جلس أمامي في نفس المكان الذي اعتاد الجلوس فيه المقهى كل صباح ... في بداية الشيخوخة صامت يجلس وحده أكثر الوقت.... صمته ليس لعدم قدره علي المناقشة والشرح، بل هو صمت عن رغبه واختيار ......... أشعر أنه يعيش تحت سيطرة حالة من الزهد في كل شيء في الفترة الأخيرة ، لم يعد يتنظر من الحياة أكثر مما عرفه وخاضه من تجربة عريضة، لم يعد هناك متسع من الوقت للأحلام أو المغامرة......... فقد عاش كثيرا وفكر وفرح وحزن واستمتع أكثر مما كان يتوقع ..... هذا ما تقرأه على وجه يعكس عن ما بداخله بوضوح شديد...... بدا على صفحة وجهه أنه يراجع قراراته الماضية يتمنى أن منها الأخطاء ...... يجتر حياته السابقة لا أعرف هل يلوم نفسه أنه عاش حياته على انتهت عليه .......؟ وكان يتمنى لو عاشها بصورة مختلفة ....؟ تموج وتحضر الدنيا في ذهنه لعله يهرب من كل ذلك بأقداح القهوة التي يحتسيها متتاليه يصاحبها عدد كبير من السجائر........هذا الرجل مسكون بلعنة الإدراك العميق لمعنى الحياة و الوعي والضجيج الصاخب..... وعيه وإدراكه أصبح عبئ في أكثر لم يعد يستطيع تحمله... لقد تمكن من هذا الرجل ماضيه متمثل فى: الفكر والوعي وهو الآن يحاول منه الفكاك والهرب ولكنه يجده أمامه شبح رهيب رابض منتظره فى الطرق التى يسلكها في محاولة للهروب منه....ولم شيء يستحق الشرح والتحليل وفك الرموز والألغاز كل شيئ واضح تماما تقرأه بغير لغة بوجدانك ونفسك وروحك.....أصبح الرجل كتابا مفتوحا يقرأه الجميع حاولت كثيرا عدم الإهتمام به وعدم النظر إليه حتى لا تأخذني الشفقه عليه ...
Post A Comment: