقة الملياردير الغني بما عنده من ديانة وقناعة...

هذا المشهد  علق عليه الكثيرون بالدهشة والتعجب من صنيع هذا الرجل المسكين الأمي ولسان حال كثير من هؤلاء ...
لقد انقرض أمثال هؤلاء الطيبين، ولم يعد هنا على الأرض إلا الأشرار من الفاسدين المفسدين ممن يتلذذون بأكل أموال الناس بالباطل ،  ويحاولون شرعنة ذلك لأنفسهم ، لا يعرفون للحلال سبيلا ولا يكترثون بأكل الحرام ، الأهم عندهم الظفر بالمال من أي طريق .

🌴ولعل السبب في ذلك :

تناسي قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم :

 " ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس " .

هذا الذي أدى بالكثيرين إلى التطلع الزائد ، وعدم الرضا ، والجشع ، والطمع ، ومحاولة مسايرة غول الموجة العالمية الرأسمالية ، وحب الكسب السريع ولو من الحرام .
 
الكارثة :

أن بعضهم يكسب من الزنا ، السرقة ، النهب ، الرقص ، التمثيل الفاسد،  الغناء،  بيع السجائر ، الاتجار في الخمور والمخدرات ، بيع ملابس العري للمتبرجات ، بيع آلات موسيقية وهي أمور محرمة ، وفاعل ذلك كسبه محرم ، وآثم لتعاونه على الإثم والعدوان .

تخيل أن الشيطان يستزل هؤلاء ويقنعهم أن ده دليل توفيق الله لهم ، ورضاه عنهم .

ويظن الواحد منهم أن ما وصل إليه علامة رضا الله عنه .

وأنه بعد جمع كل هذه الأموال من الحرام يمكن لهم عمل عمرة أو حج ليغفر لهم ربهم ...

وهذا من تلبيس إبليس فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

 إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 

{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } .

رواه أحمد في المسند وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة .

🌴لهذا أنصح كل شاب فأقول : 

إياك وفخ المقارنة بين مغني شعبي ، أو ممثل ، أو لاعب كرة وتقول :  إنه بيكسب الملايين ، ومهندس ، أو طبيب ، أو مؤهل عالي ، د يتقاضر مرتبا قليلا رغم المجهود والتعليم.

 دي حسبة غلط لماذا ؟
           
لأن الله قال الله : 
فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .

لأنه لا يستوي صالح وطالح ، ولا مؤمن ومنافق ، ولا عالم وجاهل ، ولا من يكسب قوته بعرق جبينه من الحلال وآخر يكسب قوته من الحرام ، أو ما فيه شبهة .

🌴العبرة بالنهايات :

العبرة الحقيقية بمن وفق لأداء رسالته التي خلق من أجلها .

العبرة الحقيقية بمن وفقه الله لنفع دينه ونفسه وأمته .

العبرة الحقيقية بمن أرضى ربه بأفعاله ومعاملاته .

العبرة الحقيقية بمن ترك أثرا نافعا للناس من بعده ، تنتفع به الأجيال المتعاقبة .

العبرة الحقيقية من يكسب رزقه من الحلال الصافي الذي لا شبهة فيه ، في زمن مادي اختلطت فيه المعايير .

لا تنس أن الحياة الدنيا بكل ما فيها لا تقارن بالآخرة ، فإياك أن  تنسى مالك في حياتك السرمدية ، وتنخدع بزخارف شيطانية لإفسادك في حياتك الدنيوية التجريبية ..

احرص على تربية أبنائك على أصول الدين،  والتي منها : 

أن الرزاق هو الله وأن للرزق مفاتيح حسية ومعنوية ، وأن ما عند الله من الأرزاق لا ينال إلا بصدق طاعته وأن المعاصي مانعة من الرزق ، وأن البركة أهم ما يتمناه العبد المؤمن ، وأن من حصل أموال من حرام فهو مستدرج .

تذكر أن الأرزاق متفاوتة :

الصحة رزق ، الفهم رزق ، الحفظ رزق ، الثبات على الأصول والمبادئ رزق ، الاستقامة على الشرع رزق .

الناس درجات ، وسيظل التفاوت في الدرجات سنة كونية إلهية ، غير أن العلو في الدرجات ليس بالمال فقط ، وإنما بالديانة ، والعلم ، والخلق .

صدق الحبيب صلى الله عليه وسلم يوم قال :

لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ ".

كثرة العرض أي متاع الدنيا .

ليس عيبا أن تكون صاحب مال لكن العيب والكارثة أن يجعلك هذا المال فقير نفس لا يتجاوز نظرك الدنيا الفانية .

مادامت طويل النظر يتجاوز نظرك المخلوق إلى الخالق والدنيا إلى الآخرة .

فأنت على خير وفي خير وبانتظارك الخير فأبشر يا طيب..






Share To: