إن المرء يُعذِّب ذاته بتعلقه بأشياء و أمور زائلة بعيدة تماماً عن تعلقه بالله الذي يُعَدْ التعلق به والتقرب إليه هو الغاية السامية و المثل الأعلي لكل امرئ ، فلا عليك أن تتعلق بشئ غيره لأن التعلق بالله يجلب إليك كل ما ترغبه بشكل مُيسَّر سلس بسيط أما التعلق بالبشر يُهْلِكك ، يُشتِّت فكرك ، يُتْعِب قلبك ، يستنزف طاقتك بدون جدوي أو داعي و يورطك في مشكلات كثيرة أنت في غني عنها ، فلتجعل تعلقك الدائم بالله حتي لا تضيع وسط دروب الحياة و تنخدع في تعلقك بأشياء وهمية لم يكن لها وجود سوي في خيالك الشطط الذي يشبه البحر الذي لا ينضب فهو يمتد في جميع البلدان ولا تتوقف مياهه عن السريان ، فلْتُحَجم ذلك التوقع و التعلق حتي لا تزداد صدماتك وتُصاب بالندم علي تصديقك لها والسير ورائها دون أي تفكير مما يلحق بها ، فتلك المشاعر السلبية التي ستصيبك إنما أنت الوحيد المسئول عنها نظراً لاتباعك لأمور سطحية تافهة تشغلك عن تعلقك بالله و إيمانك بأنه سيجلب إليك ما تستحق طالما لم تُفرِّط في مبادئك و مادمت تملك ضميراً يقظاً و مقاييس منضبطة للأمور و تتبع ما يُمْلِيه عليك ضميرك وقلبك علي حد سواء ، فالدنيا فانية فلا يَحِقْ لك التعلق بأمور سترحل فور انتهائها ، فالتعلق لا يكون سوي بالله العزيز القدير الرحيم بعباده فهو ما يمنحهم البصيرة التي تجعلهم قادرين علي التفريق بين ما يستحق التعلق به أو السعي لأجل الحصول عليه من أمور الدنيا و ما الذي يستحق مغادرته دون أي تفكير عميق ، فلتحاول أن تُغيِّر مفهومك نحو تلك الأمور عساك تتمكن من العيش بشكل أكثر استقراراً محافظاً علي ذاتك من السقوط في بئر الحرمان أو المشاعر المؤذية فور رحيل الأشياء التي تعلقت بها ، فبتلك المحاولة ستتمكن من تحقيق تلك الخُطوة بكل سهولة دون أي جهد مضنٍ أو طاقة كبيرة أو معاناة و ستنعم بمزيد من الراحة والهدوء و السلام النفسي الذي يعود عليك فور التعود علي الزهد في الأمور التي لم تتحقق بَعْد وبالتدريج سيقل تعلقك بما لم يُكْتَب لك أو لم تره عينك كواقع حيّ ملموس و ستهدأ نفسك وتستكين و تستقر عواطفك التي قد تندفع وراء أمور خاطئة ليس بها صالحك ولكنها مضرة لك وحتماً ستصيبك بالأذي إنْ اقتربت منها أو حاولت الحصول عليها رغماً عن كل الظروف المحيطة التي تؤكد استحالة منفعتها لك ، فلتكن أكثر ذكاءً وحرصاً علي مشاعرك حتي لا تشتتها أو تجعلها مضطربة طوال الوقت فلم يمنحك الله إياها سوي لتُوظِّفها في موضعها المناسب الذي يحقق لك السعادة و السكينة و الاستقرار النفسي ، فلا تفرط فيها أو تُلْقِيها وتهدرها بلا أي تقدير أو حفاظ عليها حتي لا تُعاقَب بتلك العواقب الوخيمة التي ستلحق بك ...
Post A Comment: