عاد المطر يا أحباب المطر، عاد برائحته وجماله وأصواته وزينته، عاد ليجمع أرواحكم على عشقه، ودروبكم كلٍ إلى قلب الآخر مستشعراً الدفء من حبه، وملجئكم الأحضان المليئة بالحنان، وهروبكم نحو الأزقة الضيقة الفارغة من الأناس، لا أقارب ولا غرباء، بمفردكما والمطر يرافقكما، هاربين من كل ما في العالم، لا جمال يفوق ما تراه عيناك في عينا رفيق الشتاء، تنظر بدون ملل متغلباً عليك الشعور ما يجعلك تصمت تسير حاملاً ثقل ما تملك من جمال في قلبك، لا تفوتكما متعة الجلوس سوياً أمام البحر بأمواجه الهائجة، محاربين الرياح ببرودتها، تلك الرياح التي تثقب القلب، التي تحتاجها الروح لتعيد لها الروح لا الرئة، عاد برعده وبرقه المرعب في منتصف الليل الذي يُرهب تلك المدللة، التي كانت قد اعتادت المكوث في أحضان والدتها لتشعر بالأمان وتنعم بنوم هادئ، كَبُرت ولم تعد تلجأ لوالدتها خجلاً من سِنها ولكن لم يفارقها خوفها، فسماع دوي رعدة قوية تسرق النوم من عيناها، رغم انتطارها الشتاء بتزيينه السماء ببرقه البنفسجي، إلا أنها قد تبكيها رؤيتها لروعة ذلك المشهد وحيدة، كن ملاذ الأمان لها ولا تستخف بذلك استمع لخوفها بكل جدية، استيقظ عند حاجتها لك وأجد لها الحل، وتذكر أن النضوج عندها بالأرقام ليس إلا والدلال يكبُر معها... وأنتِ عليكِ أن ترافقيه بمعطفه وأن تذكريه دائماً أن أيام الشتاء قاسية وأنكِ تخافي من كل مكروه يصيبه، وأنكِ بحاجته ليشعر بمسؤولية لأجلك من قِبَله، عاد الشتاء بأمراضه اللامتناهية بعد برده، عاد ليذكركم دائماً ضرورة إهتمام كل منا بالآخر... عاد الشتاء لتهربا تختبئا بأحضان الطبيعة لتستقبلا بعد كل جولة للمطر رائحة التراب المنعشة المغذية للروح، عاد الشتاء بسمائه الرمادية وغيومه المحمّلة بالمياه لتغسل كل ما مر على كل منكم من الأحزان والآلام، عاد ليجمع الأحباب ويصلح الخلافات ويجعل الأوقات سعيدة... فمن يجرؤ بعدها أن يقول بعد كل ما يقدمه أنه مصدر الكآبة!!
Post A Comment: