في كثير من قراءاتي المتعددة سواء في الدواوين الشعرية ، أو في المجاميع التي تصدر بين الفينة و الأخرى أقف عند ملاحظةٍ رئيسةٍ تتمثل في هيمنة ما يمكن أن نسميه ب" التقريرية " ، و ما يترتب عنها من ضعف في العوالم الفنية و الجمالية ، و أساساً في العوالم التصويرية ، و التخييلية في النصوص و القصائد .
فهل تعتبر التقريرية عيباً في الكتابة الشعرية ؟
يبدو لي أن الشاعر نوعان :
شاعر يشكل الصورة من احساسه بالأشياء ، و شاعر آخر يشكلها إنطلاقاً من رؤيته لهذه الاشياء ، و هذا التعاطي المزدوج مع الشعر يجعلني ألتمس الاعذار في كتابات بعض الشعراء ، و مع هذه الأعذار التي أبررها شعرياً ، و شعورياً من خلال انخراط العديد منها في مشروع الحداثة الشعرية ، إلا أنني لا أرى مسوغاً ، ذاتياً أو موضوعياً ، لوقوع بعض الشعراء في ظاهرة الهتاف الشعري التي بدأت تتسع و تتمدد في القصيدة الشعرية الراهنة .
إن ظاهرة الهتاف الشعري هي الوجه الآخر للتقريرية في الشعر ، و يمكن أن نستدل على هذه الظاهرة الجديدة /القديمة بنصوص الشاعر التونسي أنيس شوشان أو بنصوص الشاعر المصري هشام الجخ على أني أستثني نصوص و كتابات الشاعر العراقي أحمد مطر .
إن هذه الكتابات عند الشاعرين ، و عند غيرهما ، هي الحجة الواضحة - كما أتصور - على أن الشاعر يجنح نحو التقريرية أكثر من جنوحه نحو عوالم التخييل ، و التصوير ، و هي حجة ثانية على أن الشاعر يغلب عليه الهتاف اكثر ما تغلب عليه الرؤية الفنية التي تمنح النصوص الشعرية ذائقة ابداعية لا تحققها في تقديري سوى عوالم التخييل الفني .
و لذلك يلجأ كثير من الشعراء إلى اللغة المفهومة ، الواضحة ، القريبة من لغة الحديث اليومي ، رغم الحاجة إلى توابل" الشعرية " من انزياح ، و استعارة ، و أنسنة و غيرها .
Post A Comment: